عثرت قوات الأمن الأردنية امس على سيارتين استخدمهما اربعة مهاجمين اقدموا على قتل ثمانية اشخاص مساء السبت الماضي بمن فيهم القائم بأعمال السفارة العراقية في عمان، فيما باشر مدير الأمن العراقي، الذي وصل الى عمان للاطلاع على التحقيقات في الحادث، تحقيقاً داخلياً مع اركان السفارة العراقية في عمان. تفاصيل اخرى ص5 وقال وزير الدولة الأردني لشؤون الاعلام الدكتور سمير مطاوع ان وكيل وزارة الخارجية العراقية السيد سعد الفيصل ومدير الأمن العراقي الفريق أول طاهر الحبوش اطلعا امس على نتائج التحقيقات الأولية في مقتل القائم بأعمال السفارة العراقية حكمت الهجو وزوجته مع أربعة عراقيين آخرين ومواطنين مصريين مساء السبت الماضي. وأوضح الوزير الأردني ان المسؤولين العراقيين لا يشاركان في التحقيقات انما يجري اطلاعهما على نتائجها على اعتبار ان "التحقيقات مسألة تتعلق بالسيادة الأردنية". وعثرت الشرطة الأردنية على سيارتين استخدمهما منفذو الجريمة في منزل سامي جورج توما، وهو رجل اعمال عراقي قتل ايضاً في الحادث. وقالت مصادر رسمية ان المهاجمين استخدموا سيارة القائم بأعمال السفارة العراقية بعد قتله، للهروب من مكان الحادث. وتجري الجهات الأمنية الأردنية تحقيقات مع السيدة اليونانية اناستازيا ليداكي، 37 عاماً، التي نجت من الحادث بعد اصابتها بجروح بليغة، وذلك لمعرفة ظروف الجريمة التي تعتبر الأولى من نوعها ضد ديبلوماسي في العاصمة الأردنية وملابساتها. وكانت السيدة اليونانية ابلغت الشرطة ان المهاجمين كانوا يتحدثون العربية بلهجة عراقية واضحة. ووضعت الجهات الأمنية الأردنية الشاهدة الوحيدة على الجريمة تحت حماية امنية شديدة في المستشفى الذي تتلقى فيه العلاج. وعلم ان الحال الصحية للسيدة اليونانية في تحسن وانها تجاوزت مرحلة الخطر. وأكدت مصادر أردنية موثوق بها ان السلطات الأمنية فرضت حظراً شاملاً على سفر الديبلوماسيين العراقيين المعتمدين لدى المملكة بعدما كانت منعت أربعة ديبلوماسيين من مغادرة البلاد بعد ساعات من الحادث في طريقهم الى بغداد عبر الحدود البرية. وقالت مصادر رسمية امس ان السلطات الأردنية عادت وسمحت للديبلوماسيين الأربعة بالمغادرة في اليوم التالي. وقالت انها تعتبر ان "كل الاحتمالات واردة في ما يخص الجهة التي تقف وراء الجريمة". ونقلت المصادر نفسها عن السيدة اليونانية قولها ان منفذي الجريمة كانوا يستهدفون رجل الاعمال نمير اوجي بالدرجة الأولى، وانهم قتلوه وبقية الموجودين في المنزل بعد فشلهم في اقناعه بدفع مبالغ كبيرة طالبوه بها. وقالت مصادر اردنية مطلعة ان الفريق أول الحبوش باشر تحقيقاً داخلياً عراقياً منفصلاً مع عدد من اركان السفارة العراقية، والتقى السفير نوري اسماعيل الويس الذي كان يستضيف الهجو قبيل توجهه الى منزل سامي جورج توما 63 عاماً. وتضاربت المعلومات في ما يتعلق بأسباب توجه الهجو وزوجته من منزل السفير الى منزل توما بعد منتصف ليل السبت - الاحد. وفيما ذكرت مصادر مطلعة ان الهجو كان يحمل رسالة من السفير الى احد الموجودين في منزل توما، قالت مصادر اخرى انه تلقى اتصالاً هاتفياً على جهازه النقال بعد مغادرته منزل السفير متوجهاً الى بيته، دعاه الى التوجه الى مسرح الجريمة لأسباب غير معروفة. كما وردت رواية ذكرت ان الهجو توجه الى منزل توما لإيصال جواز سفر عليه تأشيرة عراقية من السفارة لتسليمه لصاحبه صادق سليم صادق، وهو احدى الضحايا. وامتنعت الجهات الأمنية الأردنية عن نفي اي من هذه المعلومات او تأكيدها مشيرة الى ان الاعلان عن النتائج الأولية "قد يعيق التحقيقات لكشف الفاعلين". وقالت مصادر مطلعة ان الحبوش يجري تحقيقات مع اركان السفارة لمعرفة طبيعة الاتصالات التي جرت مع الهجو في الأسابيع والأيام الاخيرة، وما اذا كان لها علاقة بمقتله. ويذكر ان