يدلي الناخبون الكولومبيون بأصواتهم الأحد في دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية في اقتراع سيحدد مستقبل عملية السلام مع متمردي القوات الثورة الكولومبية المسلحة (فارك) اليسارية المتطرفة في بلد يشهد نزاعا مسلحا منذ نصف قرن. وتبدو المنافسة قوية بين الرئيس خوان مانويل سانتوس (62 عاما) الذي فتحت حكومته حوارا مع المتمردين في "فارك" وحركة التمرد الثانية "جيش التحرير الوطني"، واشد منتقديه وزير المالية السابق أوسكار ايفان زولواغا. وتقول السلطات ان "فارك" تضم نحو ثمانية آلاف مقاتل، بينما يبلغ عدد أعضاء "جيش التحرير الوطني" نحو 2500 عنصر. ودعي أكثر من 32 مليون ناخب لإادلاء بأصواتهم ليختاروا الرئيس سانتوس الذي يدافع بقوة عن عملية السلام او وزير المالية السابق الذي يدعو الى موقف أكثر حزما، وهما خياران متعارضان تماما للمرشحين اللذين لم يتفقا سوى في الاحتفال مع الكولومبيين بفوز منتخب بلدهم على اليونان في مباريات كأس العالم لكرة القدم في البرازيل. وأطلق سانتوس الذي ينتمي الى عائلة سياسية كبيرة وعمل في الصحافة شعارا مدويا بصيغة بسيطة: "انتهاء النزاع او نزاع بلا نهاية". ويدعو القيادي في يمين الوسط الى مواصلة مفاوضات السلام التي تجري مع متمردي "فارك" من دون وقف لإطلاق النار منذ 19 شهرا في هافانا، مؤكدا انها وصلت الى "مراحلها الاخيرة". وقبل ايام من الاقتراع، أعلن الرئيس المنتهية ولايته ان عملية مماثلة تجري مع "جيش التحرير الوطني" ووعد "بإطلاق امكانات" البلاد التي يطال الفقر فيها حوالي ثلث السكان البالغ عددهم 47 مليون نسمة على الرغم من معدل نمو يتجاوز ال 4 في المائة. وفي مواجهته، يلقى زولواغا الذي يتهمه باستخدام عملية السلام "لغايات انتخابية"، تأييد معارضي هذه المفاوضات او المشككين فيها. وهي ليست المحادثات الأولى مع المتمردين التي تجري في البلاد. ويستفيد زولواغا (55 عاما) من شعبية راعيه الرئيس المحافظ السابق الفارو اوريبي الذي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة وكان ينادي بالتشدد حيال التمرد بين العام 2002 والعام 2010. ويدعو الخبير الاقتصادي الذي لم يكن معروفا على نطاق واسع في البلاد قبل حملة الانتخابات الى "سلام مشروط"، معلناً انه ينوي في حال فوزه في الانتخابات "إعادة النظر" في الاتفاقات التي تم التوصل اليها حول مشاركة المقاتلين السابقين في السياسة ومكافحة الإتجار بالمخدرات والاعتراف بالضحايا وخصوصا مسألة الاصلاح الزراعي الذي يريده المتمردون الذين انبثقت حركتهم من تمرد للفلاحين على ملاك الأراضي. وجاء مرشح المعارضة هذا في الطليعة في الدورة الاولى من الاقتراع معتمدا على شعاره "لا للإفلات من العقاب" الذي يشكل موضوعا بالغ الحساسية في كولومبيا، حيث فاقت حصيلة النزاع الذي يشارك فيه التمرد المؤلف من ميليشيات شبه عسكرية وعصابات من المجرمين، 220 الف قتيل وخمسة ملايين نازح. كما ينوي زولواغا توجيه انذار تنتهي مهلته خلال شهر الى متمردي "فارك" ليستسلموا ويطالب بفرض عقوبة السجن لمدة ست سنوات على الأقل على قادتهم، وهي شروط لا يمكن أن تؤدي سوى الى توقّف عملية السلام.