قد يكون صحيحاً ان وراء كل عظيم امرأة، ولكن هذه الامرأة قد تدفعه الى الهاوية. وهذا ما حدث لكثير من المشاهير والزعماء والرجال عبر التاريخ، فكيف بالرئيس الاميركي بيل كلينتون الذي اتهم باقامة علاقات مع مئة امرأة، ويا للهول!؟ ومع هذا فإن كلينتون المنكوب، حسب تفاصيل الفضائح المتساقطة على رأسه وبينها قضية باولا جونز ومونيكا لوينسكي، مريض بهوس جنسي يدفعه لتصرفات تضر به وتنزع عنه هيبته، وتهدد مستقبله السياسي والعائلي. وهو، على ما يبدو، "دون جوان" فاشل و"كازانوفا" خائب، وإلا كيف نفسر رواية جونز عن حاكم ولاية اميركية يستدعيها الى غرفته في الفندق ثم ينزع سرواله فجأة امامها ليطالبها بأمور معينة غير صالحة للنشر بلا "إحم ولا دستور" كما يقول المثل الشعبي! سبق كلينتون عشرات الرؤساء والوزراء الذين اقاموا علاقات نسائية، بل ان احدهم كان شاذاً، ولم يطلهم الاعلام ولا اطاحتهم فضيحة، ولا كشفتهم امرأة إلا بعد وفاتهم كما حدث لجون كنيدي الذي حيكت الاساطير حول علاقاته العاطفية والجنسية وأشهرها علاقته بالممثلة الراحلة مارلين مونرو. فالخيبة اذن اوقعت بكلينتون، والهوس الجنسي ورطه في مشاكل كان بغنى عنها لينهي ولايته الثانية بسلام وهدوء وسمعة عطرة ويسلم الراية الى نائبه آل غور ويحافظ على مكتسبات حزبه الديموقراطي في وجه الذئاب الجمهورية التي تتربص به. ولكن الخيبة وحدها لا تكفي اذ لا بد من وجود اصابع خفية تحرك الدمى، وتختار توقيت نشر الفضائح حسب مصالحها. وهذا ما يفسر مشاركة جهات رسمية متعددة في خطة الايقاع بالرئيس مثل المحقق الخاص وال "اف بي آي" عبر البحث عن نساء على استعداد للشهادة ضد الرئيس وتسجيل مكالمات الفتاة اليهودية مونيكا لوينسكي بتحريض من ناشرة يهودية بواسطة عملية لمكتب التحقيقات الفيديرالي، وربما زرعت هذه الفتاة وغيرها في البيت الابيض، الذي تحول الى بيت اسود، لجر كلينتون الى شباك فخ محكم بهدف ابتزازه وتحطيمه في الوقت المحدد! ومن يزرع الريح يحصد العاصفة، والمال السائب يعلم الناس الحرام، فقد فتح الرئيس ابواب البيت الابيض واداراته الاخرى امام عملاء اللوبي الصهيوني الذين حولوه الى بيت موال لاسرائيل. وها هو يدفع ثمن ثقته باناس لا يستحقون الثقة، وفي وقت يفترض انه في مركز قوة واقتدار على اتخاذ اي قرار بعد ان تحرر من ضغوط التجديد لولاية ثانية، ولا سيما بالنسبة الى قرار السلام في الشرق الاوسط ومواجهة الاعيب نتانياهو. وقد اشتكى رئيس وزراء اسرائيل الليكودي بعد زيارته الاخيرة لواشنطن من ان كلينتون قال له ان صدام حسين هو مشكلته الاولى، وأنه أي نتانياهو المشكلة الثانية قبل ان يقع في طامة الفضيحة الجنسية! اما نتانياهو فقد عاد منتشياً بنجاحه في اجتياز امتحان زيارة واشنطن، فبانشغال كلينتون بالفضيحة، والشلل الكامل الذي سيلحق بمسيرة السلام تطلق يد الصهاينة في العربدة وتسريع خطوات التهويد والاستيطان ونسف اتفاقات اوسلو وفرض الامر الواقع على اي رئيس قد يخلف كلينتون، او حتى على كلينتون الجريح اذا خرج من هذه الورطة سالماً! اما صدام حسين، الذي فرح اعلامه بالفضيحة وارتاح منظروه وتنفسوا الصعداء شماتة بزعم انها ستخفف من الضغط على العراق وتساعد في رفع الحصار ووقف التهديد باستخدام القوة، فانه سيفاجأ قريباً بأن حساباته مخطئة لأن كلينتون قد يحاول فك "حصار الفضيحة" عنه بتصعيد خارجي، وفي العراق بالذات باستخدام القوة، مع ان الضربة كانت مقررة من قبل. اما اذا سقط كلينتون فإن غور سيواصل المشوار ويحاول ان "يتمرجل" ويبدأ عهده "بقطع رأس القط" لإثبات رجولته وحسمه وحزمه. وينطبق هذا الامر على أي رئيس آخر من أي حزب سيصل الى البيت البيض، لأن سياسة الولاياتالمتحدة ازاء العراق واحدة تقريباً. اما اسرائيل فهي المستفيدة من كل الاحوال الاميركية!! خلجة لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم ولا رضيت سواكم في الهوى بدلاً لكنه راغب في من يعذبه وليس يقبل لا لوماً ولا عتباً؟!