يعتمد مستقبل اليورو على مدى نجاح التدابير الجديدة التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي لرفع التضخم، الذي قد يساهم في إضعاف اليورو مع انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية». وأشار تقرير أصدرته «مجموعة بنك قطر الوطني» أمس إلى أن «أسواق المال استقبلت حزمة تدابير البنك المركزي الأوروبي التي أطلقها في 5 الجاري بإيجابية، مع ارتفاع أسواق الأسهم». وأضاف: «لم يطرأ تغيير كبير على اليورو بعد هبوطه أمام الدولار اثنين في المئة قبل اجتماع المركزي، بينما سجلت سوق السندات السيادية رد الفعل الأكثر عنفاً، فتراجعت عائدات السندات الإيطالية والإسبانية 30 نقطة أساس منذ الاجتماع». ولفت إلى أن «تلك التدابير النقدية التحفيزية للمركزي جاءت بسبب تدهور الآفاق الاقتصادية، وتضمنت خفض سعر الفائدة على الودائع إلى سالب 0.1 المئة، وهي المرة الأولى التي يحمّل فيها المركزي البنوك التجارية رسوماً مقابل إيداع فوائض احتياطاتها لديه، كما تضمنت برنامجاً جديداً لتأمين تمويل رخيص للبنوك لتشجيعها على الإقراض للاقتصاد الحقيقي، بهدف توفير حافز نقدي يساعد منطقة اليورو على تجنب انكماش الأسعار». واعتبر التقرير أن «الوضع قد يتطلب مزيداً من هذه التدابير في حال استمرار اتجاهات التضخم الخارجية السلبية والطلب المحلي الضعيف، وقد تؤدي إلى خفض فروق أسعار الفائدة بين السندات الإيطالية واليونانية والبرتغالية، والإسبانية (ما يعرف بدول الأطراف) من جهة، وسعر الفائدة على السندات الألمانية من جهة أخرى، بينما يحتمل أن يضعف اليورو إذا تحسنت آفاق التضخم». ولفت إلى أن «الإجراء الأهم الذي اتخذه المركزي هو إقرار برنامج عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد، ما من شأنه تأمين تمويل رخيص للبنوك، يعتمد على حجم محفظة القروض لكل بنك، وتحديداً يمكن البنوك الاقتراض من البنك المركزي لما يصل إلى سبعة في المئة من قروضها المستحقة على القطاع الخاص غير المالي والأسري، مع استثناء القروض العقارية، في حين يصل حجم هذا الاستحقاق إلى نحو 400 بليون يورو». ويحق للبنوك اقتراض ما يصل إلى ثلاثة أضعاف التغيير في صافي القروض بالزيادة عن حد معين على أساس ربع سنوي من آذار (مارس) 2015 حتى حزيران (يونيو) 2016، ولكن هذا الحد متدنٍ جداً، إذ يأخذ في الاعتبار صافي الإقراض للقطاع الخاص غير المالي، مع استثناء القروض العقارية، خلال الأشهر ال12 التي سبقت نيسان الماضي. وخلال هذه الفترة، تقدر مؤسسة «جي بي مورغان» أن صافي الإقراض تراجع بمقدار 150 بليون يورو، وللبنوك اقتراض 450 بليون يورو إضافية من التمويل الرخيص إذا احتفظوا بمحفظة القروض من دون تغيير. وأضاف تقرير «بنك قطر الوطني» أن «عمليات إعادة التمويل المستهدفة الطويلة الأمد تخول البنوك اقتراض ما يصل إلى 850 بليون يورو كديون رخيصة وبشروط سهلة. وعلى سبيل المقارنة، فإن فائض السيولة في البنك المركزي الأوروبي، الذي قد يتأثر بسعر الفائدة السلبي للإيداع، لا يتجاوز 100 بليون يورو، في حين تهدف هذه العملية الواسعة النطاق إلى تحسين مستوى الإقراض للاقتصاد الحقيقي». وتوقع مزيداً من التراجع في هوامش أسعار الفائدة على السندات الإسبانية والإيطالية ودول الأطراف عموماً مقارنة بسعر الفائدة على السندات الألمانية، كما توقع أن تُحسّن هذه التدابير آفاق النمو في منطقة اليورو، وتخفّض أخطار تعثر دول الأطراف، وبالتالي خفض الفوائد التي يؤدونها، إضافة إلى أن برنامج عمليات إعادة التمويل المستهدفة الطويلة الأمد لا يفرض عقوبات في حال مخالفة شروط الإقراض، باستثناء إعادة القروض مبكراً في أيلول (سبتمبر) 2016، ما يعطي البنوك فترة سنتين لاقتراض أموال رخيصة من «المركزي» الأوروبي وإقراضها للحكومات والشركات في دول الأطراف بعائدات أعلى.