ليلى شعبان، زوجة الهجو، وهي مصرية الجنسية، بقيت في السيارة بعد دخول زوجها الى موقع الجريمة، قبل ان يخرج احد المهاجمين ليقتادها الى داخل المنزل حيث قتلت مع زوجها والآخرين. وقال رجل الاعمال نظمي اوجي، شقيق نمير في تصريحات صحافية ان شقيقه القتيل "لا يملك أية حسابات مصرفية في الخارج"، وأنه "يعمل موظفاً في شركة في لبنان براتب 2000 دولار شهرياً مع السكن والسيارة"، وشدد أوجي، الذي وصل إلى عمان أول من أمس وسيرافق جثمان شقيقه إلى بيروت اليوم حيث سيدفن، انه "ليست لدينا أية عداوات شخصية أو تجارية"، مشيراً إلى ان شقيقه "كان مرتبطاً بمشروع في لبنان مماثل للمشروع المقام في الأردن حالياً". يذكر ان الشركة التي يمتلك أوجي جزءاً كبيراً من أسهمها، تمتلك موجودات عالمية بقيمة 2،1 بليون دولار. وكشف اوجي لصحيفة "العرب اليوم" ان شقيقه كان يرتبط بصداقة مع الهجو وبقية الحضور في منزل توما. وقال نظمي اوجي لوكالة "فرانس برس" في عمان ان جثمان نمير، المتزوج من لبنانية، سينقل الاربعاء على متن طائرة خاصة تعود للعائلة إلى لبنان. وأضاف نظمي، رئيس "جنرال ميديترينيان هولدينغ" وهي شركة تعود إلى عائلة اوجي تتخذ من لوكسمبورغ مقراً ولها فروع في 60 بلداً، ان جثمان "نمير بقي في الأردن إلى حين وصول عقيلته التي كانت غادرت إلى بغداد لبيع عدد من أملاكهما، خصوصاً مطعماً تحاول بيعه". وعلمت "زوجة نمير بنبأ مقتله وهي في بغداد"، حسبما أوضح نظمي، الذي أكد انها وصلت أمس إلى عمان لمرافقة جثمان زوجها إلى لبنان. وعن ملابسات مقتل شقيقه، أبدى نظمي "شكوكاً" بأن نمير "كان مديناً بالمال لأي كان". ويذكر ان الناجية الوحيدة من المذبحة اناستازيا ليداكي، أفادت للمحققين ان نمير "تبادل الاتهامات مع القتلة الذين أصروا على ضرورة أن يسدد اوجي ديناً كبيراً لهم عليه. وبعدما رفض طلبهم اقدموا على قتله مع كل من كان موجوداً في المكان". وقال نظمي اوجي ان الهجو، وهو الرجل الثاني في السفارة العراقية "لم يقم سوى بالمرور" على فيلا رجل الأعمال العراقي سامي جورج توما التي وقعت فيها الجريمة "لايصال جواز سفر إلى أحد العراقيين الموجودين هناك". وقالت الشاهدة إن الهجو وصل في اللحظة التي همّ بها الجناة بمغادرة الدار بعد قتل ستة أشخاص طعناً، وقد اعتقدوا ان الجميع قضوا بمن فيهم الناجية الوحيدة. وهكذا قاموا بقتله، وبعدما لاحظوا ان عقيلته كانت تنتظره في السيارة استدعوها إلى داخل الفيلا وأجهزوا عليها هي الأخرى، دائماً بحسب الشاهدة. وأوضح نظمي ان شقيقه نمير "كان يقيم في منزل جورج"، مشيراً إلى أنه "درج عادة على الإقامة عنده عندما يأتي إلى عمان. وأشار إلى أن أحد اشقائه، نصير اوجي "اعدم في بغداد عام 1986 اثر اتهامه بدفع رشوة إلى وكيل إحدى الوزارات". وأوضح ان اصول عائلة اوجي من بغداد وأنه ترك العراق عام 1981 دون ان يعود إليها أبداً. وأكد نظمي ان "أياً من الشركات السبعين التي تمتلكها العائلة لا ترتبط بأي علاقة مع مسؤولين عراقيين حتى ولا مع موظفين بسطاء في المؤسسات العامة العراقية". على صعيد الأزمة بين العراق ومجلس الامن، أعلن رئيس لجنة نزع أسلحة الدمار الشامل أونسكوم ريتشارد بتلر، اثر محادثات اجراها في بغداد مع نائب رئيس الوزراء السيد طارق عزيز، ان المحادثات لم تكن مشجعة، وان مسألة "المواقع الرئاسية" لم تُحل. وقال: "جئت لكي أبلغ العراقيين بوضوح تام ان هذه المواقع لا يمكن استثناؤها ويجب ان نتمكن من الوصول اليها". ووصف، في مؤتمر صحافي، المحادثات بأنها كانت "مباشرة وصعبة". وكرر رفضه المهلة التي حددها الرئيس صدام حسين لإنهاء عمل "أونسكوم". وفي اشارة الى اتهام العراق فرق التفتيش بأنها غير متوازنة ويسيطر عليها الاميركيون والبريطانيون، أكد بتلر أن المفتشين يُختارون على أساس خبرتهم وليس جنسياتهم.