لم تعد العيدية، وهي المبلغ الذي يعطى للأطفال صباح يوم العيد، ذلك المبلغ الصغير، الذي يسعى خلفه الأطفال، ويحرص الكبار على تأمينه من وقت مبكر، قبل الإعلان عن أول أيام العيد، بل تعداه، ليصل إلى أبعد من ذلك، بعد أن بدأت ظاهرة ختم الأموال وهي علامة صغيرة، توضع على ورقة صغيرة، تثبت على الريالات، تشير إلى أنها «عيدية فلان» مع التاريخ، البعض رأوا فيها أنها مجرد تغيير، فيما ندد بها آخرون واحتسبوها من «السمعة والتعالي غير المطلوب». وحرص عبد المنعم الشميسي على تأمين الختم، الذي يحمل اسمه وتاريخ المناسبة، ويقول: «قرأت هذه الفكرة في الانترنت فأعجبت بها، فقررت أن أعملها، فذهبت إلى محل لصنع الأختام الصغيرة، وحصلت على ختم فيه عبارة عيدية عبد المنعم الشميسي، وقمت بختم جميع الأوراق، وثبتها في العملة النقدية، وهي عبارة صغيرة جداً». وعن سبب إعجابه بهذه الفكرة يقول: «دائماً أعجب بكل ما هو جديد، وأردت بذلك أن أميِّز عيديتي بهذه الطريقة، وأنا على يقين من أنها ستلفت الانتباه»، مضيفاً أن «شكل العبارة جميل وغير مزعج وصغير، ويمكن أن يحتفظ البعض بهذه القطعة النقدية للذكرى، وحتى يدعو لي صاحبها». لم يكن الشميسي الوحيد الباحث عن آخر الابتكارات في تقديم العيدية، حتى أنها أصبحت ما يشغل بال الكثيرين، وفاتن عبدالله واحدة منهن، إلا أنها ابتكرت طريقة جديدة. وتقول: «اعتدت في كل عام على تقديم الخَردة (بفتح الخاء وهو المبالغ الصغيرة) لأمي والتي تتكفل بتوزيع العيدية على أطفال العائلة، لكن هذه السنة جاءتني فكرة جديدة، وهي أن أضع كل عملة نقدية ملفوفة بورقة على شكل اسطواني». تشير إلى أن «هذه الفكرة تعطي طابعاً مرحاً ومشجعاً للأطفال، حيث وضعتها في سلة كبيرة، وما أن يقدم الأطفال التهاني للجدة، حتى تقرب السلة منهم، ويأخذوا ورقة واحدة، والبعض تحمل فئة أكبر من الريال، ويمكن أن تصل للخمسين، وهو مبلغ سيفاجئ صاحبه»، مضيفة «لم أعد أرى الفرح بالعيدية كالسابق لذا تعمدت تطبيق مثل هذه الأفكار لتجديد الشغف بالحصول على هذه العملة». وأثار حسين المرشد استغراب وضحك أسرته، حين أرسل لأخواته الخمس وأخويه رسالة من طريق الموبايل، أكد فيها أن عيديتهم وصلت مبكراً، حيث أرسل لكل شخص رصيداً للمكالمات كعيدية، ولكن بطريقة حديثة. ويقول: «كنا في السابق ننتظر العملة المعدنية من الجد أو الجدة وحتى الأبوين أو الأقارب، لكنني وجدت طريقة حديثة للعيدية، وأعتقد لم يسبقني إليها أحد حيث قمت بمعايدة أخوتي بإرسال رصيد مكالمات لكل واحد منهم بطريقة طريفة ومجدية في الوقت نفسه». يؤكد أن «رسائل التهنئة بالعيد وبأي مناسبة أخرى تستنزف الرصيد، لذا قررت أن تكون هديتي لهم رصيداً يعايدون به من يشاءون، ربما يستغرب البعض هذا التغيير في العيدية، لكنني أجده أمراً طبيعياً، يتماشى والعصر الذي نعيشه، فالعيدية تطورت من مجرد حفنة مكسرات أو حلوى لقطع نقدية معدنية ثم للأوراق المالية، ولا ندري غداً ما الذي سيأتي؟»br / من جانب آخر، يحرص الكثيرون على تأمين مبلغ العيدية في العشر الأواخر لرمضان، لكون إيجادها قبل العيد بيومين أمراً صعباً، ولعل مواصفات العيدية جعل الحصول عليها أكثر صعوبة، إذ أنها لابد أن تكون من الطبعة الجديدة، وليس عملة ورقية قديمة، لأنها وبحسب الكثيرين «واجهة لمن يقدمها، وتظهر كرمه وشخصيته». فتح ندرة الحصول على «الخَردة» بحسب اللهجة المحلية أي العملة الصغيرة، الباب أمام تعاملات السوق السوداء، حيث ظهر أشخاص يؤمنون المبلغ بعمولة خاصة، ما يظهر أهمية هذه التظاهرة الاجتماعية، ولأنها وبحسب العرف السائد «تمثل الفرحة الحقيقية للأطفال»، ووصل الأمر عند بعض ملاك المتاجر الإلكترونية لوضع إعلان عن وجود «فكّة» أو «خَردة» للعيد بمبلغ رمزي، الأمر الذي فاجأ الكثيرين من زوار تلك الصفحة الإلكترونية والتعليقات أوضحت سبب هذه الدهشة.