ليس الجيل الجديد من "كليو" مجرّد "موديل آخر" تطلقه رينو حالياً لخلافة جيله الأول الذي نزل محل رينو "5" في 1990، بل هو خصوصاً أول الموديلات الفرنسية الصغيرة والجديدة التي ستتواجه في السنة المقبلة مع موديل مختلف، سيصبح فرنسي الإنتاج من دون أن يكون فرنسي الماركة: نعم، من تويوتا. فالصانع الياباني الأول مضى حديثاً في مشروع بناء مصنع جديد قرب مدينة فالانسيان الفرنسية، لإنتاج سيارة تنتمي الى قطاع السيارات الصغيرة B segment، في أشكال عدة 5 أبواب وكوبيه وبيك آب وتُعرف قاعدتها المشتركة بتسمية "إن بي سي NBC" إختصاراً لترجمة "مفهوم جديد لسيارة بي B". وستستوحي تلك الموديلات أشكالها من نماذج "فانتايم" و"فانكوبيه" و"فانكارغو" التي عرضتها تويوتا في معرضَي فرانكفورت وطوكيو الخريف الماضي. ومع أن إنتاج تويوتا لن يبدأ في فرنسا قبل سنتَي 2000 و2001 طاقة إنتاجية ستبدأ من 100 ألف وحدة سنوياً لتصل الى 200 ألف وحدة لاحقاً، ومع "فانتايم" أولاً 5 أبواب ثم "فانكوب" كوبيه، فهي ستُصدّر السيارتَين الى أوروبا من اليابان إبتداء من أواخر 1999، في إنتظار بدء الإنتاج الفرنسي. من تلك الزاوية تحديداً تبدو دقّة وضع موديل رينو الجديد الذي سيتواجه، حتى قبل وصول موديل تويوتا، مع وريث بيجو "205" 207 الذي سيُطلَق بدوره الخريف المقبل. لم يعد في وسع الصانعين الفرنسيين الرئيسيين، رينو ومجموعة بي إس أ بيجو وسيتروان تجاهل "الأمر الياباني الواقع". فبعدما كانت بريطانيا تعتبر "حاملة السيارات" اليابانية وحصان طروادة الى أوروبا القارّة، إذا بتويوتا تدق الباب لتجد ترحيباً فرنسياً عاماً هذه المرّة لإنشاء أول مصانع سياراتها في فرنسا: فعوضاً عن ترك الوظائف تستغل في بلد أوروبي آخر، فضّل الفرنسيون أخيراً الحصول عليها وتصدير السيارات من عندهم، عوضاً عن إستيرادها في أي من الأحوال، لا سيما مع إنتهاء تحديد حصص إستيراد السيارات اليابانية في نهاية العقد الحالي. قطاع "ب" لن تقع المعركة المقبلة بين "مجرّد موديلات صغيرة"... بل بين موديلات قطاع يمثّل ثُلث مبيعات السيارات السياحية في أوروبا، أي نحو 4 ملايين وحدة سنوياً يتوقّع وصوله الى خمسة ملايين وحدة في العقد المقبل. والأسوأ من ذلك لرينو هو أن 40 في المئة من إنتاجها ينتمي الى هذا القطاع تحديداً، ما يشير الى مدى تأثّر الصانع الفرنسي بأي تطوّرات قد تصيبه... مثل وصول تويوتا لإنتاج سيارة من هذا القطاع وفي سوقه بالذات! ولا يعود نمو مبيعات هذا القطاع في أوروبا من 27 في المئة في 1981، الى نحو 32 في المئة منذ 1985 الى إرتفاع سعر الوقود وحده، بل خصوصاً الى تحسّن جودة هذه السيارات ومساحاتها الداخلية، ومحدودية حجمها الخارجي وسهولة المناورة بها بالتالي في المدن، ناهيك بتحسّن تجهيزاتها لتشمل على الأقل في بعض فئاتها التعزيز الهيدروليكي للف والعلب الأوتوماتيكية والتكييف والتحريك الكهربائي للنوافذ والمرآتين الخارجيتين وغيرها، فأصبحت بديلاً مقنعاً لمن لا يحتاجون الى أكثر من التنقل في المدن في معظم الأحيان، ولو مع شخص أو إثنين أو حتى ثلاثة أشخاص من وقت الى آخر. الإنتاج تنتج "كليو" الجديدة في ثلاثة مصانع في أوروبا: في فلان Flins في ضواحي باريس، وفي بلد الوليد في إسبانيا، وفي نوفو ميستو في سلوفينيا ثم في البرازيل إبتداء من 1999. طاقة الإنتاج الإجمالية 2300 سيارة/يوم أنتج من الجيل السابق من "كليو" 8.3 مليون وحدة. "كليو" وتعود إطالة هيكل الجيل الجديد من "كليو" ستة سنتم عما في سابقه، الى عدم إندراج "كليو" اليوم في مدخل موديلات الصانع كما كان الأمر مع الجيل الأول، بل فوق موديل "توينغو" الذي تسلّم هذا الدور منذ إطلاقه في 