لا بد لكي أكمل ما بدأته بالأمس عن أهمية كلام المناضل نيلسون مانديلا ان أشير الى كتب كثيرة صدرت أخيراً لكتّاب ومفكرين غربيين حول العلاقة بين الاسلام والغرب، من بينها كتاب المفكر والاستاذ الجامعي البريطاني فريد هاليداي "الاسلام والغرب: خرافة المواجهة، الدين والسياسة في الشرق الأوسط". الكتاب الذي صدرت ترجمته العربية عن "دار الساقي" في لندن يتضمن الكثير من التحليلات والدراسات والمواقف والمعلومات والآراء التي قد تتفق معها أو تختلف، ولكن المؤلف جمعها في اطار محاولته تقديم وجهة نظر متوازنة ورصينة في شؤون العالم الاسلامي، وفي نزعة العداء للاسلام وللمسلمين لا سيما بعد ان طرح صاموئيل هانتنغتون نظريته الخرافية عن "صدام الحضارات" محاولاً من خلالها تأجيج الخوف من خطر الاسلام القادم على حد زعمه وإشعال نار العداء في الغرب للاسلام والمسلمين، على رغم ان ردود الفعل الانفعالية عليه لم تكن في المستوى المطلوب للرد، بل ربما ان بعضها اسهم في إثارة أجواء العداء. لكن فريد هاليداي جاء في كتابه الجديد ليحاول إطفاء النار والتأكيد على "خرافة المواجهة بين الاسلام والغرب، وبين الشرق والغرب"، محذراً من المدى الذي يمكن ان يبلغه نقد الخرافة من فاعلية، على رغم ان من المهم ان لا يبقى من يشيعون هذه الخرافة، وهم في الجانبين والمعسكرين، بمنأى عن التحدي. وأهمية كتاب هاليداي الجديد أنه عاد الى الجذور والتكوين التاريخي وتناقضات الشرق الأوسط وتنوعاته وجذوره ومركزه في السياسة الدولية وصولاً الى الثورة الايرانية وحرب الخليج مع التركيز على قضية حقوق الانسان والاستشراق والعقائد وسؤال تقليدي هو: من يشكل الخطر على من: الاسلام أم الغرب؟ وبالطبع فإن النتائج التي يصل اليها المؤلف تنطلق في مجملها من منبعين أساسيين هما: خلفيته الاكاديمية، وتكوينه الغربي على رغم تخصصه في الشؤون العربية والاسلامية وإتقانه للغة العربية وعلاقاته الواسعة مع العرب لا سيما المقيمين في بريطانيا. ولهذا لا بد لمن يقرأ الكتاب ان يأخذ هذين المنبعين بعين الاعتبار قبل ان يسجل انطباعاته ويعدد النقاط والآراء السلبية والايجابية التي يرصدها في محاولة لتصويبها أو الرد عليها أو مدحها أو ذمها!! ولعل هالىداي استبق كل الملاحظات من الجانبين الاسلامي والغربي بخاتمة قصيرة، ولكن معبرة يدعو فيها للحوار ولفهم الاسلام والشرق الأوسط ولتجاوز "المناظرة المستقطبة بلا داع، والمقصرة منهجياً في بعض النواحي". كما يدعو لمواصلة العمل على دراسة هذه المجتمعات مستشهداً بآية كريمة من القرآن الكريم: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" مشيراً الى انها يمكن ان تكون شعار مسعانا. ومع انه ارفقها بعبارة يائسة وهي ان على الغرب ان يرفع الغشاوة عن عينيه ويبدأ مسيرة تصحيح الاتجاهات الخاطئة والتصالح مع الحقائق التاريخية وفتح صفحة جديدة في تعامله مع الاسلام... والمنطقة حتى لا تتحول الخرافة الى حقيقة وواقع!
خلجة: قالت له وجلة: أما زلت تحبني؟ لم يرد بلسانه بل سلمها قلبه لتسمع نبضات تعزف ألحان الشوق وتحولها الى سيمفونيات شجية تغني اسمها وتنسج الروائع!