طرابلس، بنغازي، بئر دوفان (ليبيا) - أ ف ب، رويترز - أفاد مراسل «فرانس برس» أن حوالى 200 عربة قتالية موالية للمجلس الوطني الانتقالي تقدمت صباح أمس السبت باتجاه بني وليد (180 كلم جنوب شرقي طرابلس) أحد آخر معاقل العقيد معمر القذافي، من دون أن تدور معارك. لكن مسؤولاً محلياً كشف أن قوات الثوار منحت بني وليد مهلة تنتهي صباح اليوم الأحد للاستسلام. وقال عبدالرزاق ناضوري الرجل الثاني في المجلس العسكري في ترهونة (على بعد حوالى 80 كلم شمال بني وليد) لوكالة «فرانس برس»: «وجّه الثوار إنذاراً لزعماء قبائل بني وليد: إما أن يرفعوا الراية البيضاء ويستسلموا، وإما أن تبدأ المعارك. أمامهم 24 ساعة اعتباراً من هذا الصباح». وأوضح أحمد بلحاج، وهو قائد مجموعة من الثوار، أن قوات المجلس الانتقالي أتت من مدينة مصراتة الساحلية (210 كلم شرق طرابلس) عند قرابة الساعة 8,30 بالتوقيت المحلي متجهة إلى بني وليد. وأضاف: «تقدمنا مسافة 70 كلم من مواقعنا» باتجاه بني وليد حيث يعتقد أن القذافي يختبئ مع عدد من أبنائه. وأوضح مراسل «فرانس برس» أن حوالى 200 شاحنة بيك أب قتالية مجهزة بأسلحة ثقيلة تتبعها فرق طبية متأهبة لإجلاء الجرحى. وقال أحمد بلحاج إن حوالى 600 رجل في حال تأهب للمشاركة في العملية. وأوضح: «هناك قاعدة عسكرية قرب بني وليد تسيطر عليها كتيبة خميس القذافي ونريد الاستيلاء عليها». وعلى الجبهة الغربية في سرت لم تتحرك القوات الموالية للمجلس الوطني الانتقالي، بحسب مصادر مؤيدة للمجلس. وتفيد هذه المصادر بأن مقاتلي مصراتة يفضلون التركيز أولاً على جبهة بني وليد وعدم تشتيت جهودهم على جبهتين. وأكد رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبدالحكيم بلحاج ل «فرانس برس» أن «قوات من الثوار تتقدم نحو بني وليد». وقال إن «قبيلة القذافي بدأت تنقلب ضده، كما أننا تلقينا اتصالات من أطراف فيها أكدوا أنهم سينحازون إلى جانب ما سيقرره الشعب الليبي». وفي مؤتمر صحافي في طرابلس قال علي الترهوني وزير النفط بالمجلس الانتقالي إن المجلس العسكري في طرابلس أبلغه أن هناك احتمالاً بأن تنضم بني وليد الى «الثوار» وتصبح تحت سيطرتهم. وقال مصدر في طرابلس على اتصال بسكان البلدة الواقعة على بعد نحو 150 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة ل «رويترز»، الجمعة، أن زعماء القبائل هناك يأملون في حل سلمي عن طريق التفاوض مع القوات الموالية للمعارضة التي أطاحت بالقذافي الأسبوع الماضي. وقال الترهوني إنه لم يقع قتال في بني وليد أمس. ورداً على سؤال عما إذا كان القذافي في البلدة كما سبق وأن أعلن قادة عسكريون بالمجلس الانتقالي، قال الترهوني إنه بالنسبة إلى القذافي نفسه فإن المجلس يعرف مكانه. في غضون ذلك، قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبدالجليل في مؤتمر صحافي أمس إن التحقيقات جارية لكشف أي فساد في المؤسسات في ليبيا وانه تم منح المدن التي لم تنضم بعد للثورة مهلة لتقوم بذلك. وقال عبد الجليل: «هناك معلومات عن فساد مالي في بعض مؤسسات الدولة. سنتحقق من هذه المعلومات وإذا ثبت سنعلن للكافة أسماء الشخاص والأفعال التي ارتكبوها». وأضاف أن المدن التي لم تنضم الى الثورة ستمنح مهلة أسبوعاً للقيام بذلك. وتابع انه لا نية للمجلس لجمع أسلحة الثوار في طرابلس. ومضى يقول: «ليس هناك أي قرار صادر من المجلس الوطني أو حتى مجرد النية لجمع الأسلحة من الثوار في طرابلس