بدأت سلطنة عُمان حملة وطنية لجمع عشرات الآلاف من الوثائق التي تؤرخ لمراحل من حضارتها، واستطاعت خلال سنوات قليلة من تأسيسها ل «هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية» توقيع اتفاقات عدة مع عدد من الدول للحصول على وثائق مهمة، من المتوقع تقديم بعضها في معرض كبير سيقام في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بالتزامن مع احتفالات السلطنة بعيدها الوطني. وسيكون المعرض على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع، ويتضمن أقساماً كبيرة لعرض العملات والطوابع والصور النادرة عن السلطنة، إضافة إلى عدد كبير من الوثائق والمخطوطات التي تتحدث عن تاريخ عُمان. وحصلت الهيئة على حوالى 50 ألف وثيقة من الأرشيف الهندي في نيودلهي، كما كلّفت باحثين متخصصين البحث عن الوثائق المتعلقة بالسلطنة في مدن ومناطق هندية مثل كيرلا وحيدر آباد ومومباي وغيرها، بهدف إلقاء الضوء على عقود مهمة من التاريخ المشترك بين الهند والسلطنة وبقية دول الخليج. ومن بين الوثائق التي عُثر عليها، مراسلات بين عُمان والهند تعود إلى الإمام سعيد إبن مؤسس دولة البوسعيد الحالية في عُمان الإمام أحمد بن سعيد، وهي مكتوبة بالعربية، إضافة إلى وثائق أخرى بالإنكليزية، وتقارير تتناول أحوال المنطقة وأحوال السلطنة بالذات، وحجم العلاقات والتبادل بين البلدين. وتشجع الهيئة المواطنين العمانيين، الذين يحتفظون بوثائق تاريخية مهمة تقدر بالآلاف، على التقدّم بها إليها بالبيع أو التسجيل أو الهبة. كما نظّمت عقوداً لأصحاب الوصايا الذين يخشون ضياع وثائقهم بعد مفارقتهم الحياة، لضمان حفظ وثائقهم في الهيئة كجهة متخصصة. ولدى الهيئة «عقد أمانة» لتلك الوثائق التي يحاول ملاكها حفظها من الكوارث والأخطار التي تهددها، ويستطيع مالكها استردادها. فيما تحتفظ الهيئة حالياً بحوالى 3500 صورة لمخطوطات خاصة تعود إلى أفراد عمانيين. وأقامت الهيئة، مطلع هذه السنة، معرضاً وثائقياً حول «العلاقات العمانية الهندية»، عرضت فيه وثائق تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، خصوصاً في ما يتعلق بالتبادل التجاري بين البلدين. وكلفت «مكتب إصدارات كامبريدج» إجراء دراسة تفصيلية حول حجم الوثائق الموجودة في بريطانيا، من طريق الملفات في المؤسسات البريطانية، كمجلس الوزراء البريطاني، ومجلس اللوردات، والوزارات البريطانية المختلفة، كوزارة الدفاع، وقطاع سلاح الجو، القطاع البحري، وزارة النقل والاتصالات، الأرشيف البريطاني، والمكتبة الوطنية. وتعمل الهيئة للحصول على نسخ من عشرات آلاف الوثائق المهمة في التاريخ العماني. وتأتي هذه الخطوة، في موازاة أخرى، في سياق البحث عن وثائق تخص السلطنة، في فرنسا وهولندا والبرتغال والولايات المتحدة وألمانيا وتركيا وبلدان شرق أفريقيا. وحصلت عُمان على مجموعة من الوثائق من الأرشيف الهولندي، علماً أن الهيئة حصلت على خمسة آلاف وثيقة وتقارير سياسية من الأرشيف التركي، تظهر علاقات السلطنة بالدولة العثمانية. ويُنتظر أن تلقي الوثائق البرتغالية الضوء على فترة الاحتلال البرتغالي للسواحل العُمانية ومناطق خليجية أخرى.