مع انقسام يهود الولاياتالمتحدة حول نتانياهو وحول السلام، يبحث رئيس حكومة اسرائيل عن قاعدة تأييد اخرى يضيفها الى معسكر انصاره من اليهود الاميركان. مَن هي هذه القاعدة وممن تتشكّل؟ انها اليمين المسيحي الاميركي. فبعد ان كان بيل كلينتون "الشاب" نموذجَ بنيامين نتانياهو "الشاب" لحظة سعيه الى رئاسة الحكومة، انقلب منطق التقليد ليتجه الى خصوم كلينتون والضاغطين عليه. لهذا، وعملاً بما درّجه الزعماء الاسرائيليون اذ يزورون واشنطن من استنهاض قوتهم في المجتمع واللوبيات، شملت لقاءات نتانياهو قادة "الائتلاف المسيحي" بمن فيهم مؤسسه بات روبرتسون، وكذلك الأب جيري فالويل مؤسس حركة المجموعة الاخلاقية. لكن المعروف عن روبرتسون انه اهم مروّجي خرافة سيطرة المؤامرة اليهودية - الماسونية - الشيطانية على الحياة الاميركية. وقد سبق له ان كتب، مثله مثل فالويل، ان اسرائيل سوف تستسلم يوم القيامة للمسيح بأن تتوب وتنقلب الى المسيحية! وهؤلاء يتفرّعون عن خرافات انشأها رجل دين آخر هو الأب تشارلز كوفلين، صديق هنري فورد وجيرالد سميث وهيو لونغ، وصاحب العظات اللاسامية الشهيرة في الثلاثينات يوم كانت اميركا تجهد للخروج من الكساد. وقد وقعت عظات كوفلين آنذاك وقع الموسيقى على آذان ضحايا الكساد هذا. وكوفلين هو الأب الروحي لپ"الائتلاف المسيحي" الذي التقى نتانياهو قادته، وقد ورثه في ارشاد هذا التيار محامٍ كاثوليكي اشتُهر بلاساميته وبعدائه المَرَضي للشيوعية هو جون ف. كاسّيدي الذي دعا الى اسقاط النظام الاميركي بالعنف، واعتقل في اوائل 1940. وما لبث ان اكتُشف ان كاسيدي ومجموعته يصنّعون الاسلحة وينوون تفجير بعض المؤسسات الثقافية والاعلامية والخَدمية، ومنها صحيفة "فور وارد" اليهودية اليومية في نيويورك. والحال ان هذه البيئة بقيادة قطب صناعة السيارات الشهير هنري فورد هي التي رعت نشر "البروتوكولات" وسائر الأدب اللاسامي في اميركا. وفورد نفسه كان بدوره كتب سلسلة مقالات عن "اليهودي العالمي" نشرها لاحقاً في كراس مستقل، لكنه اعترف لاحقاً بأن اتهاماته مؤلّفة ولا أصل لها. وكان التلميذ النجيب جيري فالويل، صديق نتانياهو الحالي، قد تزعّم حملة صليبية مسيحية هدفها اعلان اميركا بلداً مسيحياً "على الضدّ من الدعوة العلمانية التعددية التي يبشّر بها اليهود والسود". ولم يتردد، في 1958. في أن يستشهد بالكتاب المقدّس ليعلن ان قرار المحكمة العليا، المعروف بقرار براون، والقاضي بالدمج العنصري في المدارس الرسمية، هو جزء من مؤامرة شيطانية. بورك لنتانياهو، وعليه، بهؤلاء الاصدقاء. وكل الأمل ان تؤدي الصداقة الجديدة الى حرمان بعض العرب صداقتهم مع هذه البيئة الملوّثة حتى النخاع.