ثورة الذكاء الاصطناعي تغزو عالم كرة القدم من الباب الواسع    البحرين ترحب بالجهود الدبلوماسية السعودية لإنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية    توخيل: على إنجلترا التخلص من الخوف من الخسارة مع بدء فصل جديد    قطاع خميس مشيط الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات في ممشى الراقي    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    الكشافة السعودية إنسانية بلا حدود في خدمة ضيوف الرحمن    أمانة القصيم توقّع عقداً لمشروع تشغيل وصيانة ونظافة مبنى الأمانة وملحقاتها    جامعة أم القرى تستقبل القنصل لبوركينا فاسو لبحث التعاون الأكاديمي    العمارة السعودية.. تنوّع ثري وهوية متجذّرة    فريق جمعية أضواء الخير التطوعي يواصل جهوده في الحرم المكي خلال شهر رمضان    ثماني سنوات من الطموح والإنجاز ذكرى البيعة لولي العهد محمد بن سلمان    رسمياً... إدراج الملاكمة في أولمبياد لوس أنجلوس 2028    روائع العمارة الإسلامية في أماكن غير متوقعة.. مساجد تبهر العالم    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تناقش السياحة الثقافية وتستعرض إنجازاتها    حرس الحدود في عسير يقبض على 6 إثيوبيين لتهريبهم 120 كجم "قات"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على خطط الجاهزية للعشر الآواخر من شهر رمضان    أسواق الذهب تشهد إقبالًا.. والمشغولات الناعمة الأكثر طلبًا    المساعدات الإنسانية لغزة.. تواجه «تهديدًا وجوديًا»    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى المدينة المنورة    جمعية فهد بن سلطان توزع كسوة وهدية العيد    "النقل" تشدد على اشتراطات نقل البضائع لضمان السلامة والكفاءة    نائب وزير التجارة تشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمتها بالمرتبة الممتازة    عُمان تعود من كوريا الجنوبية بالتعادل    «سلمان للإغاثة» يوزّع 150 سلة غذائية في مدينة صوران بمحافظة حماة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التونسية بذكرى استقلال بلاده    مختص ل "الرياض": مشكلة أسراب الطيور تؤرق خبراء سلامة الطيران والطيارين حول العالم    27% من تداولات الأسهم للمستثمرين الأجانب    2062 ريالا أعلى متوسط إنفاق للسياحة بالأحساء    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة الصين ضمن تصفيات كأس العالم    الولايات المتحدة تواصل عملياتها العسكرية ضد الحوثيين    5 مدن استثمارية لإنتاج البن والتين    بحضور مثقفين وشعراء وإعلاميين.. فنان العرب يشرف مأدبة سحور الحميدي    موجز    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    هدية من "مجمع الملك فهد".. مصاحف بطريقة برايل للمكفوفين ب"أريانة"    معادلة جديدة للاحتلال ومعاناة المدنيين غير مسبوقة.. غزة تحت النار.. تكتيك التفاوض بالدم    ولي العهد والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفيًا تطورات الأحداث في المنطقة    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    رينارد: مرتدات الصين تقلقني    مستشار خادم الحرمين يزور المعرض الرمضاني الأول بمدينة الرياض    "الصحة" تعلن نتائج النسخة الأولى من الدوري السعودي للمشي دوري "امش 30"    بعد محادثة ترمب مع بوتن وزيلينسكي ما السيناريوهات المحتملة لوقف النار    حرائق الغابات والأعاصير تهدد وسط الولايات المتحدة    نائب أمير جازان يقلّد مساعد قائد حرس الحدود بالمنطقة رتبته الجديدة    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    برامج ( ارفى ) التوعوية عن التصلب تصل لمليون و800 الف شخص    رمضان في العالم صلوات وتراويح وبهجة    القوات الخاصة لأمن الطرق.. أمان وتنظيم لرحلة إيمانية ميسرة    ممتاز الطائرة : مواجهة حاسمة تجمع الاتحاد والنصر .. والخليج يلاقي الهلال    رمضان في جازان.. تراث وتنافس وألعاب شعبية    عام على تفعيل مسار بدر التاريخي    مكافآت طلاب عسير 28 من كل شهر ميلادي    7800 مستفيد من المناشط الدعوية بمسجد قباء    2611 بلاغا وحالة إسعافية بجازان    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرض استعادي في باريس . أحمد نوار: حمامة السلام وقفص اقليدس
نشر في الحياة يوم 29 - 01 - 1998

افتتح متحف الفن العربي المعاصر في معهد العالم العربي العام الجديد، بمعرض موسوعي استعادي للفنان المصري المعروف احمد نوار ويستمر العرض حتى الثاني والعشرين من الشهر المقبل.
تشير كثافة الاعمال المعروضة الى الحالة الخاصة التي يتسم بها نوار، اذ اضطلع بمهمات بيينالات القاهرة بصفته رئيس المجلس القومي للفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، اضافة الى مسؤوليته في شؤون الآثار وغيرها.