1993. وتقع "كليو" الجديدة عُرفَت برمز "إيكس 65" تسويقياً فوق "توينغو" الأصغر حجماً والأبسط تجهيزاً لخفض ثمنها، والى جانب خيار "كانغو" الأكثر ترفيهياً وعملانية، وتحت "ميغان" المتوسطة-الصغيرة C segment. ويبلغ طول "كليو" 773.3 متر وعرضها 639.1 متر 94.1 مع المرآتين وقاعدة العجلات 472.2 متر . وتراوح أوزان فئاتها بين 880 و1000 كلغ، علماً بأنها تتوافر بثلاثة أبواب أو خمسة. سعة الصندوق الخلفي 255 ليتراً، وقطر اللفة الدائرية الكاملة 3.10 متر أرضاً، و67.10 بين الجدران، بإستثناء فئة الصمامات ال16 75.10 أرضاً و10.11 بين الجدران. خيارات المحرّكات المتاحة في البداية خمسة بأربع أسطوانات، أربعة منها بنزينية سعاتها 2.1 ليتر 60 حصاناً و4.1 75 حصاناً و6.1 ليتر 90 حصاناً في فئة الثمانية صمامات و110 أحصنة في فئة الستة عشر صماماً، والخامس ديزل عادي السحب سعته 9.1 ليتر 65 حصاناً. وأطيلت مهلة غيار الزيت من 15 الى 20 ألف كلم للمحرّكات البنزينية، ومن 10 الى 15 ألف كلم للديزل. ويتوقّع إنضمام فئة رياضية عليا مثل "كليو وليامس" البالغة سعة محرّكها 0.2 ليتر 16 صماماً، وقوته 150 حصاناً. وإضافة الى خيار العلبة اليدوية ذات النسب الأمامية الخمس، يتوافر خيار أخرى أوتوماتيكية بأربع نسب أمامية مع إتصال إلكتروني بالمحرّك لتنعيم إنتقال النسب من جهة، ومن جهة أخرى، لإنتقاء المناسبة منها تبعاً لتسعة برامج مختلفة تتبدّل بعد تحليل المعلومات الواصلة عن كل من وضعية دوّاسة الوقود وسرعة حركتها، وسرعة السيارة، وعزم دوران المحرّك وسرعة دورانه في اللحظة المعنية، وسرعة دوران توربين تعزيز العزم في علبة السرعات. لكن خلافاً للعلب المبرمجة مع زر للقيادة الرياضية وآخر للعادية وثالث للإنطلاق من النسبة الثانية أو الثالثة فوق الأرضيات الإنزلاقية، لا تمنح علبة رينو زراً للإنتقال من النمط العادي الى الرياضي بل تضبط غيار النسب آلياً حسب أسلوب قيادة السائق، هادئاً كان أو عصبياً، أو حسب طبيعة الطريق. لكنها مجهّزة بزر لتسهيل الإنطلاق فوق الأرضية الإنزلاقية. التعليق الأمامي من نوع ماكفرسون بنابض لولبي يحيط بأعلى أسطوانة التخميد في كل من الجانبين، مع عارضة تحد من التمايل الجانبي في الفئات كلّها وليس في العليا منها وحدها، بينما في المؤخّر نظام تعليق نصف مستقل ويعتمد عارضة إلتوائية متصلة بالساعدَين الساحبين لمجموعتَي العجلتين الخلفيتين، مع نابض لولبي منفصل عن أسطوانة التخميد في كل من الجهتين. الكبح الأمامي بقرصَين مليئين أو مهوّأين حسب الفئات، والخلفي بطبلتين أو قرصين مليئين. كذلك، يتوافر مانع الإنزلاق الكبحي ABS، إنتاج بوش فئة 3.5 مع نظام ضبط آلي لدرجة الضغط لكن حسب الفئات. وسائل الحماية من ناحية وسائل الحماية الساكنة Passive safety، تتمتّع "كليو" حسب الفئات والأسواق بوسادتين هوائيتين مواجهتين 70 ليتراً جهة السائق و150 ليتراً جهة الراكب الأمامي وأخريين جانبيتين في ظهرَي المقعدَين الأماميين سعة كل منهما 10 ليترات وهما تخففان الضغط عن الصدر في الحوادث الجانبية، لكنهما ستبدلان أواخر السنة الجارية بوسادتَين أخريين أكبر منهما حجماً 18 ليتراً لتحميا الصدر والرأس معاً. أما الأوراك فتتولى حمايتهما بطانات مخمّدة في الأبواب. حزاما السلامة الأماميان ذاتيا الإنقباض في المقدّم لشد السائق والراكب الى مقعديهما لحظة حصول الحادث، قبل التراخي بضعة سنتمترات في غضون لحظات لمنع تأثّر عظام الصدر والبطن من الحزام، لكن هذه التقنية ستعتمد أيضاً في حزامَي الراكبَين المحاذيين للبابين الخلفيين إبتداء من إنتاج أواخر السنة الجارية. مفارقات لا شك في أن الصانعين الفرنسيين حسّنوا