عبدالعزيز بن سعود يزور وحدة العمليات الأمنية المركزية الإيطالية    أمير الباحة يعزّي الزهراني بوفاة ابنه    Big 5 Construct Saudi ينطلق اليوم ويستمر لأسبوعين لتسليط الضوء على الابتكار والاستدامة والريادة في الصناعة    إحباط تهريب 360 كيلوغراماً من نبات القات المخدر في عسير    جامعة الأمير سلطان تحصل على الاعتماد الأكاديمي لبرامج الطيران من مجلس الاعتماد الدولي (AABI)، لتصبح بذلك أول جامعة سعودية في الشرق الأوسط    السعودية و«النقد الدولي» يطلقان مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة    لبنان يوقف 26 متورطاً في اعتداء «اليونيفيل»    أمير جازان: معرض الكتاب تظاهرة ثقافية يواكب عشاق القراءة    وزير الداخلية يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب جنوب سيبيريا    "تعليم الرياض" تنهي الاستعداد لاختبارات الفصل الثاني.. والنتائج الخميس    أمطار على مدينة الرياض    القيادة تهنئ رئيس جمهورية صربيا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    «الداخلية»: ضبط 22,663 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    التبادل السادس.. تسليم 3 رهائن إسرائيليين في خان يونس    فريق سومي لي يتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة للسيدات وجينوثيتيكول تتصدر الفردي    يوم الحسم في بطولة البادل بموسم الرياض    «برايتون» يكسر عناد «تشلسي»    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    فندق شيدي الحجر في العلا يفتح أبوابه للضيوف    بشكل علمي.. اكتشف مدى نجاحك في العمل من لونك المفضل    جمعية «صواب» بجازان تختتم دورة «التسويق الإلكتروني»    مناحل بيش تحصد ثلاث ميداليات ذهبية جديدة وميدالية بلاتينيوم في باريس    سهرة حجازيّة مميزة في دار فرنسا بجدة    الأشراف آل أبو طالب يحتفون بيوم التأسيس في صامطة    مجلس إدارة "أوبن إيه.آي" يرفض عرضا من ماسك بقيمة 97.4 مليار دولار    ترامب يعتزم فرض رسوم إضافية على السيارات المستوردة    %72 من الشركات السعودية تستعين بحلول الذكاء الاصطناعي    وزير الخارجية الأردني يؤكد على موقف بلاده الثابت في رفض تهجير الفلسطينيين    «العودة» إلى رتبة لواء    متوسطة العلاء بن الحضرمي تحتفل بيوم التأسيس    سيدات القادسية إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي    "الهلال" يُصدر بياناً إعلاميّاً يستغرب خلاله من الحالات التحكيمية في مباراته أمام الرياض    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    تحت رعاية الأمير مشعل بن محمد.. تكريم رواد التطوع في حفلٍ مجتمعي بالرياض    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    غونتر: بداية قوية.. وأوليفر: المنعطف الأخير «محبط»    هيئة فنون العمارة والتصميم تحتفي بمرور 5 أعوام على تأسيسها    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    اعتزال الإصابة    جودة الحياة في ماء الثلج    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    العلاونة يدون تجربته مع عوالم الكتاب    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    في يوم النمر العربي    العنوسة في ظل الاكتفاء    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلف «المدنسين»
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 2011

اختلف القرشيون وتنازعوا فيما بينهم يوم مات قصي بن كلاب، حتى كادت أن تقع بينهم مقتلة عظيمة، ليس من أجل ثروة تأتي بها قافلة من الشام أو اليمن، ولا من أجل بئر ماء يستحوذن عليه من دون غيرهم كي يرووا إبلهم في حين يعطش الناس ومواشيهم.
أولئك اختلفوا في حيازة الشرف وكسب الصيت الحسن بين الناس، حينما نظروا في تقسيم المهمات الخدمية لمكة المكرمة، هذا التقاسم المؤسساتي بشكله البدائي هو ما جاء بحلف المطيبين الذين غمسوا أيديهم بالطيب عهداً ووفاءً بما قطعوه على أنفسهم لخدمة ضيوف البيت الحرام من سقاية ورفادة وحجابة والندوة واللواء. ثم عقبه حلف الفضول، تمتيناً لعرى الميثاق الأول الذي تعاهد فيه القوم أن لا يجدوا بمكة مظلوماً إلا نصروه وقاموا معه، أولئك الجاهليون يعرفون حق بيت الله الحرام عليهم، لم يطمعوا بسرقة الحجاج وقطع الطريق أمام قاصري الأيدي تحت ادعاء «الكسب الحلال» بطرق ملتوية وأحيانا «مشرعنة».
لن أحتاج إلى التذكير بجهود حكومتنا الرشيدة وتكرار ما امتلأت به الصحائف من انجازاتها العظيمة بداية من أول توسعة قام بها الملك عبدالعزيز وانتهاء بأضخم توسعة صرف عليها ما قدره 70 بليوناً في عهد الملك عبدلله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، ثم الإعلان الأخير عن التوسعة القادمة. ولكن ليس هذا مربط فرس هذا المقال، بل أولئك الجشعون مستثمرو العقارات الذين دوّروها في عجلة المساهمات، ليس خدمةً لبيت الله الحرام وزواره، وإنما من أجل بطونهم الجائعة، لا من مسغبة، بل من تخمة وشره دفع ببعضهم إلى إجهاض المساهمات وإرجاع أموال المساهمين كي لا يشاركوهم العوائد الكبيرة، التي لم تخطر على عقولهم حتى أُعلن عن تثمن المتر الواحد بما بين ربع مليون ونصف مليون! لتظل من القضايا العالقة مابين المحامين والقضاة التي تمتلئ بمثلها أضابير المحكمة!
