في تطور مثير قررت محكمة الجنايات الكبرى محكمة مدنية المختصة بمحاكمة 7 قطريين متهمين بپ"تأسيس جمعية غير مشروعة" تستهدف "قلب نظام الحكم" و"افشاء أسرار حربية" الافراج عن أربعة متهمين "بكفالة مالية مقدارها عشرة آلاف ريال عن كل واحد منهم". وحددت هيئة المحكمة برئاسة القاضي مسعود العامري، وتضم القاضيين علي البوعيشي وخالد السويدي الرابع والعشرين من كانون الثاني يناير الجاري موعداً للحكم مع استمرار حبس المتهمين الأول امان ماجد امان موظف 40 عاماً والثاني محمد ماجد امان عقيد 41 عاماً والرابع خميس مفتاح فرج النجراني عقيد 42 عاماً. وكانت المحكمة اصدرت قرار الافراج بكفالة مالية عن بعض المتهمين الى حين موعد الجلسة المقبلة في ساعة مبكرة صباح أمس بعد جلسة استمرت من العاشرة صباح الأحد الى الواحدة ظهراً وأخرى مسائية من نحو الثامنة مساء الى الواحدة صباح أمس، والمتهمون الذين تقرر الافراج عنهم هم الثالث حسن ماجد امان نقيب 32 عاماً والخامس عمر ماجد امان موظف 35 عاماً والسادس محمد أحمد راشد المهندي موظف 33 عاماً والسابع حمد فرج حمد عزران المري تاجر 40 عاماً. وأثار هذا القرار ارتياحاً في أوساط أهل المتهمين الأربعة كما أشاع ارتياحاً أيضاً في أوساط المحامين الذين كانوا يطالبون منذ بدء النظر في القضية بالافراج عن المتهمين، مشيرين الى طول فترة الاعتقال. وشهدت "الحياة" أمس في مكتب "رئيس القلم" في المحكمة الجنائية الكبرى قيام بعض أهالي المتهمين الأربعة بايداع مبالغ الكفالة المالية التي حددتها المحكمة للافراج عن المتهمين وذلك تمهيداً للافراج عنهم. وبالفعل تسلم آخر شخص دفع المبلغ ايصال استلام الكفالة المالية حوالى الساعة الثانية عشرة ظهراً فيما كانت اجراءات تسلم الكفالة المالية لثلاثة متهمين اكتملت في التاسعة صباحاً. وفي ضوء هذا يتوقع ان يتم الافراج عن المتهمين الأربعة في أي لحظة بعد ان تتسلم الجهة الأمنية التنفيذية "أمر افراج" من رئيس المحكمة او من ينوب عنه. وجاء قرار المحكمة تحديد موعد للنطق بالحكم والافراج عن أربعة متهمين الى حين صدور الحكم بعد جلسة ساخنة قدم فيها الادعاء العام والمحامون مرافعاتهم وكان ممثل الادعاء العام النقيب مبارك العلي بدأ المرافعة داعياً المحكمة الى "أخذ المتهمين بسيف العدل" و"توقيع أشد العقوبة على المتهمين اعمالاً للقانون وللحفاظ على مؤسسات الدولة وهيبتها". وقال ممثل الادعاء: "ان المتهمين مذنبون والاعترافات سليمة" من حيث "تورطهم في المحاولة الانقلابية في شهر فبراير شباط 1996" وأنهم "أمدوا أعوانهم في الخارج بمعلومات عسكرية وشكلوا مجموعة لقلب نظام الحكم بالقوة"، ووصف أقوال المتهمين بپ"الكذب" ومحاولة "استدرار عطف المحكمة". وقال مخاطباً المحكمة "لا تأخذكم رأفة بمن حاولوا ضرب أمن البلد". اما محامو الدفاع فوجهوا انتقادات شديدة لاجراءات القبض على المتهمين واعتقالهم. وقال علي النصف البوعينين محامي المتهم الأول الذي قررت المحكمة استمرار حبسه حتى موعد النطق بالحكم ان "موكله تعرض لكل أشكال التهديد والضغط النفسي والبدني والارهاب من جانب رجال التحقيق والاستخبارات العسكرية منذ اعتقاله في 2/6/1996 عندما كان يحاول مغادرة البلاد". وقال انه تم استجواب موكله بمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ومنعه من النوم واعطائه حبوب مهلوسة للايحاء بما يريدون ان يسمعوه منه وأن يعترف به ليسجلوه بدورهم". وأضاف ان المتهم الأول واخوانه 4 أشقاء يشكلون العدد الأكبر من المتهمين وأن شروط الجماعة او الجمعية السرية التي اتهموا بتأسيسها تفترض ألا يقل عدد أفرادها عن سبعة أفراد وهم المتهمون سبعة فقط، مشيراً الى انه "لم يثبت ان هذه الجمعية موجودة على الأرض فعلاً". وقال "انها موجودة على ما يبدو في رأس رجال التحقيق". اما عن التهمة الثانية وهي "افشاء أسرار حربية" فقال: "هناك فرق بين الأسرار العسكرية والمعلومات العسكرية، فالأخيرة متاحة في المجلات المتخصصة وتنشر دورياً". ولفت الى "ان دولة قطر عضو في مجلس التعاون الخليجي وفي درع الجزيرة وأن وزراء تلك الدول يجتمعون باستمرار وكل منهم لديه المعلومات عن الدولة الأخرى". وأضاف: "ان ما ذُكر عن ان موكلي افشى أسراراً عسكرية ليس سوى معلومات عسكرية عادية". وتابع: "ان لتلك الدول طرقاً أخرى للحصول على المعلومات التي تريدها ومن جهات أخرى". ولفت ايضاً ان بين القطريين الهاربين المتهمين في محاولة انقلابية فاشلة 16 فرداً من القوات المسلحة "تتدرج رتبهم ما بين عميد ورائد ونقيب، وأن لدى هؤلاء المعلومات الكافية عن قواتنا وليسوا بحاجة للمعلومات التي قدمها موكلي". ورأى ان شهادة الشاهد الأول رئيس لجنة التحقيق الذي قدمه الادعاء العام حوت "الكثير من المغالطات". من جهته قدم المحامي ناصر الكعبي وهو وكيل المتهمين الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع مرافعة أعرب فيها عن قناعته "بعدالة القضاء القطري"، لكنه وجه انتقادات شديدة "لملابسات اعتقال المتهمين"، ودعا الى "حماية الناس من السلطة التي لا تلتزم القانون". وقال: "لاحظت اعتداء سافراً على حقوق وحريات الناس في هذه القضية"، ورأى "ان رجال الشرطة والادعاء العام وجهاز الاستخبارات هم أول من خالفوا القانون، إذ داسوا عليه لانتزاع الاعتراف من المتهمين". واعتبر ان هذا "سابقة". وشكك ايضاً في شرعية القبض على المتهمين". وقال: "ان المتهمين لم يعرضوا على قاضي التحقيق في الأشهر الپ11 الأولى لاعتقالهم". وانتقد المحامي الكعبي، الذي قررت المحكمة الافراج بكفالة عن 4 متهمين من موكليه من أصل خمسة قاموا بتوكيله، قاضي التحقيق وقال انه "خالف العرف"، مشيراً الى انه طالب المتهمين بالتوقيع على محضر سماع الأقوال مخالفاً ما ينص عليه القانون وهو ان يوقع على المحضر فقط قاضي سماع الأقوال والكاتب. وتحدث المحامي الكعبي عن مخالفة قانونية أخرى قال ان رجال الشرطة ارتكبوها وهي "القبض على موكليه من دون وجه حق ومن دون أمر قبض او تجديد الحبس". واعتبر ان اعتقال المتهمين "مخالف للقانون" ووصف ما أدلى به المتهمون من أقوال بأنه "ليس سوى دردشة لا تصل الى مصاف الاعتراف" لأنهم "حصلوا عليها أي الاعترافات خلافاً للقانون". كما اعترض على قبول شاهدي الاتهام كبينة "إذ لا يجوز ان يشهد الشاهد إلا بما يدركه بنفسه عن طريق حواسه الخاصة". ورأى "ان استبعاد شهادة الشاهدين هي احترام للقانون وعدم مكافأة للشرطة والادعاء العام على عدم التزامهم القانون ومخالفتهم نصوصه حتى لو كان ذلك ممكناً ان يؤدي الى الافراج عن المتهم". وحول رسالتين قدمهما الادعاء العام، قال ان الأولى ارسلها عمر مرزوق في الامارات الى المتهم الأول والثانية رد من المتهم الأول على الرسالة. وأضاف المحامي الكعبي "ان الرسالتين مقدمتان من دون حافظة مسندات، وأن الرسالة المزعوم صدورها من عمر مرزوق "عبارة عن صفحتين، وهي معنونة باسم السادة الاخوان ولا يفهم من ذلك انها موجهة الى المتهم الأول". كما اشار المحامي عبدالله الخليفي، وهو وكيل المتهم الرابع خميس وهو عقيد في القوات البرية وقررت المحكمة استمرار حبسه حتى النطق بالحكم، الى "بطلان التحقيقات" التي اجرتها جهات التحقيق"، مشيراً الى ان القانون ينص على عرض المتهم على القاضي في غضون فترة لا تتجاوز الپ48 ساعة وأن الأمر يتحول الى اعتقال إذا تعدى هذه المدة "ما يلزم العقوبة على منفذيه"، وطالب "بمعاقبة منفذي الاعتقال". وقال ان اتهام موكله بتهمتي المشاركة في جمعية سرية وافشاء سر من الأسرار الحربية "لا يقوم على برهان ولا دليل"، وشدد على أهمية توافر "الركنين المادي والجنائي لاثبات التهمة". ولوحظ ان المحاكمة تتم وفق اجراءات محكمة عادية رغم ان القضية تتعلق بأمن الدولة كما سُمح للصحافيين بتغطيتها، ويرى قانونيون ان قرار الافراج عن أربعة متهمين يعكس "استقلال القضاء" القطري. ويتوقع مراقبون ان تشهد جلسة النطق بالحكم تبرئة بعض المتهمين، ويذكر ان المتهمين الأربعة الذين تقرر الافراج عنهم بكفالة انكروا جميعاً ما نسب اليهم من تهم وذلك حسب ما ورد في صحيفة الاتهام التي قدمها وكيل المدعي العام في 24 كانون الأول ديسمبر الماضي، فيما قالت صحيفة الاتهام ان المتهم الأول اعترف اثناء التحقيق بما نسب اليه وكذلك الرابع وأنكر التهمة المتهم الثاني المعتقل حالياً مع المتهمين الأول والرابع. وسيشهد الشهر المقبل محاكمة 110 متهمين في محاولة انقلابية كانت السلطات أعلنت عن احباطها في عام 1996 وسيمثل أمام محكمة الجنايات الكبرى مدنية ايضاً 70 متهماً وهناك 40 متهماً في الخارج.