سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مناقشات حادة رافقت التصويت على الموازنة... واعادة ال100 بليون الى الكهرباء . إقرار الاستدانة ببليوني دولار بشرطين: عدم تجاوز العجز الفعلي وإبلاغ المجلس النيابي
بدأ المجلس النيابي امس التصويت على بنود مشروع قانون الموازنة للعام 1998، بنداً بنداً، بعد ست جلسات ناقشها خلالها النواب وردّت الحكومة عليهم، في اجواء لم تخلُ من حدة، خصوصاً بين رئىس الحكومة رفيق الحريري وبعض المعارضين. وفرضت هذه الاجواء نفسها على جلسة امس، خصوصاً بعد اعتراض رئىس الحكومة على طلب نواب الردّ على كلمته في مكان آخر في الصفحة ليل اول من امس، وانسحابه لدى السماح لهم بالكلام، فاستهلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري موجهاً كلامه الى الحريري: "ان الكلام الذي تفضل به امام الهيئة العامة كان دعوة الى التعاون والتفاهم والتنسيق والتكامل مع المجلس النيابي، وهذا نرحّب به جميعاً. فالتعاون مع الحكومة هو لمصلحة البلد". وشكر له هذه الدعوة انما تمنى عليه امرين: "الاول ان تكون الردود على النواب امام الهيئة العامة للمجلس لا خارجه انتقاد الحريري للنائب نجاح واكيم وللنائب غسان مطر في افطارين رمضانيين، والثاني ان آلة الحكم هي سعة الصدر، وبالتالي فالمغادرة اول من امس، انقذها نائب رئيس الحكومة وبقية اعضائها الذين بقوا في الجلسة، ونتمنى في سبيل التعاون اكثر ولجمع الشمل الا تكون هناك ردود فعل في عملنا، علماً ان ثمة ردود فعل تأتي احياناً من النواب". ثم شرع المجلس في التصويت على بنود الموازنة، فصوّت على قسم النفقات في جزئه الأول، ومن ضمنه اعادة مبلغ ال100 بليون ليرة كانت لجنة المال والموازنة حذفته من موازنة مؤسسة كهرباء لبنان اليها، بعد اقتراح من رئىس الحكومة بوضعه في الاحتياطي. وفي الجزء الثاني من هذا القسم، اعترض الرئىس الحسيني على ترميم مبنى ملحق بقصر بعبدا يشغله الآن عناصر الحرس الجمهوري، لوضعه لاحقاً في تصرف وزارة الخارجية، فرفض اقتراحه بعد مداخلات للرئيس الحريري والوزير ميشال المر والنائبين تمّام سلام وخليل الهراوي، وصوّت المجلس على البند كما ورد من الحكومة فرفض. وفي مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة، أثير خلاله موضوعان رئيسيان: المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات وشراؤها ارض "القريعة" في اقليم الخروب، واستدانة بليوني دولار بطريقة ال"زيرو كوبون". وطالب الرئيس الحسيني بتوفير الاموال الضرورية من الضرائب والقروض المجدية من دون اللجوء الى فتح اعتمادات وهمية قابلة للحسم "وعندها تتوقف مشكلة الديون المتراكمة عن التزايد"، معترضاً على سياسة سندات الخزينة. وأوضح وزير الدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة رداً على استيضاح لرئيس المجلس النيابي، في جلسة سابقة، ان ارض القريعة مسجلة باسم مؤسسة تشجيع الاستثمارات التابعة للدولة، اي ان الارض ملك للدولة. واعترض الحسيني على ذلك لان المؤسسة لم يقر انشاءها المجلس النيابي، ووصفها واكيم بأنها "ولد غير شرعي". ثم شدد الحسيني على ضرورة عدم مخالفة الدستور، مذكراً بمقدمته ان "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". وانتقد الاهدار وتوزيع الالتزامات في المشاريع الى البطانة والحاشية بالتراضي. ودعا الى "وقف تمديد ارقام وأوهام وتطبيقها، فهذه ليست سياسة". وتناول النائب بطرس حرب مسألة ارض القريعة، متخوفاً من ان تكون في سبيل توطين الفلسطينيين. وسأل "لماذا انشئت مؤسسة تشجيع الاستثمارات؟". وردّ الرئىس الحريري موضحاً "ان المؤسسة موجودة بموجب القوانين المرعية الاجراء ومنذ سنوات تحوّل موازنتها الى المجلس النيابي الذي يقررها". وعلّق حرب "ان المؤسسة انشئت بمرسوم لا بقانون". وقال الحريري "انشئت بموجب القوانين المرعية الاجراء". وسأل حرب "اي من صاحب الصلاحية؟". فردّ الحريري "استاذ بطرس اذا بدنا نقعد ونعمل حركات..." فقاطعه حرب "ارجوك، اذا صارت القوانين وأحكامها تسلية وحركات فاسمح لنا دولة الرئىس. نحن نقول ان هذا البلد لا يقوم إلا على القانون". وبعد سجال بينهما تدخل فيه الرئيس بري ودعا النائب حرب الى تقديم اقتراح بإلغاء المؤسسة، حصل سجال آخر بين رئىس الحكومة والنائب غسان مطر. فقال الحريري "ان كل دول العالم تملك مؤسسات لتشجيع الاستثمار واذا حضر مغترب للاستثمار اين يذهب؟". وعلّق مطر "والفقير اين يستثمر؟". لكن الحريري ردّ "لا، يذهب الى جان دارك مبنى في بيروت يشغله الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ينتمي اليه مطر، وهو لمغترب لبناني يا استاذ غسان. الفقير الذي ليس معه مال ليشتري لا يحتل بيوت الناس". ورداً على سؤال بري: لماذا سجلت ارض القريعة باسم تلك المؤسسة؟ اجاب الحريري "لان مجلس الوزراء كلفها، قبل انشاء وزارة مستقلة للصناعة، درس المناطق الصناعية. والقريعة ستتحول منطقة صناعية لتشجيع الناس". وعلّق حرب على ما دار "بأننا عندما نسأل عن امر ما، فلأن بالنا مشغول كمواطنين، لا لأننا نريد التنمير على الحكومة. وسأل "هل اشترت المؤسسة المذكورة ارضاً في غير القريعة؟". فأجيب بالنفي. وعلق الحسيني "ان المرسوم الذي انشئت بموجبه هذه المؤسسة لم يعطها اي صلاحية لشراء أراض، وهذا يعتبر اهداراً". وقال الرئىس بري عندها انه يعارض ان تتملك مؤسسات من هذا النوع، وأبدى استعداده اذا قدم نواب اقتراحات، ان يلغي المراسيم القائمة. ولدى مناقشة المادة الثانية من الموازنة، أشار النائب زاهر الخطيب الى نفقات اصبحت بمثابة دين لم تلحظ بين الارقام، ويفترض ان تكون لها اعتمادات. واقترح النائب حرب ان يؤجل البحث في المواد الثانية والثالثة والرابعة لانها مرتبطة بأبواب الواردات في الموازنة. ولاحظ الرئىس سليم الحص "ان هناك نقصاً في شفافية الموازنة"، مطالباً "بأن تشمل كل النفقات، خصوصاً في ما يتعلق بالأموال المخصصة لعودة المهجّرين". وعلّق بري البحث في هذه المواد، وصدقت المادة الخامسة، ثم انتقل البحث الى المادة السادسة استدانة البليوني دولار، فأشار الرئىس الحص الى "ان نصاً وضع العام الماضي لتمكين المجلس النيابي من متابعة سياسة الحكومة في اصدار سندات الخزينة بعدما تبين انها درجت على اصدار سندات بأكثر من حاجتها لتغطية عجز الموازنة. فوضع هذا النص واقترح تعديلاً عليه يستبدل كلمة الملحوظ في الموازنة