أو إخراجهم من المدينة». ووصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى طرابلس السبت لتقديم الدعم لخطط المجلس الوطني الانتقالي لترسيخ نظام ديموقراطي جديد. وحطت طائرة ايان مارتن في مطار طرابلس العسكري بعدما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة على إعادة الأمن الى البلاد إثر أشهر من النزاع بين الثوار وقوات القذافي. وقال مارتن للصحافيين في المطار: «نريد أن نناقش مع المجلس الوطني الانتقالي الطريقة التي يمكن أن نقدم من خلالها المساعدة في المستقبل». وفي واشنطن (أ ف ب)، قالت تقارير إعلامية إن ملفات تم العثور عليها في مبنى تابع للحكومة الليبية أظهرت تعاوناً وثيقاً ربط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أي» والاستخبارات البريطانية باستخبارات نظام معمر القذافي، بما في ذلك نقل مشتبهين بالإرهاب الى ليبيا لاستجوابهم. وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الجمعة مستشهدة بوثائق قالت انه تم العثور عليها في مقر للهيئة الليبية للأمن الخارجي إن «سي آي أي» نقلت في ظل إدارة الرئيس جورج دبليو بوش متهمين بالإرهاب الى ليبيا واقترحت أسئلة بعينها يوجهها المحققون الليبيون للمشتبهين. كما عمدت «سي آي أي» في عام 2004 الى تأسيس «تواجد دائم» لها في البلاد، بحسب الصحيفة التي استشهدت بمذكرة للموظف البارز في وكالة الاستخبارات المركزية ستيفن كابس وجهها الى رئيس الاستخبارات الليبية وقتها موسى كوسة. وتبدأ الرسالة بين عميلي الاستخبارات البارزين بالقول «العزيز موسى» وقد ذيلت بالتوقيع «ستيف»، بحسب الصحيفة. وأشار مسؤول أميركي - بحسب ما نقلت عنه الصحيفة من دون كشف اسمه - إلى أن ليبيا كانت في ذلك الوقت بصدد كسر الجمود في علاقاتها الديبلوماسية مع الغرب. وقال المسؤول: «بحلول عام 2004 أقنعت الولاياتالمتحدة الحكومة الليبية بالتخلي عن برنامجها للأسلحة النووية والمساعدة في منع الإرهابيين من استهداف الأميركيين سواء في الولاياتالمتحدة أو خارجها». وقالت الصحيفة إن باحثين من منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان عثروا على الوثائق أثناء تفقدهم للمبنى الحكومي الليبي ونقلوا نسخاً منها للصحيفة. وبحسب صحيفة أميركية أخرى هي «نيويورك تايمز» فقد نقلت الاستخبارات الأميركية مشتبهين بالإرهاب ثماني مرات على الأقل لاستجوابهم في ليبيا على رغم المعروف عن ليبيا من انتهاج التعذيب. ومقابل ذلك قالت الصحيفة إن الليبيين طلبوا تسليمهم «أبو عبد الله الصادق» زعيم «الجماعة الإسلامية المقاتلة» فكتب مسؤول في «سي آي أي» يرد عليهم في آذار (مارس) 2004 قائلاً: «إننا ملتزمون تطوير هذه العلاقة لمصلحة جهازينا». واعداً بفعل ما أمكنهم للعثور عليه، بحسب وثيقة وجدت في ملف يتعلق ب «سي آي أي». وقالت هيومن رايتس ووتش إنها علمت من الوثائق أن الاسم الحقيقي لأبي عبد الله الصادق هو عبد الحكيم بلحاج، وهو الآن المسؤول العسكري للثوار الليبيين في طرابلس. كذلك تشير الوثائق إلى قيادي آخر في «المقاتلة» هو «أبو المنذر» (سامي الساعدي) تم تسليمه إلى ليبيا بعد توقيفه مع أسرته في هونغ كونغ، وفي تلك الأثناء قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية إن الوثائق السرية التي تم العثور عليها في مكتب موسى كوسة تظهر أيضاً أن بريطانيا بعثت بتفاصيل عن معارضين في المنفى الى أجهزة استخبارات القذافي. وقالت الصحيفة أن ما عثر عليه من