لندن، سنغافورة، فيينا، بكين - رويترز - انعكس اقتراب الثورة في ليبيا من نهايتها، انخفاضاً في أسعار النفط تجاوز دولارين أمس، بعدما كانت الأحداث ذاتها سبباً في رفعها إلى مستويات تاريخية. وتراجع سعر برميل النفط أمس مقترباً من 106 دولارات، مع توقع المتعاملين والمستثمرين استئناف صادرات الخام الليبي في وقت يبدو أن الحرب الدائرة في ليبيا منذ نحو ستة أشهر تقترب من نهايتها. واجتاح المعارضون المسلحون وسط العاصمة طرابلس ونزلت حشود إلى الشوارع للاحتفال بما تعتبره نهاية حكم معمر القذافي المستمر منذ أربعة عقود، لكن دبابات حكومية ما زالت تقصف مناطق في العاصمة. واستهلت أمس أسعار النفط في التداولات الآسيوية على انخفاض بلغ 3 دولارات مقترباً من 105 دولارات للبرميل، ثم ما برح أن عوض بعض خسائره ليبلغ 107.12 دولار لمزيج «برنت» ثم تراجع ليقفل عند 106.32 دولار. وفي المبادلات الصباحية، تراجع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) 25 سنتاً ليبلغ 82,01 دولار بينما بلغ سعر برميل «برنت»، النفط المرجعي لبحر الشمال، 106,25 دولار، بعد انخفاضه 2,37 دولار. لكن عقود الخام الأميركي الآجلة ارتفعت أكثر من دولار للبرميل، مع تراجع الدولار أمام سلة عملات وارتفاع أسواق الأسهم، مدعومة بآمال بقرب انتهاء الحرب في ليبيا. وارتفع سعر الخام الأميركي تسليم أيلول (سبتمبر) 35 سنتاً إلى 82.61 دولار للبرميل، بعدما نزل إلى 81.13 دولار للبرميل في وقت سابق. وقال المحلل لدى «سي إم سي» ماركتس في لندن مايكل هيوسون: «إنها فقط حقيقة أن الدولار أضعف». وأشار متعاملون إلى أن عقود «برنت» أشد تعرضاً لتقلبات العرض والطلب في سوق النفط العالمية من نظيراتها الأميركية. وكانت ليبيا تضخ نحو 1.6 مليون برميل من النفط يومياً أي نحو اثنين في المئة من الإمدادات العالمية قبل أن يتوقف الإنتاج بسبب المعارك التي شارفت على الانتهاء فيما يبدو. وتحتل ليبيا المركز السابع عشر بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم. وكان معظم الخام الليبي العالي الجودة يذهب لمصاف أوروبية، وساهم ضعف الإمدادات عقب توقف الصادرات الليبية، في صعود «برنت» إلى أعلى مستوى في سنتين عندما سجل 127.02 دولار في نيسان (أبريل). ويتساءل كثر عن الفترة التي يستغرقها استئناف الإمدادات الليبية. وقال المحلل لدى «كومرتس بنك» في فرانكفورت كارستن فريتش: «وصول الإنتاج إلى نحو مليون برميل يومياً قد يحتاج إلى ستة أشهر نظراً إلى ما حدث في العراق في 2003». ولفت محللون إلى أن النظرة المستقبلية القاتمة للاقتصاد العالمي ساهمت في تراجع الأسعار. وأكد المحلل في المكتب الاستشاري «بورفن أند غرتز» في سنغافورة فكتور شوم، إن الأحداث في ليبيا هي «الخبر الرئيس» الذي يتابعه الجميع. وتصدر ليبيا، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في الأوقات الطبيعية 1,49 مليون برميل يومياً، 85 في المئة منها إلى أوروبا، وفق وكالة الطاقة الدولية. لكن إنتاجها تراجع إلى حد كبير منذ اندلاع الثورة في 15 شباط (فبراير). وسرعان ما أعلن عدد من الشركات النفطية عزمه العودة إلى ليبيا. وأشارت شركة «الخليج العربي للنفط» الخاضعة لسيطرة المعارضة الليبية المسلحة، إلى أنها مستعدة فنياً لبدء إنتاج النفط في حقليها في شرق ليبيا، ويمكنها ذلك من دون عمال أجانب. وقال مدير شؤون الإعلام فيها عبدالجليل معيوف: «قمنا بأعمال الصيانة. لدينا شركات نفط ليبية ونستطيع البدء في أي وقت في حالة الحصول على الموافقة الأمنية. يمكن أن نبدأ من دون الشركات الأجنبية». وأعلنت مجموعة «رويال بام» الهولندية للبناء، أنها تدرس العودة إلى ليبيا بعد دخول قوات المعارضة المسلحة إلى طرابلس. وقال الناطق باسمها: «عملنا في ليبيا لمدة 25 سنة حيث تركزت خدماتنا في قطاع النفط والغاز. إذا طلب عملاؤنا منا العودة بعد التطورات الأخيرة فسندرس الأمر لكن لا خطط مؤكدة للعودة الآن». وكانت «بام» أجلت 173 موظفاً من ليبيا هذه السنة، ويساهم البلد بأقل من واحد في المئة من إيراداتها. وأعلنت أمس منافستها النمسوية «ستراباج» أنها تراقب الوضع قبل أن تقرر إن كانت ستعود إلى ليبيا. وقالت ناطقة باسمها: «الوضع ما زال مفتوحاً كما كان منذ ستة أشهر. نراقب وسنقرر بعد ذلك إذا كنا سنعود إلى ليبيا ومتى». وكانت «ستراباج» علقت العمل في ليبيا وسحبت موظفيها عندما بدأت الانتفاضة مخلفة وراءها مشاريع بنحو 350 مليون يورو (493 مليون دولار). وكذلك، أعلنت مجموعة «أو إم في» النمسوية للطاقة أمس، أنها لا تجري محادثات ثنائية مع المعارضة الليبية في شأن إنتاج النفط. وأكد ناطق باسمها «مراقبة الوضع والتطورات المستقبلية عن كثب. في الوقت الحالي لا نجري أية محادثات ثنائية مع المجلس (الوطني) الانتقالي». وكانت «أو إم في» حصلت على نحو 10 في المئة من إمداداتها النفطية من ليبيا في 2010 لكن الإمدادات نضبت تماماً مع تصاعد الصراع داخل ليبيا».