في وقت بدأ الخلاف داخل التحالف الحكومي المسيحي - الليبرالي في ألمانيا يدبّ حول كيفية استخدام البلايين التي ستدخل إلى خزينة الدولة كتعويض عن الأموال المهربة إلى مصارف في سويسرا، انتقد العاملون في قسم قمع التهرب من دفع الضرائب بشدة الاتفاق الذي توصلت إليه برلين وبرن لإنهاء الأزمة القائمة منذ سنوات بين البلدين. وحملت أحزاب المعارضة النيابية بدورها، على الاتفاق لأنه يقايض تخلي الدولة الألمانية عن مطالبتها بالكشف عن أسماء المهربين وإحالتهم على المحاكم، التي تعتبر التهرب جريمة يعاقَب عليها لقاء قيام الدولة السويسرية ومصارفها بحسم النسبة ذاتها من الضرائب على رؤوس الأموال المهربة وتسليمها إلى الخزينة الألمانية. وبعد مفاوضات طويلة بين البلدين استمرت سنوات، اتفقت برلين وبرن على فرض الضريبة المطلوبة على الأموال المهربة بدءاً من عام 2013، ما يعني في رأي كثر تشريع هذه الأموال وعدم الإعلان عن أصحابها، لتفادي ملاحقتهم في ألمانيا. واتُفق أيضاً على تنظيم آلية تبادل للمعلومات في هذا الصدد، بهدف منع تهريب أموال جديدة إلى سويسرا مستقبلاً. ولا يزال الاتفاق من دون توقيع نهائي، ويتوجب على البرلمان الاتحادي واتحاد الولايات الألمانية الموافقة عليه. وقدّر مطلعون قيمة الأموال «السود» في المصارف السويسرية ما بين 130 و 190 بليون يورو. وفيما يدعي مؤيدو الاتفاق بأنه «سيحد من التهريب»، مشيرين إلى أن المصارف السويسرية ستفرض بالتعاون مع الدولة ضريبة تتراوح بين 19 و 34 في المئة على المبالغ المهربة بين الإعوام 2000 و 2010، وضريبة 26.375 في المئة على تلك المهرّبة بعد هذا التاريخ، على أن تحيل المبالغ التي ستُجمع إلى الخزينة الألمانية. وأوضح هؤلاء، ان نسبة الضريبة الأخيرة تعادل عملياً ما تطالب به السلطات الألمانية على كل مهرب يكشف عن نفسه، وهو أمر لا يفيد من يريد تهريب أمواله. وسيكون على مودعي الأموال في سويسرا، الاختيار بين دفع الضريبة والبقاء سريين أو التصريح طوعاً عن أنفسهم في ألمانيا. وفي حال رفضوا هذا وذاك سيكون عليهم نقل أموالهم من سويسرا في تاريخ أقصاه عام 2013. وأثار الاتفاق انتقاد مكافحي الجريمة، خصوصاً بعدما كُشف عن حصول محققين ألمان أخيراً على اسطوانة مدمجة جديدة تحمل آلاف أسماء مهربي الأموال من ألمانيا إلى أحد أكبر مصارف سويسرا. وأعرب هؤلاء عن خشيتهم من أن يؤدي الاتفاق إلى منع الاستعدادات التي يجرونها لمداهمة مكاتب ومنازل هؤلاء في ولايات عدة في يوم واحد وإحالتهم على المحكمة. ونُقل عن محقق محبط قوله إن الاتفاق «بمثابة عفو عن كل من يتهرب من دفع الضرائب، وصفعة شديدة لكل من صرح عن نفسه في الفترة الأخيرة».