ولا يزالون يحسّنون سيّاراتهم ووسائل إنتاجها بسرعة كبيرة. وهي تعتبر في الواقع من أفضل المنتوجات في قطاعات السيارات الصغيرة والمتوسطة، وحتى المتوسطة-الكبيرة حجم رينو "لاغونا" أو بيجو "406". لكن عندما "تتحفنا" رينو بأن تطوير الجيل الثاني من "كليو" لم يتطلّب أكثر من 40 شهراً، وأنه كلّف 5.7 بليون فرنك نحو 25.1 بليون دولار أميركي، وأنه يخلف الجيل الأول بعد ثماني سنوات من إطلاقه فقط، وليس بعد 13 سنة كالتي فصلت بين رينو "5" والجيل الأول من "كليو"، ففي وسع تويوتا، "جارتها" المقبلة، أن تهمس في أذنها أن أرقاماً كهذه لا تبرر التمادي في الإنشاء، لأن معدّلات تطوير الموديلات الجديدة لدى صانعين كثيرين خصوصاً اليابانيين تراوح بين 24 و36 شهراً، من دون أن يكلّف الأمر أكثر من 400 الى 800 مليون دولار إجمالاً في المقاييس الحالية، ومن دون إبقاء الموديل أكثر من ثلاث الى خمس سنوات. التحديث هذا لا يعني أن الصانع الفرنسي لم يأتِ بتحديثات مهمّة، إن في موديله الجديد في حد ذاته، أو في وسائل تصنيعه. ف"كليو" أصبحت تمنح في تجهيزات الحماية ما لا يقل عمّا تجده في سيارة كبيرة وفخمة. وفي المجال الصناعي أيضاً مضت رينو خطوة كبيرة الى الأمام، حتى أن الجيل الجديد من "كليو" يكلّف أقل من السابق بنحو 20 في المئة مع أخذ فارق التجهيز في الحساب. وخفضت رينو نفقات الإنتاج عبر تدابير كثيرة، منها التعاون مع منتجي القطع والأنظمة، وتعديل تصميم مصانع التجميع ونمط وصول القطع إليها، وبخفض معدّل مجموع مركّبات السيارة الواحدة من 3200 الى 2300 قطعة، وزيادة نسبة القطع المشتركة بين فئات الموديل ذاته من جهة مانع الإنزلاق الكبحي والوسادات الهوائية مثلاً وبينه وبين بعض موديلات رينو الأخرى كمجموعة دوّاسات القيادة ومنصّة تركيب المحرّك، وهي مشتركة بين "كليو" و"كانغو". وللحصول على مستوى عالٍ من الجودة ومن دقّة الإنتاج، يُلحَّم جانبا الهيكلية الداخلية بواسطة أشعة اللايزر Laser welding، وهي تقنية أسرع من التلحيم الكهربائي الموضعي Spot welding، وتسمح بتلحيم قطع من سماكات وخلائط معدنية مختلفة. كذلك يذكر بأن الرفرافين الأماميين مصنوعان من الألياف البلاستيكية المركّبة Composites وليس من الفولاذ أخف من الأخير وأقل تأثّراً منه بالخدوشات البسيطة، وأن غطاء الصندوق الأمامي مصنوع من الألومينيوم في أعلى الفئات الرياضية، فيبلغ وزنه نحو نصف وزن الغطاء الفولاذي المركّب في الفئات الأخرى. "كليو" والورق والمستهلك العربي تعرض "الحياة" موديل "كليو" الجديد حسب مواصفاته على الورق، وليس نتيجة أي إختبار. وتندرج رينو في الواقع بين صانعين قلائل لا يعتبرون دعوة الصحافة العربية الى مناسبات إطلاق موديلاتهم الجديدة أمراً ضرورياً، أسوة بدعوتهم لصحافة دول العالمَين الصناعي والثالث على حد سواء. من حق رينو أن تعتبر أن منتوجاتها، خلافاً لسيارات الصانعين الأميركيين واليابانيين، مروراً بالألمان مع مرسيدس-بنز وبي إم ف وآودي وبورشه، أو حتى فرنسيين آخرين مثل بيجو، قد لا تحتاج لإختبار الصحافي العربي لإبلاغ قرائه بحسناتها وسيئاتها. وطبعاً، يعود لكل صانع قرار إعلام زبائنه ودعم وكلائه في مختلف أنحاء العالم، بالطريقة التي يجدها ملائمة لمصالحه. لكن في المكيال ذاته، وبينما يفرض الواجب المهني على الصحافي إبلاغ قارئه بالجديد، فهو يفرض في الوقت ذاته الإبلاغ عن كيفية عرض الصانع منتوجاته عليه. فحتى إختبار سيارة من عند وكيل محلي، وإن لم يكن سيئاً، فهو لا يوازي أهمية حضور مناسبة الإطلاق الرسمية التي تتيح فرص التحدث مع مصممي الموديل المعني ومهندسيه والقيّمين على مشروعه، بعد إختبار السيارة في حد ذاتها.