ازدادت الدول الغربية ارتباكاً وتفاقمت مخاوفها بعدما أوضح الرئيس محمود عباس للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ولكل من اجتمع معه أمس، أن استراتيجيته تنطلق أولاً من جدية السعي وراء عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة من خلال مجلس الأمن حيث ينتظره «الفيتو» الأميركي، من دون التخلي عن خيار التوجه الى الجمعية العامة لاستصدار قرار يعطي دولة فلسطين مركز «الدولة المراقبة» ويتمتع بالأصوات اللازمة لإصداره، ويعطي فلسطين حق طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية. وأكد الرئيس الفلسطيني ل «الحياة» في أعقاب اجتماعه ببان: «سنطلب العضوية الكاملة من مجلس الأمن». وأكد مصدر رفيع المستوى في الأمانة العامة أن عباس كان في غاية الوضوح مع بان بأنه لا ينوي مجرد إيداع طلب العضوية الكاملة لديه بعد القاء خطابه أمام الجمعية العامة الجمعة المقبل، وإنما يريد من الأمين العام تفعيل الطلب حال تسلمه لإيصاله الى مجلس الأمن. وبدا عباس في غاية الارتياح وهو يتحرك في نيويورك من اجتماع الى آخر مستقبلاً وزراء غربيين وعرب، منهم وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ووزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل. واعرب جوبيه أمام «مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك عن المخاوف من اندلاع «العنف» احتجاجاً على «الفيتو» الأميركي، وقال: «علينا أن نتجنب المواجهة»، مؤكداً حق الفلسطينيين بالدولة، وقال «ملتزمون» قيام دولة فلسطين «ولا مناص لنا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية». واضاف أنه في حال ذهاب الفلسطينيين الى مجلس الأمن، فإن القرار سيسقط بالتأكيد بسبب «الفيتو» الأميركي، «وربما لا يحصل على الأصوات التسعة» اللازمة لتبنيه. لكن أوساط مجلس الأمن تحدّت هذا الافتراض، ووجدت فيه أسلوب «تخويف» ومحاولة لردع الفلسطينيين عن التوجه الى المجلس خوفاً من إفرازات «الفيتو» الأميركية. وقبل لقائه عباس، قال جوبيه خلال لقائه عدداً من الاعلاميين الفرنسيين: «لم نتحفظ عن القرار الفلسطيني للذهاب الى مجلس الامن، فهذا قرارهم، ونحن نريد فهم استراتيجيتهم». واضاف: «في ضوء الاجابة، ستتمكن فرنسا من تقويم أفضل للوضع». وقال ان «الحل الوحيد لتجنيب الجميع مواجهة خطيرة هو بالعودة الى المفاوضات، ونحن سنبذل جهودا كبرى لهذه الغاية خلال لقاءاتي مع (مبعوث اللجنة الرباعية) توني بلير و(وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي) كاثرين آشتون وباقي اعضاء الرباعية». ويسود الاوساط الفرنسية نوع من الارتباك ازاء الموقف الذي سيكون لفرنسا في مجلس الامن كونها اعترفت وأيدت حل الدولتين ودافعت عن هذا المبدأ، لكن ايضا هناك مسألة المواجهة مع الادارة الاميركية في حال التصويت. من جانبه، يسعى بلير الى التوصل الى صيغة بيان تتضمن «وضع أسس موثوقة للتوصل الى حل قضايا الحل النهائي ضمن إطار زمني». وقال بعد اجتماع للدول المانحة للسلطة الفلسطينية إن «السلطة في الضفة الغربية قادرة على حكم دولة، لكن التفاوض يجب أن يتم لحل قضايا الحدود والقدس واللاجئين وقضايا الأمن، وحقيقة أننا يجب أن نجد طريقة توحد الضفة وغزة، وهذا هو التحدي الآن». ودعا الطرفين الى إيجاد الأساس الموثوق للتوصل الى حل هذه القضايا». وقال إن أعضاء «الرباعية» سيواصلون مشارواتهم، وأنهم متفقون على «التوصل الى بيان». وقال رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض بعد الاجتماع نفسه إن «التحرك الفلسطيني على الساحة الدولية، بما يشمل الأممالمتحدة، هو خيار فلسطيني اقتضته المصلحة الفلسطينية كما نراها وبما ينسجم مع البرنامج الذي أعلن العالم برمته تأييده وهو برنامج إنهاء الاحتلال وإنشاء الدولة، والذي كنا أطلقناه قبل عامين، ووصلنا الى نقطة الجاهزية الوطنية لاقامة الدولة». وشدد على أن الجزء الثاني من هذه المعادلة هو «إنهاء الاحتلال بما يمكن الشعب الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة»، مضيفاً أن هذا الأمر أصبح استحقاقاً «ولا بد من التعامل معه بما يشمل الأممالمتحدة». وكرر نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني آيالون دعوة الفلسطينيين الى المفاوضات المباشرة «من دون شروط مسبقة»، وقال إن الاعتراف بدولة فلسطين في الأممالمتحدة «سيكون كلاماً فارغاً وحلاً افتراضياً». في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة ان الأمير سعود الفيصل ركز أمس في اجتماعه مع الامين العام للأمم المتحدة على موضوع الإرهاب واليمن والبحرين، مضيفة انه كان مقرراً عقد اجتماع بينه وبين الرئيس عباس للتفاهم على الاستراتيجية الفلسطينية. وتحدث سعود الفيصل في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي تدعمه المملكة العربية السعودية، وقال إن «الإسلام لا تمثله فئة ضالة من المسلمين». ورحب بان وسعود الفيصل،خلال اجتماعهما، بتأسيس مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب اذ «شكر الأمين العام السعودية على تمويلها الإنساني الكريم، بما فيه المساهمة في الصومال من خلال منظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا لللاجئين»، وفق بيان صدر عن مكتب بان. وأكد سعود الفيصل، في كلمته في مؤتمر مكافحة الإرهاب، «أن المملكة ستدعم أي جهد دولي لمواجهة الإرهاب»، وقال إن تأسيس مركز مكافحة الإرهاب يأتي تتويجاً للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض العام 2005 بمشاركة 60 دولة والعديد من المنظمات الدولية والاقليمية، وما نجم عنه من توصيات دعت الى تعزيز الجهود الوطنية والعالمية للتصدي الفاعل لمواجهة الظاهرة والقضاء عليها. واعتبر أن «من شأن المركز أن يشكل أول مؤسسة أممية متخصصة في مكافحة الإرهاب باعتباره من أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي». وقال إن المملكة «لن تتوانى عن دعم أي جهد دولي للمكافحة هذه الآفة انطلاقاً من عقيدتها وتراثها ومناهضتها الإرهاب بكل أشكاله، وأياً كانت جنسياته أو أشكاله والعقيدة التي ينتمي إليها».