أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي ان «الجيش هو العمود الفقري للبنان ولا أحد يستطيع انتهاك حرمته ولا حرمة رئاسة الجمهورية ولا حرمة الحكومة والمجلس النيابي ولا حرمة مؤسسات الدولة». كلام الراعي جاء قبل مغادرته بيروت صباح امس الى باريس التي وصلها ظهراً، في زيارة رسمية وراعوية هي الاولى بعد انتخابه، وتستمر حتى 11 الجاري، يقابل خلالها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعدداً من كبار المسؤولين الفرنسيين للبحث في التطورات في لبنان والمنطقة. والتقى عند السادسة مساء في البيت اللبناني الفرنسي، ممثلين ل»حزب الكتائب» ثم «التيار الوطني الحر» ووفداً من الأطباء اللبنانيين في فرنسا. ويترأس اليوم قداساً في كنيسة سيدة لبنان يشارك فيه عدد من أبناء الجالية في فرنسا. وقال الراعي في المطار حيث كان في وداعه وزير العدل شكيب قرطباوي ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال سليمان: «هذه الزيارة لها بعدها على كل المفاهيم، وكيف يمكن استمرار التعاون بين فرنسا ولبنان، لذلك نحمل كل قضايانا التي تقتضي هذا التعاون، ونحن نلعب دورنا من ناحيتنا اذ المقصود ان يستمر لبنان بلداً يحافظ على العيش معاً وعلى الديموقراطية وانفتاحه على العالم العربي والغربي، لبنان أرض الانسان والحريات رغم كل صعوباتنا الداخلية، وهذه المواضيع ستكون موضع محادثاتنا مع الرئيس الفرنسي والمسؤولين الفرنسيين الذين سنلتقيهم». وقال: «فرنسا دائما حافظت على دور الصداقة والتعاون والحضور والمساندة باستمرار، ولبنان دائماً وفيّ بسياسته الخارجية لفرنسا، والعالم اليوم لا يستطيع العيش بالعنف والحروب، بل يجب ان يعيش على الحوار والتعاون والحداثة والديموقراطية، واعتقد ان لبنان له دور مهم يلعبه». سئل: هل ستبحثون مع المسؤولين الفرنسيين في موضوع الثورات العربية و «الربيع العربي» ومدى تأثير ذلك على المسيحيين في لبنان والشرق؟. أجاب: «من دون شك، لأننا ننتمي لهذا العالم المشرقي بكل أبعاده، ومسيحياً، نحن موجودون في هذا العالم الشرق متوسطي ولبنان يعتبر بلداً له دوره كعامل استقراري في هذه البيئة، نحن نتكلم من حيث مسؤوليتنا تجاه عالمنا العربي، فنحن منفتحون عليه ويجب ان نتعاون معه ونحمل همومه، لكن نحن ضد العنف والحروب، ونريد ان يحل عالم اليوم مشاكله بالتفاهم والحوار وبإعطاء الانسان حقوقه وان ندخل فعلاً بالحداثة والديموقراطية، العالم العربي لا أحد يعرف الى أين يتجه، هو يعيش ثورات، ومطالبات، وهناك حقوق مهدورة، وأنظمة بحاجة لان تنفتح أكثر نحو الديموقراطية والحداثة، ولكن هل يا ترى الطريق هي طريق الحرب والعنف؟ لان العنف يولد عنفاً ويهجر ويزيد التشدد الديني والتعصب أكثر وأكثر، لذلك سنبحث في كل هذه المواضيع لأن فرنسا مؤمنة بكل هذه المبادىء التي نحن نؤمن بها في لبنان». وعما اذا كان سيطلب من ساركوزي الضغط على اسرائيل للانسحاب مما تبقى من الاراضي اللبنانية المحتلة ووقف الاعتداءات والتهديدات ضد لبنان. أجاب: «هذا مطلب أساسي، لأن لبنان من حقه ان يعيش كبلد له سيادته الكاملة على كامل اراضيه وترابه، عنده استقلاله وحضوره ودوره، ثم ان هناك مقررات من مجلس الامن ضروري ان تنفذ، ولا نستطيع الاستمرار ويعيش لبنان سيادته الكاملة وقراره طالما ان هناك ارضاً محتلة من قبل اسرائيل». وعن تعرض الجيش لحملات من بعض السياسيين أجاب: «الجيش هو ضمان لبنان، إنما هل في كل مرة يصدر أحدهم «خبرية» علينا ان نجاوبه، فنعطيه أهمية كبيرة؟ الجيش موجود وصامد ونحن معه وندعمه، وليس لنا حياة ولا عزة وكرامة وشرف الا بوجود جيش له كرامته وقوته، يتحمل مسسؤوليته الكاملة على ارض لبنان، نحن نحييه تحية كبيرة جداً، اما ان يقوم في كل مرة أحد ويوجه كلاماً ضد الجيش لسبب او لآخر، فهذا لا يعني ان اللبنانيين يقولون ذلك، وليست «حرزانة» ان نجاوب كل مرة من يتوجه بكلام ضد الجيش، يجب ان نعرف ايضا ان كل ما يختص بالدولة ومؤسساتها وأشخاصها، نحن موقفنا تجاههم هو موقف احترام وتقدير، ولا يجوز كل مرة ان نطعن بذلك فيجب ان يكون الولاء للبنان، والمواطنية الحقيقية تحترم اولا مؤسسات الدولة ومؤسساتها الدستورية، ثم اذا كان من انتقاد فبالإمكان توجيهه، فالانتقاد شيء والطعن بكرامة مؤسساتنا الدستورية شيء آخر». وأضاف: «نحن في حاجة لتربية أكثر لاحترام الدولة ومؤسساتها، ومن حقي ان أنتقد الأداء بما فيه حتى أداء رئيس البلاد، إنما ان أنتقد كرامته وأتنطح لكرامة الاشخاص في الدولة كلا، يجب التمييز بينهم، ونحن عندنا نقطة ضعف، وهي اننا نتبارى في انتقاد مؤسسات الدولة، ولا يحق لأحد ان يتبارى هكذا يجب ان نقول اين هي النقاط السلبية، هذا الولاء للبنان ولمؤسساته ينسحب ايضا على أبعد من ذلك، ونحن ايضا لنا موقف عندما يكون المسؤولون في لبنان ومن يتعاطى الشأن السياسي وبسبب خلافاتهم في الرأي ان تتعطل مسيرة الدولة وهذا ايضا غير مقبول، لذلك، يجب ان نميز بين الآراء السياسية والخلافات في الرأي والرؤية وحول المصلحة العامة بالبلاد، لا نستطيع كل مرة لاسباب او لاخرى نوقف مسيرة البلد». وزاد: «من يتعاطى الشأن السياسي يجب ان يعرف التمييز بين المصالح الشخصية والفئوية والآراء وبين الخير العام للدولة وخير الشعب. لا نستطيع ان نبقى جامدين والشعب يهاجر ويجوع ويتقهقر اضافة الى الهجرة النفسية اذ ان كثيرين من الناس لا يعني لهم شيئاً هذا الوطن». ووصف الراعي ملف بلدة لاسا في جبيل ب «العقاري وغير السياسي او الديني»، وقال: «شكّلنا لجنة مشتركة من النيابة البطريركية في جونية ورئيس البلدية والمختار لتحديد نقاط الخلاف، وفي ضوء ذلك نقوم بحل القضية ويمكن الوصول الى حلول جيدة»، داعياً الى «عدم اعطاء البعد العقاري بعداً سياسياً او مذهبياً، حتى ولو كان في نيات البعض شيء من هذا، فالحل يكون حبياً او قضائياً».