لم تكد تطل الصور الرسمية الأولى للصيغة الممدودة الصندوق أفانت من موديل "آي 6" أواخر السنة المنصرمة، حتى كشفت آودي نموذج "أولرود كواترو" Allroad Quattro في معرض أميركا الشمالية للسيارات في ديترويت أوائل الشهر الجاري. وعلى الرغم من القاعدة المشتركة بين الموديلين، يختلف نموذج "أولرود كواترو" الى حد بعيد عن "آي 6 أفانت"، لا في التفاصيل المرئية فحسب، بل خصوصاً في توجهه التسويقي ووجوه أدائه. وبينما ستُعرَض "آي 6 أفانت" في معرض جنيف بين 5 آذار مارس المقبل و15 منه، قبل إطلاقها أوروبياً في الأسابيع التالية، يتوقّع إنتقال نموذج "أولرود كواترو" الى حيز الإنتاج التسويقي في وقت لاحق لتشق آودي طريقها الى قطاع جديد يقع بين ما يُعرَف بالواغن فئات الصالون الممدودة الصندوق الخلفي وبين السيارات التي يعرّفها كثيرون بصفة الجيب واللفظة مشتقة في الأساس من General Purpose vehicle, GP أو بالرباعية الدفع الخدماتية الرياضية Sports Utility Vehicle. سيتوجّه "أولرود كواترو" في صيغته الإنتاجية المقبلة الى قطاع كانت فولفو السبّاقة في دخوله الخريف الماضي بموديلها الجديد "في 70 إكس سي" V70 XC، أو "كروس كانتري". وهو قطاع يمنح قدرات الدفع الرباعي في ظروف الطقس الرديء والطرقات الموحلة، من دون إدعاء مزاحمة الجيبات الفعلية في "مهمّات" قاسية في الأدغال مثلاً وزبائن آودي وفولفو لا يتوجّهون الى هناك "غالباً"، بل التفوّق عليها بمنح راحة داخلية كالتي يمكن توقّعها من سيارة صالون فخمة. ويرشّح مراقبون كثيرون هذا النوع من السيارات للنمو بقوة في السنوات القليلة المقبلة، خلافاً لموجة سيارات الصالون الرباعية الدفع التي لم تلقَ إقبالاً كبيراً في الثمانينات لأنها إكتفت آنذاك بفوائد تحسين الثبات فوق الطرقات المعبّدة من دون التمكّن من دخول الأخرى السيئة بسبب إرتفاعها العادي عن الأرض. وبينما ركّزت تلك السيارات على الجانب الرياضي البحت مع هيكل صالون، تركّز الموجة الجديدة على الجانب العملي للصندوق الممدود من الناحية الهيكلية/المساحيّة، والدفع الرباعي من ناحية الثبات حتى في الأماكن المعتدلة الوعورة التي يمكن بلوغها في أوقات التسلية أو العطلة مع رفع الهيكل، والتجهيز الفخم في الحياة اليومية والإجتماعية. لا يسعى زبون "أولرود كواترو" الى الدفع الرباعي "بأي ثمن"، فهو ليس شخصاً يريد التغيير "الجذري" الى حد الإنتقال من قطاع الصالون الى قطاع الجيبات في قفزة واحدة، بل يجد في الصالون مستوى راحة وهدوء تعجز الجيبات عن تقديمهما. لذلك، وعوضاً عن إنتظار تغيير هذه الشريحة من الزبائن عاداتها، فضّلت آودي وفولفو وليكزس التي ستنزل "آر إكس 300" في المفهوم ذاته الربيع المقبل في الولاياتالمتحدة التقدّم للقائهم في منتصف الطريق بين قطاعَي الصالون والجيب. ولمَ لا تُضاف في الوقت ذاته مرونة إستخدام الصندوق الممدود؟ الإختلاف وإن أتت هذه السيارات كلها بالدفع الرباعي، فهي لا تتوقّف عند هذه النقطة التي كانت سوبارو "فورستر" السبّاقة إليها في الواقع منذ أكثر من سنة، في مفهوم الواغن الرباعي الدفع والمرتفع نسبياً عن الأرض. ما تختلف به "أولرود كواترو" و"في 70 إكس سي" و"آر إكس 300" هو بُعد الفخامة التجهيزية المنتمية الى قطاع أعلى من قطاع "فورستر" المتوسط-الكبير D segment. فموديل آودي "آي 6" يقع في القطاع الأعلى مباشرة السيارات الكبيرة E segment، شأنه شأن جديد ليكزس، و"في 70 إكس سي" الى حد ما يقع الأخير بين القطاعين المذكورَين حجماً، وفي القطاع الأعلى بينهما تجهيزاً. طبعاً، لا