أعلنت السلطات الكردية عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية للتعامل مع «الفراغ الأمني» الذي خلفه انسحاب الجيش العراقي من المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد أمام مسلحي تنظيم «داعش»، فيما وصفت الحكومة الاتحادية قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان «بالنظامية». وعزا رئيس حكومة الإقليم الأزمة التي يمر بها العراق، إلى عدم اعتماد الحكومة الاتحادية على الحلول السياسية في إنهاء أزمة الأنبار قبل عامين. وفي هذه الأثناء أعلنت الأجهزة الأمنية في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد مقتل مسلحين ينتمون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في اشتباكات مع قوات البيشمركة الكردية في ناحية السعدية التابعة لقضاء خانقين، أدت إلى مقتل وإصابة 12 من عناصر القوات ذاتها، بهجوم جوي استهدف نقاط أمنية. وكانت قوات البيشمركة الكردية فرضت سيطرة كاملة على غالبية المناطق المتنازع عليها في محافظة نينوى عقب انسحاب الجيش العراق من مدينة الموصل، لكنها تواجه صعوبات في السيطرة على بعض المناطق في محافظة ديالى، وتحديداً ناحية السعدية التابعة لقضاء خانقين. وعقد نائب رئيس الإقليم كوسرت رسول اجتماعاً مع رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني بهدف «سد الفراغ» الذي خلفه انسحاب الجيش العراقي من المناطق المحاذية للإقليم. وأكد بيان صدر عقب الاجتماع «التزام البيشمركة حماية سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتها»، مشيراً إلى أن الأزمة «تثبت توجهات الإقليم أن إدارة البلاد تكمن في تنفيذ الدستور واعتماد التوافق والشراكة، إذ سبق أن حذرت القيادة الكردية من الوصول إلى ما هو الوضع عليه الآن، لكن بعض الأطراف لم يعرِ أي اهتمام». وأوضح البيان أن «البيشمركة تتخذ موقفاً دفاعياً، ولم تتخذ أي موقف هجومي، بغية تجنب خلق فوضى في مواقعها الأمامية. والأزمة تعالج عبر الحلول السياسية وليس العسكرية المجردة من التوافق، وعودة الاستقرار هو رهن التوافق بين الشيعة والسنّة والأكراد»، لافتاً إلى أن «قراراً اتخذ في الاجتماع لتشكيل غرفة عمليات أمنية وعسكرية وفق قوانين الإقليم، لإدارة الموقف». كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى «الإسراع في تقديم المساعدات للنازحين إلى إقليم كردستان». وفي السياق كشف نيجيرفان خلال مؤتمر صحافي عقده مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «كان قد طلب من الإقليم تسلم مقر الفرقة الثانية عشرة في الجيش العراقي في محافظة كركوك، تجنباً لحصول فراغ أمني، واتصالاتنا مع مكتب المالكي ما زالت مستمرة، لحساسية المرحلة، ونؤكد أن الأزمة لا تتعلق بالإرهاب فقط، بل إنها أزمة سياسية. وكان على حكومة المالكي قبل عامين حل أزمة الأنبار عبر الحوار، حينها لم نكن وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم». وحذر ميلادينوف من أن العراق «يواجه خطراً حقيقياً، وتداعياته ستنعكس على المنطقة بأسرها، والحل الوحيد هو التنسيق بين الإقليم وبغداد، وتشكيل مجلس يمثل جميع المكونات العراقية، وعقد جلسة للبرلمان، وتعاون من دول الجوار». إلى ذلك خصص برلمان الإقليم جلسته أمس لمناقشة الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، واستمع إلى تقرير أعدته لجان برلمانية كانت تفقدت النازحين الفارين من نينوى وكركوك تجاه تلك المناطق. ومن المقرر أن يستمع البرلمان إلى اللجان البرلمانية التي زارت كلاً من مناطق الموصل ومدينة كركوك للاطلاع على أوضاع النازحين هناك. ميدانياً، دان مركز تنظيم خانقين لحزب «الاتحاد الوطني» بزعامة جلال طالباني مقتل ستة من البيشمركة، وإصابة 23 آخرين في قصف شنته طائرات الجيش العراقي، وقال في بيان «في وقت اتفق ممثلون عن قوات البيشمركة مع ممثلين عن الحكومة العراقية على التنسيق والتعاون لإدارة الموقف في حدود محافظة ديالى، خصوصاً في ناحية السعدية وقضاء جلولاء، تعرضت قوات البيشمركة إلى قصف جوي». وطالب «بتشكيل لجنة مشتركة للكشف عن المنفذين، وتقديمهم للعدالة». وفي السياق أفاد مصدر أمني عن مقتل عنصر من البيشمركة وإصابة اثنين آخرين، في تفجيرين لم يعرف طبيعتهما، في منطقة سنني، قرب منطقة ربيعة على الحدود مع سورية. وأكد مسؤول أمني رفيع في ديالى ل «الحياة» إن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين مسلحي «داعش» وقوات تابعة للجيش بعد تلغيم المسلحين الطرق الزراعية في ناحية العظيم، وأن تعزيزات عسكرية وصلت الناحية واشتبكت مع المسلحين، في حين شهدت الناحية نزوحاً جماعياً ما مكّن المسلحين من اعتلاء أسطح المنازل ونشر قناصيهم». كما أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس ديالى مقتل مسلحين وحرق عجلات يستقلونها. وأوضح رئيس اللجنة صادق الحسيني ل «الحياة» أن «الجيش نفذ عملية عسكرية واسعة لتطهير ناحية السعدية من المسلحين أسفرت عن مقتل عشرة مسلحين وحرق خمس مركبات كانوا يستقلونها». وأكد مستشار الأمن الوطني فالح الفياض في مؤتمر صحافي أن «رؤية الدولة العراقية موحدة وهي أن نمضي معاً في محاربة تنظيم «داعش»، والإخوة في إقليم كردستان يبادلوننا الشعور نفسه».