واشنطن - «نشرة واشنطن» - يؤكد مؤيدون أميركيون للتجارة الحرة أن تزايد الصادرات الأميركية يفيد الشركاء التجاريين الخارجيين للولايات المتحدة لأن صادرات الشركات الأميركية تشمل أجزاء كثيرة مستوردة من الخارج. يقول رئيس المجلس القومي للتجارة الخارجية الأميركي ويليام رينش: «صعب للغاية في عالم اليوم تعزيز الصادرات من دون زيادة الواردات في الوقت ذاته. إنه العالم الجديد لسلسلة التوريد العالمية، فالشركات الأميركية تزيد من مشترياتها من قطع الغيار والمكونات الأخرى من المورّدين الأجانب، للاستفادة من خفض الحواجز التجارية». وعلى رغم ندرة الأرقام الدقيقة عن الموضوع، ثمة إثباتات تشير إلى أن المحتوى الأجنبي في الصادرات الأميركية أصبح ذا شأن، فقِطع جهاز الموسيقى «آيبود» الذي تصنعه شركة «آبل» الأميركية وتبيعه تأتي من مصادر كثيرة في الخارج، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين وتايوان، وفقاً لدراسة أجراها ثلاثة أساتذة في جامعة كاليفورنيا عام 2008، فضلاً عن أن الجهاز يُجمَّع في الصين. وفي حين تستمر الولاياتالمتحدة في تصدير كميات كبيرة من السلع التامة الصنع، فضلاً عن المعادن والمنتجات الزراعية، يتحول اقتصادها على نحو متزايد إلى اقتصاد خدمات وابتكار، وفقاً لخبراء في الاقتصاد. ويرى رينش أن هذا يعني أن المكوّن الفكري، مثل تصميم المنتج أو برنامج الكومبيوتر الحاصل على براءة الاختراع، يصبح المساهمة الأميركية الأكثر قيمة للمنتج. ومثال على ذلك مرة أخرى هو جهاز «آيبود». فشركة «آبل» هي التي وضعت التصميم والبرمجيات لإنتاجه، وهذه ملكية فكرية حائزة براءة اختراع خاصة بالشركة. والجزء الأجنبي الأغلى في هذا الجهاز هو محرك الأقراص الصلبة المزود من شركة «توشيبا» اليابانية بقيمة 73 دولاراً لكل منها. وأوضحت الدراسة أن «آبل» تحصل على 80 دولاراً ربحاً من كل جهاز «آيبود» يُباع ب 299 دولاراً، ما يزيد عن حصة أي شركة أخرى تشارك في إنتاج هذا الجهاز. وعندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مبادرة التصدير القومية في كانون الثاني (يناير) الماضي، بهدف مضاعفة الصادرات الأميركية على مدى خمس سنوات، وصف الابتكار والإبداع والبراعة التي يتمتع بها الشعب الأميركي بأنها تمثل الرصيد الأعظم للولايات المتحدة. وتابع أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى توليد مزيد من النمو من الصادرات وتقليل الاعتماد على الاستهلاك المحلي من أجل تعافيها الاقتصادي. النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات وتتباين الآراء حول إمكانية تحقيق أهداف الرئيس المتمثلة في مضاعفة صادرات الولاياتالمتحدة على مدى خمس سنوات، واستحداث مليوني وظيفة للأميركيين خلال هذه الفترة، إذ استغرق الأمر 12 سنة كي تتضاعف الصادرات الأميركية من السلع والخدمات إلى 1.64 تريليون دولار بحلول عام 2007، وفقاً لإحصاءات مكتب الإحصاء الأميركي حول التجارة الخارجية. وتراجعت الصادرات في شكل طفيف منذ ذلك الحين، إذ بلغت قيمتها 1.55 تريليون دولار العام الماضي. ويستبعد نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية الدولية في «الرابطة القومية للمصنعين الأميركيين» فرانك فارغو تحقيق أهداف أوباما، داعياً الحكومة الأميركية إلى العودة إلى سياسة التفاوض وتنفيذ اتفاقات جديدة للتجارة الحرة. ويقول: «إن 40 في المئة فقط من صادراتنا مشمولة باتفاقات التجارة الحرة حالياً». وكان أوباما تعهد بالحصول على موافقة الكونغرس على اتفاقات للتجارة الحرة مع باناما وكولومبيا وكوريا الجنوبية، كانت حكومة الرئيس جورج بوش فاوضت عليها، والتحرّك بقوة في شأن اقتراح الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي مبادرة لدمج اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ومن العوامل الأهم التي ستقرر نجاح مبادرة التصدير هذه معدل النمو الاقتصادي في الدول المستوردة وسعر صرف الدولار. لكن الحكومة الأميركية لا تملك كثيراً من القدرة على التحكم في عوامل كهذين، إذ حضت واشنطن الصين منذ فترة على التحرك نحو سعر صرف لليوان أكثر اعتماداً على قوى السوق والسماح بزيادة قيمته، ما يجعل السلع والخدمات الأميركية أقل كلفة في الصين. ومع ذلك، لم تقم بكين سوى بتعديل طفيف لسياسة العملة لديها في السنوات الأخيرة. ويمكن الحكومة الأميركية أن تعزز من المبيعات الأميركية في الخارج عبر تقديم الدعم الكامل للمصدرين الأميركيين، كما يقول الخبراء. ويشرح أوباما أن هذا الأمر هو جزء رئيس من مبادرته الخاصة بالصادرات، خصوصاً في ما يتعلق بالشركات المتوسطة الحجم والصغيرة، التي تفتقر غالباً إلى الموارد أو الخبرة لدخول الأسواق الخارجية. ودعا الرئيس إلى إصلاح نظام ضوابط التصدير، الذي يقيد مبيعات منتجات ذات تقنية عالية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ويقول مصدرون إن عملية ترخيص الصادرات المرهقة والمعقدة والعائدة إلى حقبة الحرب الباردة تحبط همّة الشركات لناحية بيعها السلع في الخارج، وتضعها في وضع غير مؤاتٍ أمام منافسيها الأجانب. وبسبب انتخابات منتصف الولاية الرئاسية للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لا يُتوقَّع اتخاذ قرارات في شأن هذه القضية قبل عام 2011، بحسب مديرة ضوابط الصادرات في «الرابطة القومية للمصنعين الأميركيين» كاثرين روبنسون.