لندن - أ ف ب - انتقد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الحديث عن «الانهيار الاخلاقي» كسبب لاعمال الشغب التي شهدتها البلاد هذا الشهر وكانت غالبيتها من تنفيذ شباب من صغار السن، معتبراً ان ذلك من شأنه الاضرار بسمعة البلاد في الخارج. وفي تدخل نادر في السياسات الداخلية للبلاد منذ مغادرته السلطة، حذر بلير من ان الحديث الخاطئ للسياسيين يمكن ان يقود الى سياسة خاطئة في التعامل مع اعمال العنف. وقال الزعيم العمالي السابق ان السبب الحقيقي للعنف الذي شهدته لندن ومدن انكليزية اخرى لأربع ليال على الاقل، يعود لسلوك شبان يشعرون بأن لا مكان لهم في المجتمع ومن ثم يحنقون عليه. وكتب بلير في مقال نشرته صحيفة «اوبزرفر» امس، ان «بريطانيا ككل ليست فريسة لما يتحدثون عنه من استشراء للانهيار الاخلاقي». وتابع ان «السبب الاكبر هو مجموعة من الشبان المتغربين داخل المجتمع ممن يشعرون بأن لا مكان لهم فيه ويعيشون في وضع لا يخضع للانماط السلوكية السليمة». وأضاف ان الكثيرين ممن انخرطوا في اعمال النهب والتدمير «من اسر تعاني من خلل عميق تربيهم على اسس مغايرة تماماً عما يعتقد به باقي المجتمع سواء من ابناء الطبقات المتوسطة او الفقيرة». وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أشار اكثر من مرة الى فقد المعايير الاخلاقية ما ادى الى السلوك الذي شهدته بريطانيا خلال اعمال الشغب. وهو تعهد الاسبوع الماضي مواجهة «الانهيار الاخلاقي الذي نشهد حلقاته بتصوير بطيء» في جوانب من البلاد وقال ان «اصلاح المجتمع» سيتصدر اولوياته. غير ان تصريحات بلير لم توجه فقط الى اليمين حيث ينتمي كاميرون الى حزب المحافظين بل اتهم ايضاً الزعماء في مختلف الاطياف السياسية البريطانية بعدم ادراك ما قاله من ان الشغب لا يعبر عن المجتمع ككل. وقال بلير في مقاله: «عدم ادراك هذا الامر يؤدي الى تحليل مشوش تماماً للامور»، محذراً صانعي السياسات من الخروج وفق ذلك بحلول «خاطئة». وحض بلير السياسيين على «التركيز على المشكلة المحددة ومن ثم البدء بالعلاج المناسب». وتابع: «اما اذا ضخمنا الامر بالحديث عن بلادنا باعتبارها ضلت السبيل اخلاقياً واخذنا في الرثاء لذلك فسنحبط انفسنا من دون داع ونلطخ سمعتنا في الخارج والاسوأ من هذا وذاك، نضيع فرصة التعامل مع المشكلة بالطريقة الوحيدة النافعة». وتولى بلير رئاسة الوزراء ما بين عامي 1997 و2007 وتجنب غالباً الخوض في الشؤون الداخلية للسياسة البريطانية منذ تركه السلطة. وبدلاً من ذلك ركز بلير جهوده على مجموعة من الادوار الجديدة التي اضطلع بها كان ابرزها كونه مبعوثاً للرباعية الساعية الى احياء محادثات السلام في الشرق الاوسط. في غضون ذلك، أوردت شرطة العاصمة البريطانية آخر التقارير التي اظهرت زهاء 3300 جريمة تعاملت معها الشرطة على خلفية الاضطرابات التي شهدتها العاصمة ما بين السادس والتاسع من آب (اغسطس) الجاري، وشملت اعمال شغب واحراق ممتلكات ونهب المحال الرياضية والالكترونية وسرقة الامتعة وخلافه. وأشارت الشرطة الى ان أعمال الشغب في لندن اضرت ب22 من بين 32 بلدية في العاصمة. وورد في المحصلة الاولى لاعمال الشغب الاسوأ التي تشهدها انكلترا منذ 30 عاماً ان الشرطة اعتقلت 1838 شخصاً على خلفية الانخراط في الشغب في لندن 396 منهم من القصر. وسجلت شرطة «اسكتلنديارد» في بريطانيا 3296 جريمة في الفترة بين السادس والتاسع من آب. وشملت الجرائم عمليات سرقة منازل وسرقة سيارات وتخريب فضلاً عن اضرام النار في الممتلكات العامة والخاصة.