صيغة اعماله "الهندسية - العضوية" تتطلب المراس ومماحكة السطح بالحياكة والصقل والصيغة الكلاسيكية في تبيان الظلال والكتل. وتشير لوحة تخرجه من كلية فنون القاهرة عام 1967 الى روح الصبر هذه، فقد نفّذ على مساحة عشرة امتار بعرض ثلاثة، ملحمة بشرية بالقلم الرصاص، وكان تأثير المعلمين واضحاً، خصوصاً ميكال انجلو وجيروم بوش. وأكمل نوار تحصيله الفني في مدريد في بداية السبعينات حيث درس تقنيات الحفر والغرافيزم النخبوية، وعقب مشاركته في حرب الاستنزاف جمع قذائف وعتاداً ليجعل منها قصائد بصرية للسلام. ضم المعرض سبعين مأثورة تشكيلية اختيرت من اصل 110 حملت من القاهرة وكل منها في علبة زجاجية سوداء الاطار، مما أكد "سينوغرافية" متوحدة في العرض والاخراج، وبحيث تجري الاحداث الهندسية - العضوية دوماً داخل حيز أو مسرح تربيعي، يتضاعف احياناً الى ثنائيات او ثلاثيات او أكثر، ما خلا لوحة ثنائية تحت عنوان "الانتفاضة" انجزت من شكلين للمثمن.
وتفوقت صالة الحفر والرسم بالحبر الصيني ومجموعة ألوان، لغواش على سواها، لما تحفظه من رهافة الخبرة الغرافيكية، تآلف الخامات وخصوبتها البصرية، ثم اختزالها في جملة بليغة قريبة من اللون الاحادي الاسود. تتفوّق اعمال هذه الصالة في زهدها التعبيري على حشود العناصر الميتافيزيقية المستقبلية في لوحات الاكريليك ذات التقنيات المختلطة لاعتمادها على التوليف وازدحام الملصقات الخشبية والشبكات المعدنية والعناصر المحجمة المتشبثة بالسطح الملون الثنائي الابعاد.
يبتدي نوار تشكيلاته غالباً من فكرة المربع، أو بالأحرى من شبكة تربيعية لها علاقة بذاكرته المدرسية لارتباط هيئتها بصفحات دفاتر الكتابة، يستنبط من وحدتها التربيعية هيئة اللوحة او التشكيل العام، حتى ان المعروضات كانت اشبه بتحولات على مربع فضائي، لكنه يفتل هذا المربع - بعد ذلك - حول محوره، ليصل الى مثيله المائل بزاوية نصف قائمة 45 درجة، لكنه لا يبلغ شكل "المثمن" كما الامر في نجميات الرقش الاسلامي او لدى فازاريللي وانما يقتصر من المربع المائل الجديد على نصفه العلوي فيحصل على هرم تثليثي بما يحمل من أبعاد رمزية محلية، وهنا نعثر على اللقاح الحيوي بين تعامدية خطوط المربع الساكنة وديناميكية خطوط الهرم المائلة، وهي علاقة نصبية تشبه كواليس المسرح التي ستقدم الشكل العضوي المركزي.
واذا غابت المفردة الهندسية الثالثة وهي "الدائرة" فالشكل العضوي تنطلق تكويراته منها، وهو غالباً يمثل طائراً في حالة رفيف متمزق، سواء أكانت هيئته حمامة سلام أم عقاب نسر أو صقر متقرح، تبدو تكويرات الطائر في شتى هذه الحالات اسيرة "هندسات اقليدس" وقفصه "الديكارتي" الغرافيكي المنجز بالمسطرة والفرجار. وتقود هذه الثنائية الى جملة من التعارضات، على غرار المنازعة بين السطح ذي الابعاد الثلاثة أو الثنائي الابعاد، وذلك ضمن حوار ادراكي ملتبس، لا يخلو من مخاتلات فن "الوهم البصري" الذي يضع العين أمام حقيقتين متناقضتين ومتساويتين في الشدة تقودان الى دغدغة فيزيائية، وحيرة روحية.
يبتدئ هذا التعارض من العناوين والموضوعات الملتزمة، وخرائط العمل الهندسي المنشغل بالايقاع والمقام اللوني والملصق الجمالي، وكنا أشرنا الى ثنائية من نوع آخر تتناقض فيها تربيته الفنية الكلاسيكية الغرافيكية المعتمدة على الحياكة البديعية والصقل المعجز المجهري ثم سعيه الى خدش حياء هذه المواد الكلاسيكية بجرآت الانشاءات والملصقات الخشبية، حتى ان صفحة التربيعات الكتابية تتحول مع بداية التسعينات الى قضبان خشبية متعامدة اقرب الى مادة نافذة "المشربية" الشعبية، وغالباً ما يبدو مربع هذه النافذة كشاشة داخلية تستقبل الاشعة "اللازرية" و"الهولوغرافية"، ترصّع في شبكتها انماطاً من الاجهزة الالكترونية والاشكال الآلية المجمدة للتقدم العلمي والصناعي، بحيث تكشف صبوته في النفاذ بمصر الى القرن الحادي والعشرين كما عنوان اكثر من لوحة وتفجير "الطاقة" المستقبلية للعقل خروجاً من أي تخلف تقني، وبما يذكر بسعي "الفنانين المستقبليين" الايطاليين الى تمجيد انسان التقدم الآلي.
يسعى، نوار الى انضباط الرأس والجسد ضمن نواظم من الهندسة الارادية التي لا تدع في صرامة لوغاريتميتها أي منفذ أو شعاع للفوضى والغريزة.
والعودة الى تأمل موضوعاته الحرب والسلام، الطاقة، ثلاثية مشروع توشكى لاستصلاح الأراضي، مصر النيل الحياة الخ... تكشف الروح الملحمية التبشيرية التي تجعل من ساحة اللوحة منبراً للاعتراض على الهزيمة، وساحة للصراع الوجودي والبلاغة التشكيلية الاعتراضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.