ما نخشاه هو أن يصبح السبيل إلى البيت الحرام باهظاً لا يقدر عليه إلا الموسرون، عندها لن نكون بمفازة من عذاب سنصطلي به على أيدي هؤلاء الجشعين! فما آلت إليه مكة وأهلها الذين لم يعودوا أدرى بشعابها عصيٌّ على الفهم، فجل أراضيها مملوكة لأغراب، أتوا من البعيد، وقطعوا الأميال لا لخدمة بيت الله الحرام، بل لاستثمار بيت الله الحرام! طوّقوا أراضيه من كل الجهات! وأقاموا غابة من البنايات اللامعة بالزجاج الخاطف للأبصار تقدر قيمة شقة التمليك منها بالملايين، وإيجاراتها في مثل هذه الأشهر بمئات الآلاف، وقد يصل سعر المتر المربع في المنطقة القريبة من الحرم بحسب توقعات خبراء عقاريين إلى أكثر من 100 ألف دولار! ما يجعلها الأغلى على مستوى العالم – كإمارة «موناكو»، التي يقدر سعر المتر المربع في أغلى شارع فيها بمبلغ 180 ألف دولار، مع الفارق في الخدمات المقدمة!
ماذا سيكون حال مسكيننا الفقير مكسور النفس، جائش الصدر إزاء ما يجري من سباق محموم لاقتطاع حيز من أراضي مكة الطاهرة؟ هل سيقدر على عبور أزقة مكة وشعابها التي سلخت عنها حميميتها، يخطو فيها ليفترش الإسفلت الحارق، وهو ينظر حسيراً، ولا كفاية مادية لديه ولا مؤونة تعينه ولو بذل ما ورثه وما أمامه وما خلفه، ومع ذلك يعدّ مخالفاً لتطاوله على أعتاب المباني الزجاجية اللامعة!
تجار بيت الله الحرام الكبار أوغروا صدور هؤلاء الضعاف الذين لا يريدون سوى سويعات يقضون فيها عمرتهم ويخشعون خلف الإمام وهو يقنت بهم، هؤلاء التجار أو غروا صدور الجميع، حتى التجار الصغار أوغرت صدورهم، لأن أولئك العمالقة اختطفوا غلّتهم من الفرائس القادمة للاغتسال من الذنوب في حرم الله الآمن، فأصبح هؤلاء التجار الصغار يقلدونهم في كل شيء. أصبح سائق «التاكسي» يبالغ أجرته إلى حد غير معقول ويضاعف مشوار الكيلو الخمسة كيلومترات ليصل به إلى مئات الريالات، وهو ما سيحرض حتى بائع الحلوى على فعل الشيء نفسه! نعم شكراً لكم أيها التجار الكبار، فالمتسولون الصغار، «ونشالو» الحقائب الصغيرة المدسوسة ب»الحرامات» قُضي عليهم قضاء مبرماً، لأنهم كانوا يفسدون الواجهة البراقة للمدنسين الكبار! اليوم لم يعد للنشالين والمتسولين حضور يذكر!
في المستقبل، وإذا استمر السكوت عن هذا الأمر: فإن أي توسعة جديدة للحرم الشريف ستقابلها توسعة مماثلة لبطون لا تشبع، وليس من وسيلة للحد من جشع هؤلاء التجار إلا بأن يتم إلزامهم أمام الله وخلقه، بدفع الزكاة على عقاراتهم، والإشراف عليها لمعرفة حقيقة خدماتها وحقيقة «مدخولاتها»، وإلزامهم بتخصيص جزء منها للأوقاف، كأن تكون على شكل «أربطة» أو «مقرات ضيافة للمعتمرين غير القادرين» وفق نظام معيّن.
في أوروبا عادة يُحرم القانون على الجميع إنشاء أي بناء محدث قريب من دور العبادة والمزارات السياحية، حتى لو كان ثمة عائد مادي على المكان لا الأشخاص المستمثرين، كما أن زيارة تلك الأماكن ليست مستحيلة كما أصبح الوضع مستحيلاً على المعتمرين البسطاء، ومادامت الحكمة ضالة المؤمن فسأسأل عن تكاليف رحلة لزيارة الفاتيكان والجلوس مع البابا؟ أو عن: ماذا يدفع الفلسطينيون من الأموال كضريبة للصلاة بالمسجد الأقصى؟ وما هي تكلفة رحلة خارجية إليه لشخص عادي؟
وسؤالي الأخير: هل يجوز لي الترحم على القرشيين الذين كانوا يولون بيت الله وحجاجه عنايتهم ويدفعون من أجله أرواحهم وأموالهم؟ هل أقول: رحمهم الله ولا رحم مدنسي بيت الله الحرام؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.