تتسابق أنديتنا على تطبيق «الألتراس» في الملاعب السعودية، ابتداءً بجمهور الأهلي الذي كان له قصب السبق في ذلك، كما هو له في النشيد الرسمي للفريق، واقتفى أثرهم الجمهور الاتحادي، والأكيد أن البقية ستتبعهم؛ لأن الجماهير عادةً سرعان ما يحاكي بعضها بعضاً في الأهازيج، وتحور كلماتها؛ حتى تصبح تتردد في كل ملعب مع تغيير طفيف لا يتعدى اسم الفريق ولون شعاره. التشجيع السعودي لن يأتي بجديد، حتى لو اتخذ له اسماً عالمياً فضفاضاً هو «الألتراس»، وسترون مظاهر وبهرجة من أعلام وأشخاص وجلوس ووقوف، وربما جنوناً ينبئ بشيء مختلف عما ألفناه من تشجيع، غير أن الحقيقة تقول إن البدايات مختلفة عن النهايات؛ حيث سرعان ما تنقلب الموجة إلى مواويل وأغنيات لا تمت إلى واقع المباراة بصلة، وكلكم بالتأكيد تعرفون «يا منيتي يا سلا خاطري... ولا تقولوا: مقدر أجيبه وأحطك في قلبي وأقفله قفلين، أو يأكلك حبة حبة» ثم ما تلبث أن تنحرف عند الهزيمة إلى بذاءات على شاكلة «ياسر وينه؟» التي غدت أغنية يرددها البائسون، ولأن صاحبها رحل فقد تخترع كلمة أخرى لشخص آخر ما دام لا يوجد رادع من قانون أو خلق. أما اللافتات فلن تكون سوى «خربشات» مراهقين؛ كل يتفاخر فيها ببلدته ومسقط رأسه ويدوِّن فيها رقم لاعبه المفضل أو يشد من أزره بخط يده بشكل بدائي أو يضمّنها هجاء للإدارة أو للحكام ويهربها للملعب بحيلة أو بتواطؤ مع رجال الأمن على المداخل فيما تتم مصادرتها بقسوة في موقع آخر من الملعب ذاته. هل استوعبت «روابط المشجعين» في الأندية المعنى الحقيقي ل«الألتراس» والغاية منه؟ وهل نحن مهيأون فعلاً ل«ألتراس» راقٍ يتجه فيه الجمهور نحو فريقه فقط أم يكون نصيبنا الاسم فيما المحتوى هو ما توارثته هذه الروابط من حركات وسكنات وأهازيج يقودها شخص ويرددها البقية كالببغاوات أحياناً، حتى لو كانت بلا هدف أو كانت خاوية المضمون أو تحمل الكثير من الإساءات؟ ثم هل ستكون إدارات الملاعب متعاونة في التطبيق الفعلي ل«الألتراس» بالسماح للأعلام الكبيرة والألعاب النارية بالدخول مع المشجعين أم نرى ما تعودناه من ملعب جاف جداً صارم في التعامل؛ حتى يكاد يصادر الهواء بعد أن صادر الماء، وآخر بمنتهى البساطة يتم فيه السماح بإدخال كل شيء أحياناً؛ تضامناً مع الفريق الذي تقام المباراة على أرضه؟ وسبق ورأينا أشياء ممنوعة منعاً باتاً في الرياض مسموحاً بها في الدمام أو جدة! نعم لكل جديد، ولكن على صورته الأصلية، وليس مجرد تقليد أعمى بداعي الأولوية، والأهم من ذلك كله أن يعكس التشجيع رقينا في اللغة وسمونا في التعامل، وإلا (بلا ألتراس بلا همّ). [email protected]