كان شغوفاً بالعمل الاجتماعي منذ طفولته، عندما كان يتنقل كوسيط بين والده وبين الأرامل والمطلقات لتلمس حاجاتهن ومساعدتهن في كسب لقمة العيش، هكذا نشأ مدير فرع وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً في منطقة مكةالمكرمة إحسان طيب الذي فتح خزانة ذكريات الطفولة المكية، المليئة بالشجن والحنين للزمن الجميل، مشيراً إلى بعض نواقص الوزارة في جانب رعاية الأيتام والأحداث، وإلى أنه مازال ناشطاً ومستشاراً اجتماعياً حتى اليوم. متى نشأ حب العمل الاجتماعي لديك؟ - مذ أن كنت طفلاً، عندما كان والدي صالح سراج طيب تاجر القماش في «سويقة» يرعى مجموعةً من السيدات المطلقات والأرامل، اللائي كن يحكن في منازلهن الطرح والسراويل المشتغلة والمطرزة، ويرسل لهن في «بقشة» (عبارة عن قطعة قماش على شكل منديل كبير) الأقمشة الخام ليحولنها لملبوسات ومنسوجات، ليشتريها ويبيعها في متجره، وكنت وسيطاً في هذه العملية، فمهمتي حمل القماش الخام للسيدات والعودة به وإعطاؤهن أجرة عملهن. كما أن والدي يرحمه الله كان ينزل إلى الحلقة ويشتري كمياتٍ كبيرة من المقاضي والأطعمة، ويكلفني بإيصالها لبعض الأهل من الأعمام والعمات والقريبات، خصوصاً عندما تطرح بواكير الثمار من الفاكهة الطائفية مثل الحماط والبرشومى والخوخ والتوت. وكيف كنت تقضي شهر رمضان في طفولتك؟ - كنا نذهب إلى صلاة التراويح في الحرم الشريف مع الوالد، وكان المنزل قريباً من الحرم بحي الشامية وفي حي الغزة، وكانت الفترة السابقة للإفطار تعني الكثير من المشاركة في إحضار الأطعمة، ومساعدة الوالدة في إعداد الطعام، وعندما يعلن دخول الشهر يفد إلى منزلنا أعمامي بعائلاتهم وأبنائهم للتهنئة بالشهر الكريم، إذ إن والدي كان عميد أسرة سراج طيب. في أي عام بدأت الصيام؟ - الحمد لله بدأت في سنٍ مبكرة وبالتدرج، ولم أصل إلى التاسعة من العمر إلا وأنا أصوم اليوم كله. هل ترى أن المتغيرات الاجتماعية أثرت في عادات الناس في رمضان؟ - نعم فهذه سنة الحياة، ففي الماضي كانت الأسر تزور كبيرها للسلام عليه وتهنئته بدخول شهر الصوم، والآن المدينة اتسعت وتفرقت التجمعات العائلية، وأصبح الاتصال الهاتفي والرسائل هي وسائل التهنئة والتواصل، وكانت روح الألفة والمحبة سائدة، إذ يستحيل ألا تجد على سفرة طعامك «طعمة» مرسلة من جيرانك. كيف تقوم العمل الاجتماعي في المملكة أثناء عملك في وزارة الشؤون الاجتماعية؟ - قطع شوطاً كبيراً في التنظيم، خصوصاً في مجال الجمعيات الخيرية والعمل التطوعي، وتأخر في بعض الجوانب داخل المؤسسات الحكومية في مجال رعاية الأيتام ورعاية الأحداث على سبيل المثال، فهو يفتقر إلى استراتيجية واضحة مبنية على مدى فترات زمنية للوصول إلى أهداف محددة، ولا أدل على ذلك مما تتناوله الصحف بشكل شبه يومي عن مشكلات الأيتام والأحداث والعنف الأسرى، فنحن بحاجه إلى مزيد من الجهد والإعداد والعمل. هل مازلت تمارس الأنشطة الاجتماعية بعد التقاعد؟ - الآن أصبحت أملك حريتي في المشاركات التي أريدها، ومشاركتي في الأنشطة الاجتماعية لا تقتصر على جدة، بل الوطن بأكمله وخارجه، فأنا عضو في كثير من الجمعيات الخيرية، وأتلقى الدعوات لعددٍ من المؤتمرات واللقاءات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية، فموافقتي على المشاركة مرهونةٌ بإرادتي. كم كان أول راتب تسلمته وكيف شققت طريقك في الحياة؟ - أول راتب تسلمته حينما تعينت بتاريخ 2/11/1390 مساعد أخصائي توظيف هو 712 ريالاً، أدفع منه 80 ريالاً للأخ ناصر جلوي سائق السيارة التي تقلني من سكني في مكةالمكرمة إلى عملي في جدة، وهي من نوع (بيجو)، ومعي سبعة موظفين آخرين، وكنت أعمل بمكتب العمل الفرعي بباب شريف، الذي كان يرأسه عبدالله الدخيل يرحمه الله، وبعد عام نقلت بالتبادل مع زميل لي نقلت محله كاختصاصي اجتماعي بدار الرعاية في مكةالمكرمة. وبالنسبة لطريقي في الحياة، فبعد أن توفي والدي يرحمه الله عام 1389 قبل أن أتخرج في معهد الخدمة بعام، وكنت أكبر أشقائي الخمسة، بدأت رحلة الحياة مع أم عظيمة يرحمها الله السيدة عائشة بنت إبراهيم فرج، وهي من الأسر المكية العريقة، استطاعت أن تنشئ أبناءها خير تنشئة، ليبلغوا الدرجات العلمية، فأصغرنا أصبح الاستشارى الدكتور مروان صالح طيب رئيس قسم الأطفال بجراحة القلب بمستشفى النور بمكةالمكرمة، وتمكنت بفضل من الله التدرج في السلك الوظيفي مع الالتحاق بجامعة الملك عبد العزيز (انتساب قسم اجتماع) وحصلت على البكالوريوس وأكملت درجة الماجستير وكانت رسالتي في التنمية الاجتماعية لقريتي الجموم وهدى الشام. حدثنا عن يومياتك في رمضان؟ - يومياتي في رمضان شأنها شأن يوميات كثيرين، فرحة باستقبال الشهر واستعداد لاستقبال إخوتي وأسرهم للإفطار والسحور في منزلي في أول يوم بصفتي كبير الأسرة، والمحافظة على هذا التقليد الذي ورثته من الوالد والوالدة وأداء صلاة التراويح مع كل أفراد العائلة في المسجد المجاور، إلى جانب ترتيب أداء عمرة خلال الشهر وقراءة القرآن، ومشاهدة مسلسل «طاش ما طاش» بعد المغرب مع أفراد العائلة، وقبل المغرب برنامج «خواطر» لأحمد الشقيرى، وزيارة بعض الأقارب وحضور بعض الدعوات لبعض المؤسسات الاجتماعية، وحضور بعض المنتديات الجداوية والمكاوية.