ويشطب مضافاً اليه مجموع الاعتمادات المدورة الى العام 1998 والاعتمادات الاضافية لأن العجز المحقق فعلاً يشمل كل النفقات بما فيها المدورة والاعتمادات الجديدة". واعتبر الرئىس الحسيني الامر "تفويضاً تشريعياً، مع احترامي لإيجابية الرئىس الحص الذي حاول ايجاد شروط فجعل الاستدانة مقبولة". وقال النائب حرب "اذا كانت الحكومة تريد فعلاً التزام ما تقوله امام المجلس لماذا حاجتها الى المادة السادسة؟". واقترح العودة الى "النص الذي كنا طرحناه العام الماضي القائل بالإجازة للحكومة اصدار سندات خزينة ضمن حدود مبلغ يوازي العجز في الموازنة". وأشار الى "ان كل بند في الموازنة يلزمنا لأكثر من سنة اعتبره مخالفاً للدستور، لذلك اقترح الغاء الفقرتين الثانية والثالثة لمخالفتهما احكام الدستور". ورأى النائب واكيم "ان المجلس النيابي عندما تهاون في النص العام الماضي ارتكب خطأ أدى الى زيادة العجز 22 في المئة عما كان مقدراً". وقال ان "لا شيء اسمه ابلاغ مجلس النواب كما ورد في المادة كلما ارادت الحكومة الاستدانة، فالابلاغ ليست له مفاعيل قانونية، وهو كلمة ليس لها اي معنى إلا لمجرد التحايل لتمرير هذه المادة". وسأل "كيف يمكننا اقرار استدانة بليوني دولار من دون ان نعرف خطورة الزيرو كوبون؟". وسأل النائب زاهر الخطيب "هل المطلوب انقاذ البلد او الحكومة؟ ويبدو ان الغاية انقاذ الحكومة لأنها اغرقت البلد بالديون وعندها استحقاقات؟ وشرح الوزير فؤاد السنيورة ماهية "زيرو كوبون"، والاستدانة مدداً قصيرة وطويلة قائلاً "الفكرة هي في محاولة اطالة آماد جزء من الدين وتوزيعه على مدد أطول، ما يؤدي الى خفض كلفة الدين العام المفترض بالعملات الاجنبية واتاحة الفرصة للقطاع الخاص ليأخذ نصيبه من الموارد المتاحة، وهو يؤدي ايضاً الى خفض اضافي في معدلات الفائدة على الليرة اللبنانية. وبالتالي هذا يسمح للمالية العامة بأن تطيل هذه الآماد. والاقتصاد يحتاج الى مدد اطول ليتمكن من التعايش مع هذا الدين العام. فاذا كانت هناك حاجة الى الاقتراض بالليرة اللبنانية فلا إمكان الآن للاقتراض مدداً تزيد عن سنتين. لكن هذا الامر يتطور مع تطور الاسواق الدولية، ومبلغ البليوني دولار يمكن ان نستدينه لما بين خمس سنوات وعشر وأطول عندما نفكر ان نصل الى فترة 30 سنة، معنى ذلك ان هذه مدة طويلة، لذلك نحاول ان نصل الى وسيلة تسمح لنا بالاستدانة لمدد اطول". وقال النائب واكيم "عندما نضيّع المرجع يصبح النقاش من دون جدوى". واشار الى "ان الدستور يقيد كل المؤسسات بضوابط". وسأل عن طريقة محاسبة الحكومة؟ واضاف "اذا كانت ثمة موجبات اكثر لانفاق اكثر لا شيء يمنع الحكومة من الاتيان بمشروع معجل مكرر يبرر طلبها ولكن ان نعطي الحكومة التي يقيدها الدستور كما المجلس النيابي الحق في الاستدانة من دون ضوابط فهذا لا يجوز". وسأل "هل طرحنا القضية في المجلس على مدى الايام الخمسة الماضية وجاء رد الحكومة مطابقاً عليها؟". وقال "ان اقتراح الحكومة مخالف للدستور ويجب ان نطعن فيه امام المجلس الدستوري، وحتى لا نصل الى هذا المدى يجب ابقاء النص وحق اصدار سندات خزينة في حدود عجز الموازنة". وقال "اما في ما يتعلق بشروحات رئيس الحكومة