وثائق يبين أيضاً أن مكتب رئاسة وزراء توني بلير هو الذي طلب أن يجري اللقاء مع القذافي في طرابلس عام 2004 في خيمة بدوية. غير أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ رفض التعليق على هذه المسألة السبت قائلاً إنها تتعلق بالحكومة السابقة. ورداً على سؤال حول تلك التقارير قال هيغ: «ليس لدي تعليق في الواقع لأنه أولاً ما يهمنا هو ما سيحدث في ليبيا في المستقبل وهي مهمة ضخمة». وتابع متحدثاً الى تلفزيون «سكاي نيوز» البريطاني «بالنسبة إلى مسألة تلك الوثائق فإنها تتعلق بالحكومة السابقة ومن ثم لا أعرف ما كان يدور وراء الكواليس وقتها». وأضاف: «ليس بإمكاني التعليق على مسائل استخباراتية بهذا الشأن أو أي شأن استخباري آخر لأنه كما تعرفون إذا فتحنا هذا الباب فلن يغلق». وتابع قائلاً: «ما نركز عليه هو تقديم المساعدة اللازمة لليبيا، والمزيد من الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي (للمتمردين) والإفراج عن الأصول المجمدة حتى نتجنب أي مشكلات إنسانية في ليبيا». وتقول صحيفة الاندبندنت البريطانية إن تلك الوثائق ستثير أسئلة حول صلات بريطانيا خصوصاً فضلاً عن الولاياتالمتحدة مع كوسة ونظام معمر القذافي الذي كانت القوى الغربية تعمل على إخراجه من عزلته في الماضي القريب. وكان كوسة قد فر إلى بريطانيا في آذار (مارس) معلناً عن انشقاقه عن القذافي، وعلى رغم ما يتهم به من انتهاكات لحقوق الإنسان سمح له بترك الأراضي البريطانية والسفر الى قطر في الشهر التالي. وقالت «الاندبندنت» إن الوثائق التي تم العثور عليها تشمل رسائل وفاكسات الى كوسة معنونة بالقول: «أم آي 6 تبعث بتحياتها» في إشارة الى جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني، فضلاً عن بطاقة معايدة شخصية بعيد الميلاد وقعها جاسوس بريطاني بارز مقدماً نفسه بصفة «صديقك». كما أشارت الاندبندنت الى وثيقة قالت إنها سرية وتابعة للإدارة الأميركية جاء فيها إن الإدارة الأميركية «في وضع يسمح لها» بتسليم رجل لقب بالشيخ موسى وهو من أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية المرتبطة بالقاعدة «الى حوزتكم». ونقلت عن الوثيقة قولها: «بانتظار إبداء الرغبة من جانبكم في استقبال (الشيخ) موسى». ويعتقد أن رحلات سرية نفذتها سي آي أي نقلت العشرات من المشتبهين بالإرهاب حول العالم في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، لاستجوابهم في بلدان أخرى. وقالت الاندبندنت إن الاستخبارات البريطانية أبلغت في خطاب مؤرخ في السادس عشر من نيسان/أبريل 2004 هيئة أمنية ليبية بانتهاء احتجاز ناشط ليبي معارض لدى السلطات البريطانية. وجاء في وثيقة أخرى يفترض أنها من أم آي 6 طلب معلومات عن مشتبه به يتنقل بجواز سفر ليبي، في عملية وصفت ب «الحساسة». وأظهرت الوثائق التي تم كشفها أن بياناً ألقاه القذافي يعلن فيه تخلي نظامه عن أسلحة الدمار الشامل، اعد بمساعدة مسؤولين بريطانيين. وفي صوفيا (رويترز)، قالت وزارة الخارجية إن الشرطة البلغارية اقتحمت السفارة الليبية في العاصمة البلغارية الجمعة وأخرجت بالقوة الديبلوماسيين التابعين لنظام معمر القذافي بعد وصول سفير جديد عينته السلطة الانتقالية في ليبيا الى بلغاريا. وأعلنت بلغاريا التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي بأنه السلطة الشرعية لليبيا وأن أربعة ديبلوماسيين ليبيين أشخاص غير مرغوب فيهم وسعت لطردهم يوم الخميس.