آثرت دول الاتحاد الأوروبي على رغم قوتها على مختلف المستويات، التوحد حفاظاً على مصالحها أمام تصاعد التحديات الدولية، وتقوم بإعداد الخطط والدراسات العلمية للنهوض بوضعها ومنافسة مختلف القوى في العالم وهو عين الصواب في عالم مضطرب. فالقوي يفرض نفسه مهما كانت الظروف ويحافظ على حقوقه ولا يستجديها. الدول العربية ضعفها من تفككها وعدم وحدتها وهو أمر بديهي لا يختلف عليه اثنان، إلا أنه محزن ومحبط. وباتت الدعوات والكتابات في ذلك أمراً لا طائل منه لكثرته. الأمر المؤسف أكثر من ذلك هو استمرار تفكك الحالة الفلسطينية على رغم وجود الاحتلال الذي يستهدف الجميع ولا يفرق بين هذا (الحزب) وذاك (التنظيم). مخطئ من يظن أن تحسين وضعه وإرجاع حقوقه يأتي من خلال عطف الآخرين وشفقتهم. «نتانياهو» قالها بصراحة، وعلى الفلسطينيين أن يقولوها بصراحة أن لا بديل عن وحدة الصف الفلسطيني ودولة كاملة السيادة عاصمتها القدس الشريف وإزالة الاستيطان وعودة سبعة ملايين لاجئ، وهذا يتطلب العمل من خلال مصادر القوة التي يملكها الشعب الفلسطيني وهي كثيرة إن أحسنت القيادات توجيهها بدل هدرها في خلافات وانقسامات باتت تستنزف طاقات الفلسطينيين. ما قاله نتانياهو في خطابه ليس من بنات أفكاره بل هو قراءة مدروسة بدقة للضعف الفلسطيني والعربي في ظل الانقسامات والتراجعات، وهو بذلك يريد أن يصل تحت القوة والهيمنة إلى حالة تجعل العرب والفلسطينيين يتنازلون عن الثوابت. تاريخياً، الحضارات العظيمة ذات القوة الكبيرة التي دامت مئات السنين ضعفت وانهارت من خلال تآكلها الداخلي وزيادة خلافاتها وتناقضاتها ما جعل أعداؤها يطمعون فيها وهو ما حصل في الأندلس مثلاً. ما بالنا نحن الفلسطينيين لا نتعظ من التاريخ ولا نتعلم الدروس منه. نتآكل ونضعف أنفسنا بأنفسنا بزيادة الخلافات والانقسامات في الوقت الذي يتحد عدونا، بما فيه من أحزاب وتنظيمات ويسير من خلال ثوابت وبرامج محددة لا يحيد عنها تحفظ أمنه وهيمنته في دولته القائمة على القهر والقوة الظالمة. صحيح أن قوة الاحتلال لا تقارن بقوة شعب مكلوم ومطرود من أرضه. لكن في المقابل إن أحسنّا المزج بين المقاومة الواعية والمفاوضات المدروسة نستطيع أن نقصّر عمر الاحتلال تمهيداً لكنسه إلى مزابل التاريخ. كل ما يريده الشارع الفلسطيني هو نجاح الحوار وتوحد الإخوة في بوتقة التخلص من الاحتلال بالمزج الدقيق والواعي بين المقاومة والمفاوضات، وان يصبح الشعب الفلسطيني قدوة ومدرسة في التخلص من الاحتلال لكل الشعوب المقهورة. فهل تحقق القيادات آمال وطموحات شعبها في السابع من تموز (يوليو) المقبل وتتحد؟ نأمل ذلك، فقد بلغت القلوب الحناجر. خالد معالي - بريد إلكتروني