«التكامل الإقليمي العربي» مالياً واقتصادياً، ركيزة لمواجهة التحديات في المنطقة العربية وحلّ الأزمات الاقتصادية، تحديداً معضلة البطالة التي تُعد الأعلى في العالم. ومن هذا المنطلق وجد مدير التنمية الاقتصادية والعولمة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) عبدالله الدردري، أن التكامل «بات حتمياً» خصوصاً بعد التحوّلات التي شهدتها دول في المنطقة وأنتجت ما سُمي «الربيع العربي». ولاحظ أن الاستقطاب في النمو (أي الفرق بين معدلاته في الدول المنتجة والمصدرة للنفط في «إسكوا» والدول ذات الاقتصادات المتنوعة فيها)، سيؤدي إلى ترسيخ حالة عدم الاستقرار المهيمنة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة». وأشار إلى أن معدل البطالة في منطقة «إسكوا» هو «الأعلى في العالم، إذ يزيد على 15 في المئة في اليمن، وفي الدول ذات الاقتصادات المتنوعة 13 في المئة، وفي الخليج 5.4 في المئة، وفي السعودية أكثر من 10 في المئة للمواطنين وهي منتشرة بين الشباب». وشدّد على ضرورة إيجاد «إطار تعاون إقليمي يعزز التكامل في المنطقة، يكون وسيلة لاستيعاب التحديات من الداخل». وإذا كان لمشروع التكامل حظوظ بالنجاح، شدد على ضرورة «تحسين أسلوب الدعوة إلى التكامل الإقليمي، من خلال الدراسات والبيانات العلمية التي تثبت أنه يصب في مصلحة كل الاقتصادات العربية، التي تواجه أخطاراً». ولاحظ وجود «تفاعل إيجابي من الدول»، معتبراً أن «الوضع الذي كان قائماً فيها قبل عام 2011، تغيّر كلياً». وأكد الدردري استعداد «إسكوا» للتعاون الكامل مع الحكومات العربية الانتقالية والحالية التي «أبدت رغبة شديدة في تعزيزه للاستفادة من التوجهات الاقتصادية لبناء اقتصاد سياسي تضميني يشمل الجميع ويحقق النمو والتنمية». وعرض الدردري في لقاء صحافي أمس في بيت الأممالمتحدة في بيروت نتائج «مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في منطقة إسكوا»، لفترة 2011 – 2012، يقوّم مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، معلناً موافقة «إسكوا» على انضمام تونس وليبيا والمغرب إليها، وهي تضم ستة بلدان خليجية (البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات) و8 بلدان أخرى (مصر والعراق والأردن ولبنان وفلسطين والسودان وسورية واليمن). وأكد أن إيرادات النفط «حافظت على مستوى مرتفع تاريخياً في ظل الربيع العربي، ما خلق قطبين متباعدين للنمو هما الدول المصدرة للنفط في مقابل بقية منطقة «إسكوا». ولاحظ أن القنوات التي كانت تربط الدول المصدرة للنفط ببقية الدول وتؤدي إلى استفادتها من زيادة إيرادات النفط «أصبحت شبه معدومة نتيجة الأزمات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي الذي يسود بعض دول المنطقة». ولفت إلى أن التقرير يستنتج أن المناخ الاقتصادي الخارجي في المنطقة خلال هذه السنة «كان إيجابياً»، عازياً ذلك إلى «أعلى مستويات شهدتها المنطقة تاريخياً في إنتاج النفط وإيراداته». وقال «تقدّر «إسكوا» إنتاج النفط الخام الإجمالي لعام 2011 في المنطقة بنحو 20.4 مليون برميل في اليوم بحيث يكون 16.3 منها لدول الخليج». وتوقع أن «يرتفع مستوى الإنتاج نسبياً هذه السنة إلى نحو 20.9 مليون برميل يومياً، على أن يكون 17.2 مليون برميل لدول الخليج». وعن نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011، أعلن أن التقرير «توقع انخفاض معدله من 5.7 في المئة عام 2010 إلى 5.1 في المئة، فيما سيسجل في دول الخليج ارتفاعاً إلى 6.3 في المئة مقارنةً ب 5.7 في المئة عام 2010، وسيحافظ العراق على أعلى معدل هو 9.6 في المئة». أما الجزء الآخر من منطقة «إسكوا» الذي يضم مصر والأردن ولبنان وفلسطين والسودان وسورية واليمن، ف»سجل معدل النمو فيها 0.8 في المئة مقارنة ب 5.3 في المئة عام 2010». ولفت إلى أن التقرير «لا يستبعد استمرار هذا الشرخ بين مجموعتي الدول خلال هذه السنة، إذ سيسجل معدل النمو في دول الخليج 4.5 في المئة وفي العراق 10.5 في المئة، ولن يتعدى في بقية دول المنطقة 0.6 في المئة».