يساور القلق قياديين في حزب «جبهة التحرير الوطني» الجزائري، صاحب الغالبية في الحكومة والبرلمان، كما في باقي أحزاب التحالف الرئاسي، من احتمالات عدم «صدقية» نفي الأمين العام للحزب عبدالعزيز بلخادم ما يشاع عن مشروع السعيد بوتفليقة المستشار الخاص للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وشقيقه الأصغر، لإطلاق حزب جديد. ولم تبعث تصريحات بلخادم، وهو وزير دولة وممثل شخصي للرئيس، بتطمينات حقيقية تنهي الجدل في شأن مشروع حزب شقيق بوتفليقة. وأفادت مصادر سياسية أن قيادات الجبهة «ناقشت الملف في اجتماعات رسمية وجلسات مغلقة خلال الجامعة الصيفية التي عقدت نهاية الأسبوع». وزاد من قلق قياديي الحزب الذي يتزعمه الرئيس بوتفليقة شرفياً، عدم جزم بلخادم في نفيه لوجود المشروع. ونقل عن الأخير قوله لقريبين منه أن «الرئيس لم يخبرني بمشروع كهذا، لذلك فهو غير موجود». وأعاد بلخادم ذلك للصحافيين مساء أول من أمس. وأوضح أن الرئيس لم يطلعه، بصفته ممثلاً شخصياً له، على وجود هذا الحزب، كما أنه كأمين عام للجبهة لا يعلم بوجود الحزب أو نية اعتماده «لأن الرئيس ليس في حاجة إلى حزب جديد يدعمه». وخلص إلى أن «الحزب لا وجود له ولا وجود لنية اعتماده، بحكم أنني لم أطلع، كممثل شخصي للرئيس، على وجود هذا الحزب». وسيطر هذا الملف على نقاشات كوادر دُعيت إلى المشاركة في الجامعة الصيفية، وهي الأهم بين مؤتمرات «جبهة التحرير». وقال قيادي في الحزب ل «الحياة» جاء من دولة أوروبية للمشاركة: «سألنا وزراء الحزب، ومنهم من رد بأن تحضيرات حقيقية تتم لإطلاق حزب الرئيس في فترة الخريف... ومنهم من قال إنها إشاعة جاءت بقصد محدد وفي ظرف سياسي بعينه»، مرجحاً أن يكون هذا «الظرف السياسي» هو العفو الشامل عن المسلحين الذي اقترحه بوتفليقة قبل شهرين. وفي خضم النقاش السائد، لم يصدر أي تعليق من شقيق الرئيس المعروف عنه صمته الدائم وعدم تمتعه بمنصب رسمي معلن قد يتيح له تأكيد أو صد «الإشاعة» التي زادت مخاوف الأحزاب. ورغم ذلك، فإن دوائر سياسية تتحدث عن تكليف غير مصرح به من الرئيس لشقيقه بتولي مهمات استشارية «سياسية وأمنية» في الرئاسة، ومتابعة التقارير السرية التي ترد إلى الرئيس من الديبلوماسيين الجزائريين في الخارج. وعزز مخاوف السياسيين الجزائريين تزامن طرح ملف الحزب الجديد مع «حركات تصحيح» عدة تشهدها أكبر الأحزاب في البلاد بمختلف اتجاهاتها القومية والإسلامية، وحتى الديموقراطية المعارضة، وإن كانت أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديموقراطي، وحركة مجتمع السلم) أكبر المتضررين من تحول هذه «الإشاعة» إلى حقيقة سياسية، خصوصاً في ظل وجود غالبية كبيرة في صفوف الأحزاب الثلاثة من «المتجولين السياسيين» الذين يبدلون انتماءاتهم بسهولة وفقاً لموقع الحزب من الحكومة. غير أن ردة فعل أحزاب التحالف لم تأت على غرار أحزاب معارضة أبدت قلقاً وأكدت أن هذه «الإشاعات» تحتاج رداً رسمياً سريعاً. وقالت الأمين العام لحزب «العمال» لويزة حنون التي حلّت ثانية في الانتخابات الرئاسية الماضية، إن ما يتداول في شأن تأسيس مرتقب لحزب شقيق الرئيس «فتح باب التأويلات»، معتبرة أن «الصمت المضروب حيال المسألة يثير القلق». أما موسى تواتي زعيم «الجبهة الوطنية الجزائرية»، فرأى أن «الرئيس ليس في حاجة إلى حزب جديد، ما دام التحالف الرئاسي قائماً على توفير الدعم السياسي له في مواجهة أحزاب المعارضة».