اعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، أن «الطغيان والتدخل الإقليمي والدولي دمرا مدن العرب في العراق وسورية وليبيا بدواعي الإصرار على الاستبداد والتوريث والطائفيات والتمذهب والقَبَليات». وقال خلال حفلة إطلاق تقرير «التكامل العربي سبيلاً لنهضة إنسانية» أعدته لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في فندق «فينيسيا» بدعوة «مركز كارنيغي للشرق الأوسط»، إن «ما يشهده بعض بلدان الربيع العربي من مآس وإشكالات رد فعل أهل الخريف العربي على أهل الربيع العربي وإمعانهم في استعمال العنف من جهة أولى، ومراهقة أهل الربيع العربي وعدم نضجهم وتشرذمهم من جهة ثانية، واستسلامنا لفتن من يضمرون الشر لنا ولأمتنا ويمعنون في تمزيق الصف العربي وتفريخ منظمات لا همَّ لها إلا إلهاب الاقتتال الداخلي من جهة ثالثة». وإذ نوه السنيورة بالتقرير الذي «أزعج إسرائيل وأقلقها»، اعتبره «مرجعاً من مراجع التأسيس لنهضة عربية حديثة ومستنيرة مع مطلع القرن الحادي والعشرينً». ولفت إلى أن التقرير «كشف المشكلات الكبرى التي تُعيقُ نجاح التكامل وسلَّط الأضواءَ على مسببات الفشل الداخلي والخارجي الإقليمي والدولي». وقال إن «حركات التغيير كشفت أنّ الأنظمة العسكرية والأمنية العربية وعلى مدى أكثر من 40 سنة شكلت انتكاسةً كبرى للدولة الوطنية في العالم العربي، ولا بد لرواد العروبة والتقدم في منطقتنا من أن يتحلوا بالواقعية ليتجهوا نحو العمل لتحقيق التكامل العربي من طريق التكامل الاقتصادي والاستيعاب السياسي التدريجي لمنطق المصالح المشتركة». ورأى «أنّ تجربة الدول الأوروبية يمكن أن تكونَ درساً نستخلصه ونبني عليه». وقال: «أنا واحدٌ من كُثُر في عالمنا العربي، ينظرون اليوم إلى سورية وأحياء حلب وحمص وحماة ودمشق المدمرة بالبراميل المتفجرة وأطنان البارود والرصاص والقذائف والكيماويات التي يرتكبها النظام القاهر لشعبه والذي يمارس إرهاب الدولة فيشعرون بالحسرة والقهر والغضب لما جنته يد الاستبداد والتطرف. وأنا مع الذين يرون بأم العين المآسي التي يتعرض لها شعبنا العربي في العراق والمحاولات الأثيمة من أجل بث الفرقة والفتنة بين أبنائه». وانتقدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة الأمينة التنفيذية لمنظمة «إسكوا» ريما خلف في كلمتها «عقوداً من التنمية في ظل التشرذم لم تولّد الازدهار المرجو ولا الحياة الكريمة التي ينشدها العرب ويستحقونها، وإنما اتسعت الهوة بينهم وبين المجموعات الأخرى وتعمقت، إضافة إلى أزمة ثقافية جمّدت الإبداع والفكر، ما أدخل الناس في سباق نحو المغالاة في التعصب ونبذ الآخر. وكانت النتيجة تصاعد في التوترات الإثنية والمذهبية والنزعات الانفصالية في بعض المجتمعات العربية هدّدت وحدة الدول وسلمها الأهلي وأمنها القومي. فأصبحت المنطقة العربية التي تضم أقل من 5 في المئة من سكان العالم تؤوي 53 في المئة من لاجئيه، ناهيك بأعداد كبيرة من النازحين، نتيجة الاحتلال والنزاعات الداخلية والتدخل الأجنبي». وشددت على أن «لا سبيل لتجاوز المأزق التنموي والسياسي الراهن، إلا بنهضة شاملة لجميع مناحي البنى المجتمعية والمبادئ القيمية. ويقدم التقرير مشروعاً للتكامل الشامل يكسر الحاجز الذي كبّل التكامل العربي وحصره طوال العقود الستة الماضية في أضيق الحدود». وقالت: «إن خمس العرب يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وثلثهم يعانون من الأمية، وشبابهم يعاني من أعلى معدل بطالة في العالم ونساؤهم من أقل نسبة مشاركة اقتصادية. وسوء التغذية ينتشر، حتى بات حال 50 مليون عربي وأصبح أكثر من نصف مليون طفل في اليمن وأكثر من مليون طفل في الصومال وعدد لا يحصى من الأطفال السوريين مهددين بالموت جوعاً». ورأت أن المشكلات تتعاظم «باستباحة خارجية تتجلى بأبشع صورها في الاحتلال الأجنبي المباشر. فاحتلال إسرائيل لفلسطين هو الاحتلال الأطول والوحيد المتبقي في العصر الحديث في انتهاك سافر للمواثيق الدولية».