عكس التضخم في السعودية اتجاهه النزولي، وتحرك صوب الارتفاع مجدداً، بعد سبعة أشهر من الانخفاض، إذ سجل زيادة طفيفة خلال شهر أيار (مايو) الماضي بلغت 0.3 في المئة مقارنة بشهر نيسان (أبريل) وبلغت 5.5 في المئة، بسبب زيادة أسعار الإيجارات والوقود والمياه، وسط مخاوف من مواصلة التضخم للارتفاع، خصوصاً مع قرب حلول شهر رمضان المقبل حيث يرتفع الطلب بشكل كبير. وقالت مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات أمس إن الرقم القياسي لكلفة المعيشة في مايو ارتفاع بنسبة 0.1 في المئة، مقارنة بشهر أبريل، جراء زيادة الرقم القياسي لمجموعتي الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 1.3 في المئة، والنقل والاتصالات بنسبة 0.1 في المئة. وفي المقابل سجلت ثلاثة انخفاضات في مؤشراتها القياسية، هي: مجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 0.4 في المئة، والأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.1 في المئة، والتأثيث المنزلي بالنسبة ذاتها، في حين استقرت مجموعات الرعاية الطبية، والتعليم والترويح، والسلع والخدمات الأخرى عند مستوى أسعارها السابق. وأوضحت البيانات أن مؤشر الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة لشهر مايو بلغ 121.3 نقطة، مقارنة ب 115 نقطة قبل عام، وعزت هذا الارتفاع إلى الزيادات التي سجلتها المؤشرات القياسية للمجموعات الثمان الرئيسية المكونة للرقم القياسي. وزاد الرقم القياسي لمجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 15.1 في المئة، والتأثيث المنزلي بنسبة 10.3 في المئة، ومجموعة السلع والخدمات الأخرى بنسبة 3.5 في المئة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 2.4 في المئة، ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 1.7 في المئة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 1.3 في المئة، ومجموعة الرعاية الطبية بنسبة واحد في المئة، ومجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.9 في المئة. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الخثلان ل«الحياة»: «إن الزمن يعيد نفسه مرة أخرى مع عودة أسعار النفط الى الارتفاع، اذ تخطت حاجز ال 72 دولاراً للبرميل، وهذا له دور كبير في ارتفاع أسعار السلع، اضافة إلى ذلك فإن هناك ارتفاعاً واضحاً في السوق المالية وتحسناً في مستوى السوق، وهذا بدوره داعم لتوفير السيولة التي تضخ في الاقتصاد السعودي». ويضيف: «هناك تطور حصل خلال الفترة الماضية، وهو انخفاض سعر صرف الدولار الذي يرتبط به الريال، وهذا بدوره سيزيد من الضغوط التضخمية». وتوقع الخثلان أن يستمر معدل التضخم في الارتفاع، في حال واصلت أسعار النفط ارتفاعها، مشيراً إلى أن الإجازة الصيفية قد تساعد في انحسار التضخم نتيجة لانخفاض الشراء، وسحب أموال وصرفها في الخارج. وأوضح أن العوامل المسببة للتضخم تتفاوت من اقتصاد إلى آخر، من عوامل تتعلق بالبيئة الدولية مثل اتجاهات أسعار السلع ونشاط الاقتصاد العالمي، وتطورات الأسواق المالية العالمية، إلى عوامل أخرى محلية مثل الطلب والعرض الكلي في الاقتصاد وتكاليف المواد الاولية والأجور، وكذلك عوامل مرتبطة بالعرض النقدي اضافة إلى العوامل الموسمية. وبالنسبة لتوقعات التضخم للربع الثاني من عام 2009، يوضح تقرير مؤسسة النقد الصادر بنهاية الربع الأول أن معدل التضخم سيتجه نزولياً خلال الربعين الماضيين بدءاً من الربع الرابع من عام 2008، إذ تراجع معدل التضخم الفصلي ب 2.2 في الربع الثالث من عام 2008، إلى 1.9 في المئة في الربع الرابع من العام نفسه ثم إلى نحو 0.6 في المئة في الربع الاول من عام 2009. وفي الاتجاه نفسه، تراجع معدل التضخم السنوي من 10.7 في المئة نهاية الربع الثالث من عام 2008 إلى 6.9 في المئة في نهاية العام، ثم إلى 6.9 في المئة في الربع الاول من عام 2009. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبوداهش ل«الحياة»: «إن ارتفاع الأسعار لا يقابله انخفاض بالقدر نفسه الذي ارتفعت به، وهنا تكمن المشكلة». ويضيف: «هناك عوامل اقتصادية داخلية تقف خلف ارتفاع معدل التضخم في السعودية، مثل ارتفاع الإيجارات، ومن الضروري أن تعمل مصلحة الاحصاءات على توضيح أكثر لبياناتها المتعلقة بالتضخم».