بني وليد (ليبيا) - رويترز، أ ف ب - واصلت عائلات مقيمة في بني وليد امس مغادرة المدينة هرباً من المعارك بين قوات موالية لمعمر القذافي والثوار الذين استقدموا أسلحة جديدة في محاولة للتغلب على المقاومة العنيفة التي يواجهونها خلال محاولتهم دخول المدينة. وتعبر منذ الصباح سيارات تنقل عائلات وأفراداً وأمتعة، الحواجز التي يقيمها مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي عند أطراف بني وليد، احد آخر معاقل العقيد الليبي الفار. وقال المقاتل إبراهيم بشير علي (25 سنة)، الذي يشرف مع مقاتلين آخرين على حاجز يبعد حوالى خمسة كيلومترات عن مدخل المدينة وتتمركز عنده مجموعة من الصحافيين، إن «عشرات السيارات تعبر منذ الصباح هرباً من المدينة». وأضاف أن «العائلات التي تُغادر تخضع للتفتيش تحسباً من وجود مندسين فيها ثم تكمل طريقها باتجاه مناطق أخرى». وقال عبد المطلب (42 سنة) العائد من المدينة مع ثلاثة من أقربائه إن «الوضع مستقر حالياً وهادئ في بني وليد لكن السكان يشعرون بالخوف». وأوضح عبد المطلب، الذي يسكن عند أطراف المدينة، أن «إذاعة الكذب والفتنة والعمالة تبث تهديدات منذ الصباح ضد أهالي المدينة بسبب محاولة الثوار دخولها، ما دفع المقاتلين إلى التراجع عن تمركزهم عند أطرافها خوفاً على حياة السكان». وذكر أن «أصوات تبادل إطلاق النار تًسمع بين الحين والآخر، إلا انه لا معارك كبيرة حتى الآن». وكان الثوار يجربون في منطقة يتمركزون فيها على بعد كليومترات قليلة من مدخل المدينة، أسلحة جديدة تشمل مضادات الدروع والمدفعية الخفيفة. وقال قائد ميداني للثوار رفض الكشف عن اسمه «استقدمنا أسلحة جديدة والمقاتلون يتدفقون من مناطق أخرى أيضاً». ولم تشن قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي أي هجوم كبير بعد المعارك التي دارت الأحد في بني وليد. وقال طبيب جراح من مستشفى ميداني أقيم خارج المدينة الأحد، إن 10 أشخاص على الأقل قتلوا في معارك الأحد، مضيفاً «نقلت إلى المستشفى 10 جثث و20 جريحاً بينهم امرأة». وقتل السبت خمسة أشخاص على الأقل وأصيب اكثر من عشرة بجروح. وكان منسق الجبهات قرب بني وليد العقيد عبدالله أبو عصارة اعلن في وقت سابق أن «المقاومة شرسة وقوية لكننا نأتي بأفضل مقاتلينا»، مضيفاً «أن معظم القوات والمرتزقة التابعين للقذافي موجودون في بني وليد». وأشار أبو عصارة إلى أن المقاتلين لم يتلقوا بعد أمراً بشن الهجوم بينما تجعل طبيعة هذه المدينة الشاسعة، التي تعتبر ممراً استراتيجياً نحو الجنوب بشكل عام، مع تلالها الصغيرة العديدة، أي تقدم سريع أمراً صعباً. ويعرف غالبية سكان بلدة بني وليد ما يقولونه وهم يخرجون بسياراتهم عبر نقاط التفتيش ويعلنون صراحة انهم يؤيدون الثوار وأن القذافي كان طاغية وكان يجب أن يرحل ويهنئون المسلحين عند الحواجز على الإطاحة به. لكن كان لرجل ابتعد ليل الاثنين عن نقطة التفتيش رأي آخر عبر عنه. وقال حسين الزروق، الذي خرج من بني وليد مع زوجته وأطفاله الأربعة لوكالة «رويترز» انه يتمنى لو عاد وقت القذافي لأنه على الأقل كان السلام سائداً. واستطرد الزروق «أنا أؤيد القذافي» موضحاً أن الزعيم السابق وصل إلى السلطة في انقلاب غير دموي لكن الثوار يتولون السلطة الآن بالقوة والدم في كل مكان. وعلى رغم تأكيد الزروق أن معظم الناس في بني وليد يتفقون معه في الرأي إلا أن حجم التأييد للقذافي داخل البلدة غير معروف. وما هو واضح هو أن قوات المجلس الوطني الانتقالي تواجه مسلحين يقاتلون بضراوة وإصرار أكثر مما توقعوا. وفي بادئ الأمر قدروا أن يواجهوا في المرحلة الأخيرة من تقدمهم إلى وسط بلدة بني وليد نحو 25 رجلاً وإن عبر بعض المسؤولين عن اعتقادهم بأن العدد قد يكون أكبر. والآن يعترفون بأن العدد قد يصل إلى ألف من الرجال المدربين تدريباً جيداً. كما يعطل المخبرون السريون والتوترات القبلية جهود السيطرة على بني وليد التي تعتبر هي وسرت وسبها المعاقل الأخيرة للموالين للقذافي. وأبلغ مقاتلون مناهضون للقذافي «رويترز» أن هناك خونة بين صفوفهم ينقلون المعلومات إلى أنصار القذافي في بني وليد مما يصعب تحقيق تقدم في واحدة من الجبهات الأخيرة في الحرب الليبية. وكلما طال أمد المواجهة واستمرت الضربات الجوية التي يشنها الحلف على مواقع الصواريخ للقوات الموالية للقذافي كلما زادت الخسائر البشرية بين نحو 100 ألف يسكنون البلدة. وقال احد السكان ل «رويترز» وهو يغادر البلدة «الصواريخ تسقط على منازل المدنيين ويسيطر مقاتلو الثوار الآن على معظم الوادي لكن المعارك مستمرة في المدينة.» واستطرد «الإذاعة التي تبث دعاية القذافي قالت هذا الصباح إن حلف شمال الأطلسي سيقصف البلدة اليوم. لذلك نحن نغادرها. كل المتاجر أغلقت. لا يوجد طعام وشح الوقود جداً». وأبلغ الخارجون من البلدة «رويترز» انهم يسمعون دعاية لا تتوقف موالية للقذافي في الراديو. ولا يزال التأييد للقذافي قوياً في بني وليد ويرجع ذلك جزئياً لأن عدداً كبيراً من قبيلة ورفلة التي تعيش في بني وليد كانت تربطهم علاقات وثيقة بنظام حكمه. ويخشى البعض الآن من العقاب أو الاعتقال على يد قوات المجلس الوطني الانتقالي. وقال أحد المغادرين للبلدة «ما زال عدد القوات الموالية للقذافي في بني وليد أكبر من المعارضين». ويعد المجلس الوطني الانتقالي الحاكم الآن بألا يحدث ما يخشاه سكان بني وليد ويقول إن القوات الموالية للقذافي تشكل خطراً أكبر على السكان المدنيين وإن صواريخهم دمرت 25 منزلاً على الأقل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقال قائد ميداني إن قوات المجلس الوطني ستعود إلى بني وليد وتدخل بحرص من شارع إلى شارع وقال إن المدنيين يفرون بسبب صواريخ القوات الموالية للقذافي.