احتفل المسلمون اللبنانيون السنّة امس، بأول أيام عيد الفطر السعيد، وانعكست التباينات السياسية في ما بينهم حول مواضيع حساسة تناولتها خطب العيد، لا سيما المحكمة الدولية، في بيروتوطرابلس. ولم يحضر نواب بيروت (المستقبل) الصلاة في مسجد الأمين وانسحب بعض الحضور لدى إلقاء مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني خطبته، أما في طرابلس فرافق مغادرة المصلين الجامع المنصوري الكبير تدافع بين مرافقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومرافقي وزير المال محمد الصفدي من جهة وأنصار النائب محمد كبارة (كتلة «المستقبل»)، من جهة أخرى، كاد ان يتطور الى اشتباك الا انه طوق سريعاً. وانقسم اللبنانيون الشيعة بين أتباع المرجع الروحي الراحل السيد محمد حسين فضل الله الذين احتفلوا بالعيد امس، والتزم القسم الآخر باعلان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ان اليوم الاربعاء هو اول ايام العيد، ما دفع بالامانة العامة لمجلس الوزراء الى تمديد عطلة العيد يوماً اضافياً. وكانت اجراءات امنية مشددة استثنائية اتخذتها قيادة الجيش اللبناني في محيط دور العبادة والمدافن والطرق الرئيسة والمرافق السياحية «لطمأنة المواطنين والحفاظ على أمنهم وسلامتهم»، كما ذكرت مديرية التوجيه في بيان صادر عنها واوضحت ان «هذه التدابير شملت انتشاراً للعناصر وتسيير دوريات واقامة حواجز ثابتة ومتحركة وتركيز نقاط مراقبة». وأم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني المصلين في مسجد محمد الأمين في قلب بيروت، وغاب عن حضور الصلاة نواب بيروت من كتلة «المستقبل»، الذين صلى كل واحد منهم في المسجد الاقرب الى منزله، فيما مثّل الوزير حسان دياب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واقتصر الحضور على رئيس مجلس الخدمة المدنية خالد قباني، ورئيس جمعية المقاصد أمين الداعوق، والمدير العام لمستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت الدكتور وسيم الوزان وممثلين عن سفراء بعض الدول العربية والإسلامية وأعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. وحين هم المفتي قباني بإلقاء خطبته، غادر عدد من الموجودين المسجد وانتقلوا الى محيط ضريح الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري. وشدد المفتي قباني في خطبته على «أولوية الحفاظ على وطننا لبنان وأمنه وأمانه ووحدته ومحبة وتضامن شعبه(...) واجبنا أمام الله وتجاه وطننا وشعبنا الصابر على مرارات الأيام والليالي، التنادي جميعاً مسلمين ومسيحيين من كل الطوائف، للحفاظ على وطننا وأهله، لا الانكفاء عن الواجب الوطني، ولا التقاعس عن الالتزام بمسئولياتنا وعن القيام بدورنا والتزاماتنا الدينية الإسلامية والوطنية والعربية». وأكد ان «مواقفنا الوطنية والإسلامية هي هي لم تتغير ولم تتبدل، وثوابتنا لا نساوم عليها. فنحن لا نساوم على نهائية وطننا لبنان، وطناً واحداً وموحداً لجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين، ولن نساوم على مشروع بناء الدولة القوية القادرة العادلة. ولن نساوم على اتفاق الطائف، الذي أرسى قواعد الدولة اللبنانية على أساس وحدة اللبنانيين، ومشاركتهم مسلمين ومسيحيين في حاضر ومستقبل وطنهم لبنان. ولن نساوم على وحدتنا الوطنية، ولن نعود بالتاريخ إلى الوراء لنسلك طريق الاقتتال وحروب الفتنة من جديد». واضاف قائلاً: «لن نساوم على الكلمة الطيبة التي تحفظ تواصل اللبنانيين مع بعضهم بما ينزع فتيل الفتنة من بين صفوفهم. ولن نساوم على تحقيق العدالة والمحكمة الدولية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لن نساوم على العدالة لجميع اللبنانيين في حقوقهم بالتوازن الكامل وغير المنقوص في مؤسسات الدولة». وأكد عدم المساومة «في موقفنا ضد الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، وللأراضي العربية منذ النكبة في العام 1948م. ولا على حتمية عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه المقدسة في فلسطين، ولا على رفضنا للتوطين تحت أي ذريعة أو عنوان، لأن التوطين هدف إسرائيلي لتذويب الفلسطينيين خارج وطنهم فلسطين وعدم عودتهم إليه». وقال: «خيارنا كان دائماً وسيبقى مواجهة ومجابهة المحتل الإسرائيلي الصهيوني لفلسطين»، معتبراً ان «السلام الذي يتحدثون عنه اليوم يعني التخلي ضمناً عن جزءٍ من أرضنا في فلسطين للعدو الصهيوني المحتل لها، ولا يجوز شرعاً لواحدٍ منا حاكماً أو فرداً أن يتنازل عن أي جزءٍ من فلسطين، ففلسطين ليست ملكاً لهذا الجيل فقط، بل هي ملك كل الأجيال الفلسطينية والعربية والإسلامية المقبلة». ثم توجه قباني يرافقه دياب إلى ضريح الرئيس الحريري وأضرحة مرافقيه وقرآ الفاتحة.