اعتبر بعض القادة المسيحيين ان وزير شؤون المهجرين وليد جنبلاط في ندوته التلفزيونية الخميس الماضي "قال كلاماً منفتحاً يخالف هجومه السابق على قادة المعارضة المسيحية والبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير". وسألوا "هل هذا الانفتاح الداعي الى الحوار خصوصاً مع الشباب تحول جديد في سياسته له مغزى سياسي محدد؟". وفي وقت اهتم بعض الرموز المسيحيين بالنبرة الجديدة لجنبلاط من هذه الزاوية فإن المحيطين به ذكروا ان كلامه الذي جاء هادئاً في مخاطبة المسيحيين "ذكّر بمحاور ثابتة في مواقفه بدعوتهم الى تجنب اي فريق في لبنان ان يكون اداة في يد اسرائيل او في يد أميركا ضد سورية لأن العاصفة التي قد تقبل على المنطقة ولعبة الامم تطيح رؤوس الصغار اذا لم يحسنوا قراءة الموقف واذا لم يتعاون اللبنانيون على اساس الثوابت في شأن العلاقة مع سورية ووحدة المسارين اللبناني والسوري في مفاوضات السلام". وأوضح مقربون من جنبلاط ان "زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي يرصد منذ مدة حال الاحتقان السياسي الحاصلة في الشارع عموماً وفي الصف المسيحي خصوصاً ويبدي تخوفه من مراهنات بعض هذا الشارع على متغيرات اقليمية ويدعو الى سياسة تستوعب الحال الاعتراضية، لكنه يعبر عن مخاوفه في كل مرة بطريقة مختلفة". ويرى مصدر نيابي "ان الصورة الانفتاحية التي ظهر فيها جنبلاط في ندوته، اضافة الى انها تسهم في استيعاب حال الاحتقان السياسي مع فريق من اللبنانيين يبقى حذراً حياله نتيجة الخصومة السابقة، فان ثمة اهدافاً اخرى آنية يسعى جنبلاط الى خدمتها منها تهيئة نفسه للانتخابات البلدية، ما أدى به ايضاً الى ابداء استعداده للتحالف مع الاحزاب والتيارات الموجودة في الجبل قاطبة، مؤكداً ان لا احد يلغي احداً. وبذلك يسعى جنبلاط الى خلق وضع غير تصادمي قبل هذا الاستحقاق وأثناءه". ويضيف المصدر: "لا يجوز توقع التحولات الكبرى في موقف جنبلاط في العلاقة بينه وبين رموز المسيحيين المعارضين، وان كان سعى الى التعاطي بايجابية مع الجو المسيحي العام، فهو هاجم في الوقت نفسه الذين يشكون في ما حققه في عودة المهجرين. واعطى اشارات بأن الامر لا يتوقف عليه وحده بل على الفريق الآخر ايضاً، ولكن يجب فهم توجهه العام وانتقاداته لترويكا الحكم على أنه تأكيد منه على انه يأخذ مسافة من الحكم، مع بدء العد العكسي لسنة حبلى بالاستحقاقات والتطورات السياسية المهمة اقليمياً ومحلياً، كي يحتفظ لنفسه بقدرة على المناورة وتأكيد حضوره السياسي ودوره، كلاعب تقليدي في المعادلة اللبنانية". وفي وقت ينتقد بعض الاوساط السياسية المسيحية التحولات في لهجة جنبلاط ولا يثق بها في مقابل الصدى الايجابي لها في بعض الوسط المسيحي، يقول بعض اصدقائه "ان عليه ان يحاورهم ويحاور حلفاءه القريبين قبل ان يحاور خصومه، فان محيطين به يتجاوزون هذا الاشكال من اجل الدعوة الى توظيف انفتاحه في الخطوات التي ظهرت اخيراً وقضت باستيعاب حال الاحتقان في الشارع المسيحي، حتى لا يستثمرها افرقاء هم خصوم للحكم الحالي ولسورية". هل شمول انتقادات جنبلاط لحلفائه في الترويكا، وحليفه الرئيسي رفيق الحريري، عودة الى خلاف بينهما كان تم تجاوزه قبل نحو سنة؟ المصدر النيابي قال ل "الحياة": "صحيح ان انتقاداته للحريري كانت قاسية في الحديث عن السياسة الضريبية والمالية والاجتماعية، لكنه لم يكن عنيفاً مثلما كان حين دب الخلاف بينهما قبل نحو عام، فهو أصر على تسمية المالية السياسية عند وصفه جميع المسؤولين والحكام وحديثه عن الحمايات السياسية للأملاك البحرية من زغرتا الى النبطية... وهو ناغش بعض المعارضين في مقابل حديثه السابق عن الحلف المقدس مع الحريري وفي مقابل تحالفه السابق مع بري وتعاونه من حين الى آخر مع الرئيس الهراوي لأسباب اخرى". وفي هذا المجال يقول مصدر مقرب من جنبلاط انه يعيش اجواء تدفعه الى الاعتراض، اضافة الى الاسباب المذكورة سابقاً كالآتي: - مضى نحو سنة على جنبلاط ولا عمل له في وزارة المهجرين، في وقت يتلقى السهام في شكل اشعره انه صورة، وبأنه يعيق العودة، لعدم توافر المال لاستكمالها، الا ان مصادر وزارية اوضحت ان هناك اتفاقاً سابقاً بين الحريري وجنبلاط على تأمين المال اللازم للعودة بعد اقرار الموازنة. - يشعر جنبلاط كما ينقل عنه مقربون، حيال اركان الترويكا، لا الحريري وحده، انهم يعاملونه على انه يقف المواقف الجريئة ضد معارضي التركيبة الحاكمة، فيصفه البعض بأنه الوحيد الذي يلتقط اللحظة المناسبة لكنه يدفع الثمن وحده، وهو يشعر انه حين يكون مطلوباً اتخاذ قرار سياسي كبير مطلوب مساهمته في تغطيته ملف الاعلام، تصبح "سيبة" الحكم اربعة، هو والرؤساء الثلاثة. اما حين تكون هناك مغانم وتقاسم حصص لا يعود هناك سوى "ترويكا".