فهذا كلام غير صحيح ويحظره الدستور". وفي مداخلة للرئيس الحص قال "بناء على ما سمعناه من رئيس الحكومة والوزير السنيورة، فالنص الذي اقترحته لا يقيد الحكومة على الاطلاق في اصدار سندات الخزينة بمقدار ما تشاء، ولكن عندما تتجاوز مقدار العجز المحقق مطلوب منها ان تفسّر ذلك". وسأله بري "هل في الامكان ايجاد نص آخر اذا كان ثمة التباس فيه؟". اجابه الحص "هذا النص الحرفي كما قدمته لك العودة فصلياً الى المجلس النيابي لاطلاعه على وتيرة الاستدانة". وهنا حصل اعتراض من رئيس الحكومة. فسأله بري "هل انت ضد ما قاله؟ نحن نرى ان هذا النص منطقي وقد عملناه لمدة ثلاثة اشهر". ثم عاد رئيس الحكومة فقال "هذا ليس في امكاننا ان نسير فيه". وتابع الحص "ذكر الوزير السنيورة ان نص هذه المادة لم يتم تجاوزه في العام 1997. صحيح لم يحصل تجاوز بالصيغة الموضوعة اذ ان هذا النص ملتبس ولا يطّبق. وانا كنت قارنت بين زيادة في اجمالي سندات الخزينة وكم زادت خلال خمسة اشهر وقارنتها بعجز الموازنة المحقق فوجدت تجاوزاً ب600 بليون ليرة بين الرقمين. وثمة سندات خزينة مصدرة اكثر ب600 بليون ليرة خلال خمسة اشهر". وقال "ان النص الذي اقترحته قابل للتطبيق من الشهر الاول، اما النص الموجود كما هو فليس في الامكان تطبيقه الا آخر السنة". وطلب بري ان يطلع المجلس على الامر فرد الحريري "ان هذا النص يقيدنا". فأجابه بري "النص الذي تقدم به الحص لا يقيدك بشيء ولكن اذا اردت انت ان تعمل تجاوزات فالقضية تتطلب تبريراً". ورد الحريري غاضباً "ما حدا بدو يعمل تجاوزات". فأجاب بري "على كل حال سنصوت". وعلق الحريري "بدكم نصوّت نصوّت. المجلس النيابي سيد نفسه لا احد يمنع التصويت". وفي مداخلة للرئيس الحسيني قال "ان النص الدستوري الذي اعطى رئيس الجمهورية بواسطة الحكومة فتح اعتمادات استثنائية لمواجهة الكوارث والقضايا الطارئة يوجبه ان يطلع المجلس النيابي على هذا الاعتماد الاستثنائي المحدد بسقف. تعاطينا بايجابية مع الحكومة في العام 1997 من اجل ايجاد حل حتى لا يكون التفويض تشريعاً او يكون المجلس بدأ يتخلى عن سلطاته للحكومة، والا تحل الحكومة محله من دون نص لان لا حلول من دون نص. ومع ذلك فان النص الذي عمل اختراق وفسّر على غير حقيقته". وسأل "لماذا الاصرار على اظهار المجلس انه يقع تحت ضغط الحكومة ويستطيع رئيسها ان ينتزع ما يشاء وان يطيح الدساتير عندما يشاء؟". وتمنى من الجميع اعفاءنا من الذهاب الى المجلس الدستوري لان ذلك يضر بسمعة البلد ومؤسساته". ثم طرح الرئىس بري اقتراح الرئىس الحص على الفقرة الأولى من المادة السادسة وينص على "يجاز للحكومة ضمن حدود مبلغ يوازي احتياجات الخزينة اصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية لآجال طويلة ومتوسطة وقصيرة بقرارات تصدر عن وزير المال على ان تبلغ الحكومة المجلس النيابي عن اي مبالغ عن سندات الخزينة المتصدرة تتجاوز حدود العجز الفعلي المحقق رسمياً في تنفيذ الموازنة، بموجب تقارير رسمية تبين الاسباب الموجبة لهذا التجاوز" وأحاله على التصويت برفع الايدي فصدّق. ثم احال على التصويت اقتراحاً من النائب بطرس حرب بإلغاء البندين الثاني والثالث فسقط.