استضافت قاعة الفنون التشكيلية في دار الأوبرا المصرية معرض الفنان المصري عصمت داوستاشي الذي قدّم مجموعة كبيرة من أحدث لوحاته تحت عنوان «آخر لوحات حامل الرسم». في معرضه يعود لاسترجاع علاقته باللوحة بطريقة تقليدية عرفها في شبابه بعد سنوات طويلة من الابتعاد عن حامل الرسم. وتعد اللوحات المعروضة خلاصة هذه التجربة التي استمرت ما يقرب السنتين. والمرأة هي العامل الأبرز في تلك اللوحات، فهي العنصر الغالب في تكويناته ذات الأرضية الغرافيكية. وعلى رغم تكراره للعنصر الأنثوي في كل الأعمال المعروضة إلا أن داوستاشي استطاع الحفاظ على قدر كبير من التنوع والثراء البصري في طريقة تناوله مساحة العمل، وقدرته على التحوير واستخدام الفراغات والمساحات الملونة، وتوظيفه الكثير من العناصر والمفردات المختلفة. يقول داوستاشي: «هذه الأعمال التى أعرضها هي آخر ما أنجزته خلال عامى 2008 - 2009 من لوحات بالألوان الزيتية على أسطح خشبية وأسطح من القماش... رسمتها كلها على حامل الرسم ربما للمرة الأخيرة، وكانت بدايتي في ممارسة التصوير الزيتي على حامل الرسم هي اللوحات التي عرضتها في معرضي الأول عام 1962». ومنذ ذلك التاريخ لم يستعمل حامل الرسم إلا قليلاً، فهو يفضل العمل على مائدة الرسم التي بها كل أدواته وخاماته المتنوعة، والتي أنجز خلالها أعماله المركبة والمتحركة والمجسمة في تنويعات معارضه المختلفة التي تقارب المئة. ويوضح داوستاشي: « لوحات الحامل دائماً لها عندي مذاق خاص ومتعة مختلفة، وشعور بأني مصور ملتزم، فحامل الرسم له طقوسه ورهبته ويحتاج في نهاية الأمر إلى أعصاب قوية وروح سلسة للسيطرة على فرشاة الرسم وأنت واقف أو جالس أمام لوحة منتصبة أمامك في تحد حقيقي... إنه عطاء مختلف، فاللوحات التي أنجزها وأنا منكب عليها فوق سطح مائدة الرسم تعطيني حرية أكثر وقدرة للعب على أسطحها بثراء لوني وخامات متعددة». واستلهم داوستاشي لوحات معرضه من علاقة الناس بالأشياء خصوصاً المرأة التي تسيطر روحها على غالبية أعماله الفنية، في حضورها الأنثوي الجميل، وهي ممسكة بوردة أو قطة أو سمكة أو حاملة طفلها أو محتضنة حبيبها. ويعد داوستاشي واحداً من أبرز الفنانين على الساحة التشكيلية المصرية، وهو من مواليد حي بحري العريق في مدينة الإسكندرية عام 1943، وتخرج في الفنون الجميلة عام 1967. وداوستاشي معروف بتقلباته الفنية واتساع رؤيته التشكيلية وحبه للتجريب في الخامة وسعيه المستمر الى إيجاد حالة من الدهشة في أعماله. مارس الرسم والتلوين والنحت، كما تطرق بفنه إلى الأعمال المركبة. ويهوى في شكل خاص جمع الأشياء القديمة وتوظيفها في أعماله. وعرف عنه تعدد وسائطه الإبداعية، فإلى جانب التشكيل يمارس الكتابة أيضاً، فهو باحث ومنظم معارض وناقد تشكيلي، له ما يزيد على عشرين كتاباً، وله محاولات في كتابة السيناريو والقصة القصيرة والشعر. كما نفذ مجموعة من الأفلام السينمائية الملونة فوق شريط الفيلم الخام وأشرف سنوات على مطبوعات «أقلام الصحوة»، ومجلة «الإنسان والتطور».