فيينا - أ ف ب - ساهم صيف حار وذوبان في كتلة جليدية ومرور متسلقي جبال المان في جبال الألب الايطالية عند الحدود مع النمسا قبل عشرين سنة، في أحد أهم الاكتشافات في تاريخ علم الاحاثة، مع العثور على أوتزي «رجل الجليد»، وهي مومياء تعود إلى أكثر من خمسة آلاف سنة. رصد هلموت واريكا سيمون في 19 ايلول (سبتمبر) 1991 خلال رحلة لهما على ارتفاع 3210 أمتار على كتلة فال سينال الجليدية التي شهدت ذوباناً كبيراً بعد صيف حار، على الجزء الاعلى من المومياء الخارج من بين الجليد. وتبين ان الامر لا يتعلق بجثة شخص وقع ضحية حادث يعود الى سنوات قليلة، بل بمومياء رجل توفي قبل 5100 سنة لا تزال محفوظة في شكل لافت. وقد سمي لاحقاً اوتزي بسبب العثور عليه في وادي اوتز «اوتزتال». الإكتشاف كان مثيراً للغاية: فهذه من أقدم الموميوات في العالم، والاهم ان عملية التحنيط الطبيعية من خلال الجليد الذي غطى الجثة سريعاً بعد الوفاة، سمحت بالمحافظة على الجثة بشكل جيد جداً من خلال احتباس رطوبة الخلايا مما سهل الابحاث العلمية. وتبين علمياً ان طول اوتزي كان بحدود 1.60 متر ووزنه 50 كيلوغراماً، وهي قامة طبيعية في تلك الحقبة. كان شعره بنياً ومتموجاً، وكان على الارجح يرخي لحية. وأشارت فحوص الحمض النووي «دي ان ايه» التي أجراها عالم الوراثة في توبينغن (جنوب غربي المانيا) كارستن بوش الى أن عينيه كانتا بنيتي اللون. وفي الذكرى العشرين لاكتشاف المومياء سينشر العالم معلومات جديدة عن «اوتزي» ولا سيما حول وضعه الصحي. مومياء اوتزي وتمثال يمثل اوتزي عندما كان على قيد الحياة، موجودان في متحف الآثار في التو اديدجي في بولزانو (شمال ايطاليا) الذي يكرس حتى منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل معرضاً موقتاً حول المومياء عارضاً آخر نتائج الفحوص العلمية. وفي تموز (يوليو) الماضي، كشف الخبراء الذين حللوا محتوى امعائه ان اوتزي تناول لحم عنزة برية، قبيل وفاته التي حصلت في الربيع نظراً الى غبار الطلع الذي عثر عليه في جسمه. وعثر قرب المومياء على ملابس ومعدات ومؤن محفوظة بشكل لافت ما يشير الى انه كان رجلاً مهماً. وتأكد العلماء من أن الرجل توفي من جرح تسبب به سهم اصاب كتفه الايسر واثار نزيفاً قوياً ادى الى موته السريع. الا ان التحاليل لم تكشف كل شيء بعد عن قصة هذا الرجل المشوقة الذي عاش في مرحلة ما قبل التاريخ. ولا يزال العلماء يتساءلون عما إذا كان قد توفي على مرتفعات اوتزتال او في مكان آخر وإذا ما كان قد دفن ام لا. هذا الاكتشاف أثار حماسة في عالم الاحاثة لكنه اثار ضجة ايضاً في المحاكم. فإلى جانب الخلاف بين النمسا وايطاليا حول نسب اوتزي الذي عثر عليه على بعد عشرات الامتار من الحدود من الجانب الايطالي، فإن الخلاف داخل مقاطعة بولزانو الايطالية، استمر لسنوات.