اشارت مصادر كردية الى بوادر حصول مواجهات بين مقاتلين اكراد وقوات النظام السوري في مناطق خاضعة لسيطرة «قوات حماية الشعب الكردية» التابعة ل «مجلس غرب كردستان» و «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم في شمال شرقي البلاد، في حين اتهمت منظمة «هيومن رايتش ووتش» سلطات الإدارة الذاتية الكردية الثلاث بممارسة «الاعتقال التعسفي» والقيام بخروق ضد معتقلين من احزاب معارضة واستخدام «القوة المفرطة». وقال مسلم ل «الحياة» ان عناصر في «قوات حماية الشعب» ارتكبت «اخطاء هنا او هناك». مضيفاً: «الأخطاء ناتجة من عدم الخبرة ولأن هذه العناصر كانت تعيش تحت حكم الدكتاتورية والقمع والتعذيب. ونقترح ان تقوم المنظمات الدولية بتدريب العناصر على الممارسة الأفضل بدل الاكتفاء بالنقد» وعُلم ان منظمة سوسرية تدرب عناصر كردية. وكانت «قوات حماية الشعب» التابعة ل «الديموقراطي الكردي» القريب من «حزب العمال الكردستاني» التركي بقيادة عبدالله اوجلان، سيطرت على مناطق ذات غالبية كردية في الجزيرة (شمال شرق) وعفرين وعين العرب (شمال) في محاذاة حدود تركيا في العام 2012، ثم سعى «الاتحاد» مع قوى سياسية اخرى لتشكيل ادارات ذاتية في ثلاثة كانتونات في بداية العام الجاري، قاطعتها احزاب «المجلس الوطني الكردي» المؤتلف مع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض. ويتكون تقرير «رايتس ووتش» الذي حصلت «الحياة» على مخلصه وينشر اليوم، من 107 صفحات بعنوان «تحت الحكم الكردي: الانتهاكات في المناطق الخاضعة لإدارة حزب الاتحاد الديموقراطي في سورية»، حيث وثّق «عمليات الاعتقال التعسفي لمعارضي الحزب السياسيين وانتهاكات أثناء الاحتجاز وحالات اختطاف وقتل مقيدة ضد مجهول. كما وثق استخدام الأطفال في قوة الشرطة التابعة للحزب وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب». وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» نديم حوري: «تتسم المناطق ذات الإدارة الكردية بهدوء أكبر من تلك الأجزاء التي تمزقها الحرب، لكن الانتهاكات الخطيرة ما زالت تحصل. ويتمتع حزب الاتحاد الديموقراطي بسلطة راسخة وبوسعه وقف الانتهاكات». وشكل «الاتحاد الديموقراطي» قوات شرطة (اسايش) وقوات مقاتلة (قوات حماية الشعب)، اضافة الى ادارات مدنية وهيئات تنفيذية ل «ملء الفراغ» الحاصل بتراجع سيطرة النظام السوري على مناطق ذات غالبية كردية حيث يشكل الأكراد نحو 15 في المئة من سكان سورية البالغ عددهم نحو 23 مليوناً. وقالت المنظمة ان خبراءها الذين زاروا بعض مناطق الإدارات الذاتية رصدوا قيام قوات الشرطة ب «اعتقال أعضاء في أحزاب المعارضة الكردية بسبب أنشطتهم السياسية. وفي بعض الحالات تمت إدانة أفراد المعارضة الكردية في محاكمات تبدو غير عادلة، لتورطهم المزعوم في تفجيرات» وأن اشخاصاً «محتجزين بجرائم عادية اعتقلوا من دون تصريح، وحرموا من التواصل مع محام واحتجزوا لمدد طويلة قبل عرضهم على قاض». وحاربت «قوات حماية الشعب» تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الذي قام مقاتلوه في 29 الشهر الماضي بالدخول الى رأس العين (سري كانيه) وأعدموا 15 مقاتلاً بينهم ستة اطفال. كما خطف مقاتلو «داعش» مئات المدنيين والطلاب الأكراد في شمال سورية. ولاحظ مسؤول غربي ل «الحياة» ان «قوات حماية الشعب» بدأت في الفترة الأخيرة في خوض مواجهات ضد القوات النظامية بالتوازي مع حربها ضد «داعش» والمتشددين، الأمر الذي دفع بعض الدول الغربية الكبرى للتفكير في فتح حوار سياسي مع «الاتحاد الديموقراطي» بعدما كانت هذه الدول تعتبره استمراراً للنظام في المناطق الكردية. وكان موقع «كلنا شركاء» المعارض نقل امس عن مصادر كردية ان مقاتلين اكراداً «يرفضون تسليم» بعض المناطق وخصوصاً حقل الرميلان النفطي في شمال شرقي البلاد الى قوات النظام. وأفاد رئيس «الاتحاد الديموقراطي» بأن «قوات حماية الشعب» الكردي «لن تسلم هذه المناطق» وأضاف: «اخرجنا قوات النظام من مناطقنا، والإدارات الذاتية الكردية هي التي تقرر حالياً. اذا اراد النظام العودة الى هذه المناطق يجب ان يجري هذا بالتفاهم مع مكونات المنطقة». وفيما يقول «الاتحاد الديموقراطي» ومسؤولو الإدارة المحلية ان مؤسسات القضاء المحلي و «المحاكم الشعبية» حديثة التأسيس تتمتع بالاستقلال، اشار محامون ونشطاء الى «تدخلات سياسية» في المحاكمات، وفق التقرير الذي اشار الى ان سجني القامشلي والمالكية اللذين زارهما خبراء «رايتش ووتش» يتضمان «تلبية للمعايير الدولية الأساسية» والى ان «الدستور الجديد» للأكراد المقدم في كانون الثاني (يناير) الماضي المسمى «العقد الاجتماعي، تضمن «تعزيز بعض المعايير الحقوقية المهمة وحظر استخدام عقوبة الإعدام». لكن تقرير «رايتش ووتش» انتقد ايضاً تجنيد «الاتحاد الديموقراطي» اطفال دون سن 18 في قوات «اسايش» و «قوات حماية الشعب» واستخدام هؤلاء المقاتلين «القوة المفرطة ضد متظاهرين معارضين، حيث انه في احدى المرات أطلقوا النار على ثلاثة رجال وقتلوهم. كما قتلت قوات الأمن رجلين آخرين في ظروف يكتنفها الغموض، وقتلت رجلاً ثالثاً في اليوم التالي. وقامت قوات الحماية باحتجاز نحو 50 من أعضاء أو مؤيدي حزب يكيتي المعارض تعسفاً في عامودا (شمال شرق) واعتدت عليهم بالضرب في قاعدة عسكرية». وأوضح مسلم انه «ليس هناك معتقلون لأسباب سياسية، بل هناك معتقلون لأسباب جرمية». وأشار الى اعتقال منتسبين لحزب كردي في تفجيرين وقعا في الدرباسية وعفرين قبل فترة.