حلقات «طاش ما طاش» الكوميدية أخذت هذه السنة حكاياتها كالعادة من الحياة اليومية مرئية من حدقة الكاريكاتور. إنها لغة النقد الفكاهي وقد امتلكت الكثير من بساطة الرؤية والتعبيرات الفنية، من دون أن تفقد عمقها الإنساني والفكري، بل لنقل بالقبض على المزيد. «طاش ما طاش» وحده بين أعمال الكوميديا الخليجية الذي يمكننا أن نشير إليه باعتباره عملاً درامياً يرقى إلى مستوى الكوميديا البعيدة من الخفة والسطحية. فالحكايات التي يعرضها للمشاهد العربي، تعالج بأسلوب رشيق وحلول إخراجية جميلة، بعضاً من ظواهر المجتمع وما تعكسه من مفاهيم خاطئة، وعادات تتناقض وروح العصر. من تلك القضايا البالغة الأهمية والمثيرة للجدل، ما تناوله المسلسل من عرض لمسألة البنوك الإسلامية، وهو موضوع من شأنه أن يثير جدالات واسعة بين مؤيدين ورافضين لما جاء في الحلقة الخاصة به. هي خطوط للجدال تحرّض على إعادة النظر في كثير من المفاهيم الخاطئة والراسخة في المجتمع باعتبارها عادات ثابتة لا تحتمل النقاش في رأي كثر من المشاهدين. «طاش ما طاش» يأتي هذه السنة بحلّة إخراجية جديدة، لا تشكل فارقاً كبيراً، ولا تقطع مع الشكل الذي عرفناه للعمل سابقاً، وإن كانت تستجيب في صورة أكثر حيوية لطبيعة اللغة البصرية الكاريكاتورية التي ينهض عليها العمل. وهي استجابة نلمسها في جنوح الحلقات نحو لون من الكوميديا الخفيفة ذات الجاذبية العالية، والتي تسمح بمخاطبة أوسع قطاع من المشاهدين بكل أذواقهم وثقافاتهم وميولهم الفكرية. نتحدث عن «طاش ما طاش» من دون أن ننسى الإشارة الضرورية، لما يقدمه بطلا العمل الفنانان الكوميديان الناجحان ناصر القصبي وعبد الله السدحان، من حيوية ورشاقة في أدائهما الممتع والمشوق، والذي يجعل العمل كلّ مرة يلقى هذا القبول المتزايد لدى المشاهدين في السعودية والبلدان الأخرى في الخليج العربي، ويتعداها ليستقطب كثراً من المشاهدين العرب في البلدان العربية الأخرى. «طاش ما طاش»..هكذا هو اسمه، لكنه لا يطيش في سعيه لنيل إقبال مشاهدي الشاشة الصغيرة ومتابعتهم.