شهدت أوكرانيا أمس، حداداً وطنياً بعد مقتل عشرات العسكريين بإسقاط الانفصاليين الموالين لروسيا شرق البلاد، طائرة نقل عسكرية، ما أجّج الصراع المتفاقم في البلاد منذ أشهر. ونُكِّست الاعلام فيما رسمت شبكات التلفزة على شاشاتها صورة شمعة، ترحّماً على 49 عسكرياً قُتلوا بعدما اسقط الانفصاليون في لوغانسك الطائرة الاوكرانية، وهي من طراز «ايل-76»، بصاروخ مضاد للجوّ، بحجة ان الطائرة استُقدمِت ل «قتل الشعب». وأثار الهجوم ردود فعل غاضبة، اذ تظاهر في كييف 300 شخص رافعين لافتات كُتب عليها «روسيا قاتلة». وأصابت زجاجة حارقة جدار السفارة الروسية في العاصمة الأوكرانية، لكن رجال الاطفاء نجحوا في احتواء الحريق سريعاً، فيما انتزع متظاهر العلم الروسي من مبنى السفارة التي رشقها آخرون ببيض وحجارة. وتوجّه وزيرا الداخلية والخارجية الاوكرانيين الى المكان لتهدئة المتظاهرين، فيما نددت موسكو بأن أجهزة الامن «لم تفعل شيئاً لحماية السفارة، ما يشكّل انتهاكاً فجاً للالتزامات الدولية لأوكرانيا». وكان الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو توعّد ب «رد ملائم على الارهابيين» الذين أسقطوا الطائرة، مشدداً على «معاقبة المتورطين بعمل ارهابي بهذه الفداحة». ونددت الولاياتالمتحدة بالهجوم، ودعت كييف الى احترام معاهدة فيينا التي تلزمها ضمان أمن المباني الديبلوماسية، علماً أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قدّم، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأوكراني أرسني ياتسنيوك، تعازيه لمقتل العسكريين ال49. وقال مسؤول بارز في الخارجية الأميركية ان كيري «شدد على التزام الولاياتالمتحدة ومجموعة الدول السبع زيادة التكلفة التي ستتحمّلها روسيا، إذا لم توقف تدفق الأسلحة عبر الحدود وتقطع صلتها بالانفصاليين» في شرق أوكرانيا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه ابلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي، «أسف» بلاده و «إدانتها التظاهرات التي ألحقت اضراراً بالسفارة الروسية في كييف»، لافتاً الى «أهمية تأمين حماية البعثات الديبلوماسية». وقال فابيوس: «شددت على ضرورة ايجاد الشروط للتوصل الى وقف لاطلاق النار، فيما يبقى الوضع في شرق البلاد غير مستقر». وأشار الى «قلق» يثيره «نشر معدات عسكرية ثقيلة على الأرض». وكان بوروشنكو دعا في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الى توسيع العقوبات الاوروبية على روسيا اذا «استمرت في زعزعة استقرار» بلاده، فيما أبلغ هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا مركل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «قلقهم البالغ ازاء استمرار المعارك في شرق اوكرانيا». في غضون ذلك، اعلنت شبكة «زفيزدا» التابعة لوزارة الدفاع الروسية، أن أجهزة الامن الاوكرانية تحتجز اثنَين من صحافيّيها بعد توقيفهما عندما كانا يحاولان مغادرة اوكرانيا اثر تغطيتهما النزاع في شرق البلاد. ودعت الشبكة «بوروشنكو الى الافراج عنهما»، بعدما اتهمت الخارجية الروسية كييف ب «انتهاك فاضح لحقوق وسائل الاعلام الروسية». واحتُجِز صحافيان آخران من الشبكة الروسية، يُشتبه بأنهما كانا ينفذان مهمة استخباراتية حول العمليات العسكرية الاوكرانية، اياماً قبل ان تطلقها كييف الاثنين الماضي. الى ذلك، أعلن الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فو راسموسن أن الحلف يُعدّ حزمة مساعدات لعرضها على وزراء خارجية الدول الأعضاء نهاية الشهر، تتضمن مساعدة أوكرانيا لاصلاح قطاعها الدفاعي وتحديث قواتها المسلحة، مشيراً الى أن «الأطلسي» والدول الأعضاء يدرسون طلبات من أوكرانيا تراوح بين المساعدة في قطاع الاتصالات والتدريب على استخدام أسلحة. وذكّر بأن الحلف الذي أرسل مقاتلات وسفناً إلى شرق أوروبا، لا ينوي التدخل عسكرياً في أوكرانيا، مستدركاً أن الحلف يدرس تدابير بعيدة المدى لضمان حماية حلفائه. وقال لصحيفة «إلباييس» الإسبانية: «علينا التكيّف مع حقيقة أن روسيا تعتبرنا الآن خصمها».