على رغم إصرار بعض كتاب المقال الحاضرين ملتقى الكتاب السعوديين الأول الذي أقامه نادي المنطقة الشرقية الأدبي الاثنين الماضي، ونُقل مباشرةً على القناة الثقافية، على تحويله إلى صورة طبق الأصل من الحوار الوطني، عبر التركيز على التصنيفات والخوض في عمق الصراعات الفكرية؛ ما بين الليبراليين والإسلاميين، فقد تجاوزت الغالبية العظمى منهم هذا الأمر واتجهوا إلى المطالبة بالاعتناء بمكانة كاتب المقال محلياً، ودور الرقيب في عرقلة التنمية الثقافية، ومراعاة الجانب القيمي والسلوكي في المجتمع عند الكتابة. كما طالبوا باستقلال كُتّاب الرأي وعدم تعصبهم لأي صراع فكري أيديولوجي والاهتمام بكل قضايا الوطن. وسيطر اقتراح رئيس تحرير صحيفة «الشرق» الزميل قينان الغامدي على أجواء الملتقى، داعياً إلى إنشاء هيئة خاصة معنية بكتاب الرأي السعوديين. وقد عبر الحاضرون عن رضاهم عن هذا المقترح؛ بوصفه «مهماً، ويجب أن يُفعَّل؛ لأنه سيصب في النهاية في مصلحة الكاتب السعودي». كما شكلت مداخلة الكاتب شلاش الضبعان فارقاً عندما أشار إلى «ضرورة الاهتمام بكتاب أطراف الوطن ممن لا تصدر لديهم صحف تهتم بشؤونهم؛ لذلك يجب إتاحة المجال لهم للمشاركة وطرح مشكلات المواطنين، خصوصاً مع بعض الجهات الحكومية التي تماطل في إنهاء معاملاتهم». وبدوره انتصر ماجد رائف للشباب ورفض اتهامهم بأنهم بعيدون عن الثقافة «بل ابحثوا عنهم في منتديات الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وقبل أن تلقوا اللوم عليهم قوموا باحتضان مواهبهم وتقديم المادة المناسبة الجاذبة لهم». أما الدكتور محمد الهرفي فقد رفض إلقاء اللوم على الكاتب لعدم تلمُّسه قضايا المجتمع، موضحاً أن «هذا راجع في الأساس إلى هامش الحرية غير المتوافر أصلاً؛ فمثلاً الصحف لا تجرؤ على نشر مقالات النقد الموجهة إلى بعض الجهات ممن يشكلون جزءاً من دعم الصحيفة عبر الإعلان فيها؛ لذلك فإنهم مستعدون للاستغناء عن هذه المقالة؛ حتى لا يتضرروا بسببها. إذن المشكلة في القيادات الصحافية، وليس في الكُتّاب». من ناحية أخرى، أثار غياب المرأة عن المشاركة في هذا الملتقى تساؤل الحاضرين ووسائل الإعلام التي غطت هذا الحدث، وهذا ما رد عليه رئيس «أدبي الشرقية» محمد بودي بأنه «لا يعود إلى التقليل من دور الكاتبة السعودية، ولكن لضيق فترة الإعداد لهذا الملتقى الأول، على أن تكون حاضرة في الدورات المقبلة». ورفض بودي كل الاقتراحات التي قدمت له من المشاركين الرافضة لاحتكار ناديه إقامة هذا الملتقى، معللاً بأن ذلك سيكون تقليداً سنوياً «كما يوجد في الرياض ملتقى النقد، وفي حائل ملتقى الرواية، سيكون في الشرقية ملتقى الكتاب السعوديين». بدوره افتتح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان الملتقى بكلمة أشار فيها إلى أن مثل هذه اللقاءات «مفيدة على مستويات كثيرة، منها تبادل المعرفة وتقوية أواصر العلاقة داخل المجتمع، والتعرف على نماذج وتجارب ومواقف وآراء وأفكار متنوعة»، مضيفاً: «يتحمل الكاتب مسؤولية جس نبض الشارع وتفهمه؛ فالكاتب ذو رؤية تحترم الآخرين وتقدر تنوعهم؛ فلا يصادر رؤية أحد، ولا يفرض الوصاية على أحد؛ فهو صديق للمجتمع أكثر من كونه أستاذاً يملي عليهم التعليمات». وبحضور أكثر من 30 كاتباً تناول الدكتور عبدالله الطاير في الجلسة الأولى ورقة بعنوان «الكاتب والتنمية الثقافية» قدم من خلالها مفهومه لماهية الثقافة، مبيناً أن هناك صيغاً لتعريف الثقافة تنسجم مع أعمدة الصحافة السعودية، وخصوصاً الافتتاحيات، وطرح الطاير سؤالاً حول السبب الذي يدفع إلى الكتابة وأجاب عنه، مشيراً إلى أن الكتابة تنقل رسائل للمشاركة مع الآخرين، وقال إن الكتاب السعوديين «غالبيتهم موظفون في الدولة؛ مما يفقد بعضهم الاستقلال». أما الجلسة الثانية فقد قدم الكاتب بدر بن سعود ورقة تناول فيها مجموعة من المفاهيم والنقاط، منها تغير مفاهيم الثقافة ولمحة عن مفهوم الرأي الصحافي وتاريخه، وصحافة الرأي والمؤسسات عربياً ومحلياً كما قدم قراءة سريعة في أرقام مقالات الرأي السعودية ومدلولاتها في الصحف. وخرج الملتقى ب16 توصية، كان أبرزها: اقتراح تشكيل جمعية أو هيئة لكتاب الرأي السعوديين، إنشاء مراكز للمعلومات المتخصصة في الصحف السعودية؛ حتى تكون رافداً ومعيناً للكتاب الصحافيين في كتاباتهم، وتفعيل رابط الكتاب السعوديين الذي جمد نشاطه، واستحداث جائزة لأفضل مقال أو لأفضل الكتاب السعوديين الصحافيين تقدم سنوياً من وزارة الثقافة والإعلام، وكذلك ضرورة اهتمام المؤسسات الصحافية بأطروحات الكتاب الثقافية. ... رفض الإرشادات وعودة النقد الجارح للذات