ينحصر إختلاف هذه الموديلات ببعض التلبيسات الجلدية والخشبية من هنا وهناك، إذ لا يكفي هذا التلبيس لتحويل سيارة من "عادية" الى "فخمة". فهناك الريادة التقنية... ولا تقلق على الألمان من هذه الناحية، لا سيما لدى ماركة مثل آودي. فالدفع الرباعي ليس بالشيء الجديد عليها. لذلك فوراء الإختلاف الشكلي الذي تلتقي فيه عناصر العدائية مع الإقدام، والروح الرياضية مع الشغف بالهوايات الترفيهية الطبيعية، ومن دون التخلي عن مسحة محافظة يبقى الصالون أكثر الهياكل إيحاء بالأطباع المحافظة، تأتي المزايا التقنية التي تضع هذه الفئة من السيارات في خانة خاصة بها. المضمون التقني ليست في نموذج "أولترود كواترو" تقنيات "خيالية"، بل هي معروفة في عدد من موديلات آودي. فالتعليق الهوائي الإلكتروني الضبط نوابض هوائية المركّب في الزوايا الأربع من "أولرود كواترو" لتعديل إرتفاعها بين 5.19 أو 17 أو 5.14 سنتم بمجرّد كبسة زر، سيتوافر في التعليق الخلفي لبعض فئات "آي 6 أفانت". ويمكن حتى تعديل إرتفاع السيارة من خارجها بواسطة مفتاح التحكّم من بُعد. والمحرّك أيضاً معروف في موديلَي "آي 6" و"آي 8"، مع تقنية الصمامات الخمسة 3 إدخال/2 تنفيس، وهي تقنية معتمدة في محرّكات عدّة في مجموعة فولكسفاغن لكل من أسطواناته الست V البالغة سعتها 8.2 ليتر، مع نظام الإدخال المتبدّل الذي يعدّل نمط تدفّق مزيج الهواء/الوقود الى غرف الإشتعال تبعاً لسرعة دوران المحرّك لتحسين العزم في الدوران المنخفض، والقوة في المجالات العليا. وبينما يكتفي صانعون كثيرون بتعديل نمط تدفّق المزيج، إما بواسطة مواسير الإدخال أو بتعديل توقيت إنفتاح الصمامات وإنغلاقها حسب سرعة دوران المحرّك أو بتعديل مدى إنفتاحها، تعتمد آودي تقنيتي المواسير المتبدّلة الطول مواسير طويلة للسحب في الدوران المنخفض، ثم تنفتح مواسير أخرى قصيرة لتلبية حاجة المحرّك المتزايدة الى الهواء في الدوران العالي والصمامات ذات التوقيت المتبدّل للإنفتاح والإنغلاق وخصوصاً للتقاطع بين صمامات الإدخال والتنفيس تبعاً لسرعة دوران المحرّك. ويمنح محرّك "أولرود كواترو" 280 نيوتون-متر إبتداء من 3200 د.د. والعزم من دوران منخفض مهم جداً لسيارة رباعية الدفع، مع قوة 197 حصاناً 147 كيلوات، بما يمكّنها من تخطي المئة كلم/ساعة في نحو 11 ثانية، في طريقها الى سرعة قصوى تناهز 220 كلم/ساعة. ويحظى "أولرود كواترو" بنظام إيصاد إلكتروني لعلبة التروس التفاضلية Electronic Differential Lock, EDL، وهو ينقل عزم المحرّك من العجلة المهووسة الى الأخرى المقابلة لها في المحور ذاته، بينما يتولّى نظام تورسن Torsen تبديل نسبة العزم بين المحورين الأمامي والخلفي إذا أخذت عجلتا أحدهما في الإنزلاق بسبب الدفع لا الكبح. التجهيزات لا يقتصر تلبيس الجلد والخشب على مواضع محدودة في المقصورة، بل يغطي الجلد لوحة القيادة والمقاعد والأبواب ومساند اليد وحتى جانبَي الصندوق الخلفي، بينما تجد تلبيس القشرة الخشبية في اللوحة والكونسول والأبواب الأربعة... وصولاً الى جانبَي الصندوق الخلفي، ما يدل على بعض المبالغة التي قد تقصد بها آودي "إستئصال" أي ظل "خدماتي" من صورة "أولرود كواترو" في أذهان الفئات الإجتماعية الميسورة. في لوحة القيادة نظام ملاحة إلكترونية مع شاشة ملوّنة 5 بوصات تصلح للإستخدام كتلفزيون عندما تكون السيارة متوقّفة أو في البلاد التي لا تتوافر خرائطها على كومباكت ديسك. ويُشار الى أن نظام الملاحة يتلقى قرص المعلومات من فوق الشاشة مباشرة لتسهيل الأمر على السائق.