باريس، توركو (فنلندا) - أ ف ب، رويترز - شكّلت قمة «الأزمة» الفرنسية الألمانية أمس محور اهتمام الأسواق وترقبها لما ستخلص إليه من قرارات، يمكن أن تفتح كوة في جدار أزمة الديون التي تمرّ فيها منطقة اليورو. وكانت اتجاهات هذه الأسواق أمس إلى تراجع، إذ سجلت البورصات الأوروبية انخفاضاً تجاوز 2 في المئة، وسط أرقام النمو المخيبة في الربع الثاني من السنة، والتي قاربت الصفر في ألمانيا وهولندا وإسبانيا، في حين أظهرت البيانات ركوداً في فرنسا. والتقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل بعد ظهر أمس في باريس، للبحث في نوع الإجراءات الإضافية التي يمكن اتخاذها لتعزيز ثقة المستثمرين في منطقة اليورو، بعد التراجع الحاد في الأسواق الأسبوع الماضي. ويتعرض ساركوزي ومركل لضغوط كي يظهرا للأسواق المالية، اتفاقهما على بذل مزيد من الجهد لدعم الوحدة النقدية التي تمر في أزمة أو مواجهة خطر تفكك منطقة اليورو. وأملت الأسواق بإجراءات عملية بعد القمة التي تناولت اقتراحات في شأن الحوكمة في منطقة اليورو. ولفت محلل في باريس، إلى أن «الأسواق تنتظر إشارة قوية جداً»، وسأل «هل ستتكلم فرنساوألمانيا أخيراً بصوت واحد وتوقفان التنافر المستمر منذ شهور، والذي يثير هلع المستثمرين؟». وفشلت القمة الأوروبية في تموز (يوليو) الماضي، التي أقرّت خطة الإنقاذ الثانية لليونان والتصريحات السياسية الصادرة في الأسابيع الأخيرة، في طمأنة الأسواق المتخوفة من امتداد الأزمة إلى دول مثل إسبانيا وإيطاليا. ونبّهت برلين، إلى ضرورة «عدم توقع معجزات، وعدم نيتها البحث في إصدار سندات أوروبية تسمح بتوزيع قسم من أعباء الديون على منطقة اليورو. كما لا يؤيد الألمان زيادة قدرة الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي على الإقراض وهي محددة حالياً ب 440 بليون يورو، وهو يهدف إلى دعم دول منطقة اليورو التي تعاني من ديون ضخمة، وسيتمكن مستقبلاً من إعادة شراء ديون دول من منطقة اليورو في الأسواق بشروط معينة. وتخضع مركل لضغوط حلفائها الليبراليين ونواب في كتلتها، الذين يحذرونها من أي تهاون حيال الدول الأوروبية الأخرى. ورأى محللون، أن اللقاء يهدف إلى البحث في القيود الملزمة الواجب فرضها للحد من مديونية دول منطقة اليورو، في سياق تعزيز محتمل لميثاق الاستقرار. وقبل القمة التي انتهت مساء، التقى ساركوزي رئيس الوزراء فرنسوا فيون للبحث في إجراءات التقشف الجديدة الواجب اتخاذها لخفض العجز المالي الفرنسي إلى ما دون 3 في المئة من الناتج الداخلي بحلول عام 2013، على أن تُتخذ القرارات النهائية بهذا الصدد في 24 الجاري. وفي إيطاليا، أكد رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني استعداده «للاستماع» إلى «أفكار جديدة»، لتحسين تدابير التقشف الصارمة التي أُقرّت الأسبوع الماضي لادخار 45.5 بليون يورو على مدى سنتين. ودعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في مقالة بعنوان «لنمنع كبح الموازنات من تقويض النهوض الاقتصادي العالمي» في صحيفة "فاينانشال تايمز»، دول العالم إلى «التبصر في قراراتها خشية أن تؤدي سياسات التقشف في الإنفاق إلى تقويض النمو الاقتصادي». وأكدت «ضرورة إعادة التوازن إلى الموازنات وفق معادلة دقيقة بحيث لا يكون سريعاً جداً وبطيئاً جداً». إلى ذلك، رأى خبراء أن «السبيل الوحيد إلى توفير التمويل بكلفة تكون في متناول دول الكتلة الأشد تأزماً من الناحية المالية، هو إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو». لكن المسؤولين في باريس وبرلين أعلنوا أن «فكرة سندات منطقة اليورو ليست على جدول الأعمال»، فيما حذر محللون زبائنهم من المبالغة في التوقعات (في شأن القمة)». في حين لفت خبير الاقتصاد السياسي الفرنسي آلان مينك في تصريح إلى «إذاعة أوروبا 1"، أن ساركوزي لن يخرج من قبعته حلاً سحرياً يطمئن الأسواق العالمية. أما في ألمانيا، فيعارض الألمان تقديم مزيد من المساعدات لجيرانهم الأضعف حتى عندما كان اقتصادهم ينطلق بقوة. وأشار كارستن برزسكي من «آي إن جي»، إلى «تلاشي رفاهية اقتصاد ينمو بسرعة لافتة، في وقت يجهد السياسيون الألمان عقولهم بالتفكير في مزايا سندات يورو مشتركة وعيوبها». إلى ذلك، أعلن عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أركي ليكانين في كلمة خلال ندوة في توركو في فنلندا أمس، أن الاقتصاد العالمي «تحرك في اتجاه مقلق وضبابي في الأسابيع الأخيرة»، ملاحظاً حالاً من «الغموض أكبر من السابق حيال النمو الاقتصادي».