نشبت أزمة بين مجلس النواب الأردني والحكومة بسبب بيان أصدره الناطق الرسمي باسم الحكومة مساء أول من أمس أعرب فيه عن استياء مجلس الوزراء لما ورد في كلمة النائب أحمد عويدي العبادي في مناقشة موازنة الدولة واستخدامه الفاظاً جارحة في الحديث عن العاملين في العمل العام. واعتبر عدد من النواب البيان تدخلاً في الشؤون الداخلية لمجلس النواب. وترتب على البيان إلغاء جلسة لمجلس النواب كانت مقررة أمس لاستكمال مناقشة الموازنة. وقالت أوساط نيابية إن نواباً سيثيرون في جلسة غدٍ السبت موضوع البيان. وأضافت ان النواب يعتبرونه "سابقة خطيرة على طريق تدجين المجلس وهو ما لا نقبل به وسنحاسب الحكومة عليه". وحذرت الحكومة من مغبة عدم بث بقية كلمات النواب عبر شاشة التلفزيون مباشرة. وكان النائب العبادي ألقى كلمة وجه فيها انتقادات شديدة إلى وزيرة التخطيط ريما خلف واتهمها ب "التجسس والعمالة والفساد"، وأبرز وثائق قال إنها تدل على ذلك، ودعا إلى تطهير صفوف الحكومة من خلف ونائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية الدكتور جواد العناني ووزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور سمير مطاوع. وانتقد العبادي دائرة المخابرات العامة، وقال: "إن الفساد تسلل إلى دائرة المخابرات وتحولت من دائرة وطنية إلى دائرة قمعية". ومعروف أن خلف والعناني ومطاوع من أصل فلسطيني. وقال بيان الناطق الرسمي باسم الحكومة "ان ما ورد في خطاب النائب الذي لم يذكر اسمه أساء إلى الوحدة الوطنية وفتح الباب على مصراعيه لمخاطر التطرف والتعصب بصورة غير مسؤولة". وأضاف "ان الحكومة وضعت أجهزة الاعلام في تصرف النواب ظناً منها ان هذه الثقة ستؤدي إلى الحرص على الكلمة المسؤولة والنقاش الصادق، ولكن للأسف خاب الظن لهذا البعض الذي خلط بين الديموقراطية والتهجم، وبين المحاسبة النزيهة وافتراء الظالم". لافتاً إلى أن الاساءة وجهت إلى مؤسسات وطنية خدمت بشرف ويقظة عبر عقود من الزمن وأسهمت في صمود البلد وأمنه في إشارة إلى دائرة المخابرات العامة. وفي رده على البيان، قال النائب العبادي "انه بيان عصبي وعاطفي". وأضاف: "ما تحدثت به تحت قبة البرلمان حقائق ووثائق عن الفساد المالي والإداري لبعض الوزراء واستغرب ادعاء الحكومة ان خطابي يسيئ إلى الوحدة الوطنية رغم انني لم اتطرق اطلاقاً للعلاقة الأردنية - الفلسطينية بما يسيئ، وإنما تحدثت عن الصراع الطبقي بين الفقراء والأغنياء وضرورة مصادرة 51 في المئة من أموال الاغنياء لردها إلى الفقراء في البادية والريف والمدينة والمخيم". وقال: "كان أولى بالحكومة ان تلجأ إلى لغة الحوار العقلاني أو القبول بمبدأ الديموقراطية الذي يحصّن النائب دستورياً وبرلمانياً بشأن ما يقوله تحت القبة". وحمل الحكومة ومدير المخابرات مسؤولية سلامته الشخصية وأفراد أسرته من أي أذى. وقال إن حكومة "يضيق صدرها بكلمة الحق ليست جديرة بالموقع التي هي فيه" ودعاها إلى الاستقالة. وأصدر النائبان نايف مولا ورعد البكري بياناً استنكرا فيه ما ورد في كلمة النائب العبادي واعتبرا ذلك إساءة إلى رموز وطنية والوحدة الوطنية. وفي مجلس النواب عقد لقاء أمس بين نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات الدكتور عبدالله النسور وعدد من النواب. وعبر خلال اللقاء عن احتجاج الحكومة على ما ورد من اساءة في كلمة النائب العبادي. ورد النواب عليه وأبدوا استغرابهم لإصدار البيان، وقالوا له: "هذه بداية غير موفقة للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية". وأكدوا أنه إذا لم يتم تجاوز الموضوع من جانب الحكومة، فستثار قضايا أخرى تجاه الحكومة والعمل لاسقاط الموازنة".