انطلقت الاجتماعات المعنية بفلسطين في الأممالمتحدة أمس بشق بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في لقاء للدول المانحة ترأسه وزير خارجية النروج يوناس غار ستور مع رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، وركز على «جهوزية فلسطين لممارسة العمل والمسؤولية كدولة سيدة»، كما قال فياض في تقريره. وسينطلق الشق السياسي من بحث موضوع فلسطين بوصول الرئيس محمود عباس الى نيويورك للمشاركة اليوم في الدورة ال 66 للجمعية العامة التي باتت توصف بأنها دورة فلسطين. ومن المقرر ان يبدأ أول تجمع لوزراء الخارجية العرب والأوروبيين مساء اليوم في عشاء خاص ومغلق يضم 28 وزيراً، قد يحضره الرئيس الفلسطيني ويستضيفه كل من وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد ووزير خارجية لوكسمبورغ جون أسيل بورن ورئيس مؤسسة السلام الدولي «آي بي آي» تيري رود لارسن. وهذه السنة السادسة التي يقام فيها هذا العشاء السنوي الذي لا يشمل إسرائيل، ويضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والمغرب والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ونائب وزيرة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز والمفوضة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون. في هذه الاثناء، تتواصل جهود ديبلوماسية مكثفة لثني الفلسطينيين عن التوجه الى مجلس الامن لطلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الاممالمتحدة، وبالتالي تجنب مواجهة مع اميركا التي تهدد باستخدام «الفيتو». وكان متوقعا ان تجري امس في نيويورك مشاورات ديبلوماسية بين العناصر المكونة للجنة الرباعية من دون حصول اجتماع رسمي. وفي هذا الاطار، كان متوقعا ان يلتقي الموفد الخاص للجنة توني بلير الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وان تلتقي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع آشتون. وفي اطار ما يتم تداوله كمخرج، أعلنت مصادر فرنسية ان باريس ستعرض على الرئيس عباس غداً تصويت غالبية اوروبية مع دولة على نسق الفاتيكان شرط التوجه الى الجمعية العامة بدلا من مجلس الامن، في وقت تعمل اللجنة الرباعية من اجل التوصل الى بيان يشكل «اطارا مرجعياً للمفاوضات» يتضمن طموحات الفلسطينيين بدولة وسقفاً زمنياً لمفاوضات مباشرة. من جانبها، تعمل الادارة الاميركية على الحصول على غالبية في مجلس الامن ضد العضوية الكاملة تجنبها حرج استخدام حق النقض (الفيتو). وفي التفاصيل، قالت مصادر فرنسية مطلعة على المفاوضات الاوروبية مع السلطة الفلسطينية ان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه سيعرض على عباس خلال لقائهما غداً في نيويورك استعداد فرنسا ودول اخرى للتصويت من اجل دولة على نسق الفاتيكان في حال اعتماد السلطة خيار الجمعية العمومية بدلا من التوجه الى مجلس الامن. وتحدثت مصادر فرنسية اخرى عن احباط في باريس لأن آشتون لم تنقل هذا الموقف الاوروبي الى عباس قبل قراره التوجه الى مجلس الامن بسبب ضغوط مورست عليها من المبعوثيْن الاميركيين ديفيد هيل ودنيس روس وبلير. في الوقت نفسه، اعلن بلير امس ان الجهود مستمرة لثني الفلسطينيين عن مواصلة تحركهم في اتجاه مجلس الامن، وقال لشبكة «إيه بي سي» الاميركية: «اعتقد بان هناك وسيلة لتفادي مواجهة»، لكن «السبيل الوحيد في النهاية للتوصل الى دولة فلسطينية... هو اجراء مفاوضات». واضاف ان «الرباعية» تحاول صوغ بيان يشكل «اطاراً مرجعياً للمفاوضات». واوضح ان «الرباعية ستسعى خلال الايام المقبلة الى إيجاد سبيل لجمع العناصر التي تتيح الاعتراف بمطالب (الفلسطينيين) وطموحاتهم المشروعة لقيام دولة، مع تكرار» ضرورة اجراء مفاوضات مباشرة، مضيفاً: «من الاهمية بمكان اعطاء نوع من جدول زمني لإنجاح المفاوضات، هذا العمل جار حالياً». من جانبه، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس أنه ذاهب إلى نيويورك بهدف إفشال المسعى الفلسطيني لنيل اعتراف مجلس الأمن بدولة فلسطينية مستقلة، في إشارة إلى تعويل إسرائيل على الجهود الأميركية المتواصلة لتأمين غالبية داخل المجلس تعارض المقترح الفلسطيني. في موازاة ذلك، أعربت أوساط أمنية إسرائيلية عن خشيتها من اندلاع أعمال عنف في الضفة ليس نتيجة تظاهرات الفلسطينيين فحسب، إنما بفعل اعتداءات يبادر إليها المستوطنون ضد الفلسطينيين احتجاجاً على الاعتراف بالدولة. وكان مقرراً أن يعقد اجتماع الدول المانحة للسلطة الفلسطينية مساء أمس بتوقيت نيويورك، على أن يناقش ممثلو الأممالمتحدة واللجنة الرباعية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإسرائيل والسلطة الفلسطينيةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي «التقدم الاقتصادي في السلطة الفلسطينية والاستمرارية المالية والحيوية الاقتصادية في الاقتصاد الفلسطيني». وناقش المؤتمر تقارير قدمها كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأممالمتحدة، إضافة الى السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ومداخلات لكل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وممثلي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وأكد فياض في تقريره جاهزية المؤسسات الفلسطينية لتوفير الأمن والعدالة وتأمين الخدمات العامة وبيئة مؤاتية للاستثمار الاقتصادي في مناطق السلطة الفلسطينية «ما يؤكد ما أعلنه المجتمع الدولي بإننا قادرون على ممارسة العمل والمسؤولية كدولة سيدة». وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي وسياساته «هما العائق امام عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة»، وأن الاحتلال عرقل قيام المؤسسات الفلسطينية بواجباتها في تأمين الخدمات العامة للمواطنين الفلسطينيين. وقال إن «إنهاء الاحتلال هو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية وتأسيس استقلال دولة فلسطين القابلة للحياة وسيادتها». واعتبر أن «عدم قدرتنا على تطبيق المبادرات التنموية سببه الاحتلال واستمرار السيطرة الإسرائيلية على القدسالشرقية وما يعرف بالمنطقة «ج» (الخاضعة امنيا واداريا للاحتلال) التي تشكل 60 في المئة من الضفة الغربية. وأضاف أن التقسيم الذي سببه جدار الفصل والمستوطنات ونظام عرقلة التنقل والحركة واستمرار حصار غزة، «يعيق قدرتنا على تأمين الخدمات الى كل مواطنينا». وختم بأنه رغم استعداد لإعلان الدولة إلا أن الجهود الفلسطينية لن تتوقف حتى بعد تأسيس الدولة لتحقيق التنمية والإصلاح ومعالجة آثاء الاحتلال المدمرة على الاقتصاد الفلسطيني.