لندن، طهران - أ ف ب، رويترز، يو بي أي - طلب رئيس الوزراء ديفيد كامرون من القائد السابق لشرطة نيويورك بيل براتن العمل كمستشار لدى الشرطة البريطانية لوقف أعمال الشغب بينما انتشرت أعداد كبيرة من رجال الأمن في لندن أمس لمنع وقوع أي اضطرابات جديدة. واعتبر براتن أن التعامل مع المشكلة أكثر تعقيداً من مجرد اعتقال مثيري الشغب. ويعتقد أكثر من نصف البريطانيين (54 في المئة)، وفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «كومريس» لمصلحة صحيفة «ذي أندبندنت»، بأن كامرون فشل في إظهار قيادته في وقت مبكر في شكل كاف للسيطرة على أعمال الشغب. وكانت أعمال شغب وتخريب ونهب تعد الأسوأ منذ عقود، بدأت في لندن (حي توتنهام شمال العاصمة) وانتقلت إلى مدن كبيرة أخرى بينها برمنغهام ومانشستر وليفربول ونوتينغهام. وأدت إلى مقتل خمسة أشخاص وسببت أضراراً جسيمة. ونشرت السلطات حوالى 16 ألف شرطي، وأعلنت وزيرة الداخلية تيريزا ماي أن هؤلاء سيبقون حتى إشعار آخر وسط مخاوف من عودة العنف في نهاية الأسبوع. وقالت ناطقة باسم رئاسة الحكومة البريطانية أن «رئيس الوزراء تحدث إلى بيل براتن للتعبير عن شكره على موافقته المشاركة في سلسلة اجتماعات في بريطانيا في الخريف لعرض خبرته في مواجهة العصابات عندما كان قائداً للشرطة في بوسطن ونيويورك ولوس أنجليس». وأضافت أن براتن الذي يقيم علاقات قديمة مع الشرطة البريطانية «يسعى لتزويد الحكومة بالخبرة والتجربة» مؤكدة أنه «سيقدم نصائحه الشخصية ومن دون أي مبلغ مالي». وقد وافق على زيارة بريطانيا في الأشهر المقبلة وتقديم النصح في شأن ملاحقة «ثقافة العصابات». وكانت شبكتا «أن بي سي» و «ايه بي سي نيوز» الأميركيتان أوردتا على موقعيهما الإلكترونيين أن براتن تلقى اتصالاً هاتفياً من كامرون أول من أمس ليطلب منه العمل مستشاراً لدى الشرطة البريطانية (أسكتلنديارد). وأكد براتن ل «ان بي سي» أنه يتوقع أن يتولى مهامه قريباً لكنه لا ينوي الإقامة في شكل دائم في بريطانيا. وستكون هذه المهمة طويلة الأمد وليست مخصصة لمواجهة أعمال الشغب الأخيرة. وقال براتن (63 سنة) لصحيفة «ديلي تلغراف» ان مثيري الشغب الصغار السن يجب أن يشعروا بالخوف من الشرطة ومن إمكان مواجهة عقاب خطر». وزاد: «يجب العمل على إخافة قدرتهم على اتباع سلوك إجرامي وتوقيفهم وملاحقتهم (في القضاء) وحبسهم». وتابع: «تجربتي علمتني أن المجرمين الشباب لا يخافون من الشرطة ويميلون إلى تحديها»، موضحاً أنه «يجب إفهامهم منذ صغرهم أن هذا السلوك المقيت والمعادي للمجتمع لن يُسمح به». وكان براتن من اهم الشخصيات في الشرطة التي دعت الى اعتماد مبدأ عدم التسامح إطلاقاً مع الإجرام في نيويورك. وقال: «اذا حصلت أمور على نطاق ضيق فيجب عدم السماح باتساعها لتصبح مشاكل أكبر»، مؤكداً أن الشرطة تحتاج إلى «أدوات كثيرة» جاهزة لمواجهة أي أعمال شغب، ويجب أن تقوم بمهامها في شكل دستوري وثابت واتباع السياسة ذاتها في الأحياء الفقيرة والغنية. وأشار إلى أن «الجدل يدور حالياً حول الرصاص المطاطي وأسلحة غير قاتلة مثل بخاخ الفلفل وخراطيم المياه ومسدسات تازر». وذكرت الصحف أن كامرون كان متحمساً جداً للاستعانة ببراتن ليتولى قيادة الشرطة البريطانية، لكن وزيرة الداخلية رفضت الفكرة مؤكدة أن المنصب يجب أن يشغله بريطاني. وكان قائد الشرطة بول ستيفنسن استقال من منصبه في 17 تموز (يوليو) الماضي في إطار فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية من «نيوز أوف ذي وورلد»، بعد الكشف عن علاقات بين ضباط والصحيفة. على صعيد آخر، أعلنت شرطة لندن أنها اعتقلت 1144 شخصاً بينهم 693 وجهت اتهامات رسمياً اليهم. وفي مجمل انكلترا مثُل 796 شخصاً أمام القضاء بينهم 122 شخصاً تحت سن ال18. ورأى كامرون أول من أمس أنه يجب طرد مثيري أعمال الشغب الذين شاركوا في الاضطرابات من المساكن الاجتماعية. وأضاف «بطبيعة الحال، هذا يعني أن علينا إيواءهم في مكان آخر. عليهم إيجاد مسكن في القطاع الخاص، وسيكون هذا الأمر أكثر صعوبة لهم، لكن كان عليهم أن يفكروا في ذلك قبل البدء بالسرقة». تحسين النوعية ودعم وزير المالية جورج اوزبورن ما ذكره براتن عن أهمية التركيز على القضايا الاجتماعية، مجدداً التأكيد أنه لن يتراجع عن الاستقطاعات المخطط لها من موازنة الشرطة والتي انتقدتها المعارضة ومسؤولون كبار في جهاز الشرطة. وقال اوزبورن ان الحكومة لا تزال عازمة على خفض بليوني جنيه من الموازنة، ما يعني فقدان نحو 30 ألف وظيفة. وأوضح أن الأمر لا يتعلق بالعدد، ولكن «بتحسين وجود الشرطة في مجتمعاتنا بحيث تصبح مرئية في شكل أكبر». وقال أوزبورن ل «بي بي سي»: «نحن ملتزمون بالخطة التي وضعناها لإصلاح الشرطة. نريد الاستفادة من نصائح شخصيات مثل بيل براتن للتعامل الجدي مع القضايا الاجتماعية المتجذرة مثل النشاط الإجرامي». ويتوقع أن يشكل بدء موسم الدوري الإنكليزي لكرة القدم الذي انطلق أمس السبت عبئاً إضافياً على موارد الشرطة مع مخاوف من تجدد أعمال العنف. واتهمت شرطة لندن أمس ريس دونوفان بسرقة طالب ماليزي يدعى أشرف حاذق خلال أعمال الشغب في حادث صوّر وبث على الإنترنت، ما أثار استياء ملايين. وهو مثُل أمام المحكمة. وتعرّض حاذق لكسر فكه خلال أعمال عنف في باركينغ (شرق لندن)، ومن ثم جلس مشوشاً فاقترب منه اشخاص متذرعين بمساعدته بينما كانوا يسرقون حقيبته من الخلف، وهو الحادث الذي التقط على شريط فيديو. وأصدر المجلس المحلي لمنطقة وندسورث (جنوب) أمراً بطرد امرأة تسكن شقة على نفقة الدولة، وهو الأول من نوعه وسيدخل حيز التنفيذ حال صدور حكم بإدانة إبنها في اعمال الشغب. وكانت إمرأة أخرى، بولندية الجنسية، قد صورت الاثنين وهي تقفز للنجاة من النيران التي أشعلها مثيرو الشغب في منزلها في منطقة كرويدون (جنوب)، وقد وصفت المجتمع الانكليزي بأنه «مريض». وانتقدت منظمة «صحافيون بلا حدود» التي تتخذ من باريس مقراً لها ما تردد من تعاون الشركة الكندية المصنعة لهواتف «بلاكبيري» المحمولة مع السلطات البريطانية في رصد مثيري الشغب. وقالت إن ذلك سيحمل تداعيات خطرة على خصوصية المستخدمين لهواتف «بلاكبيري»، واصفة التعاون بين الشركة والسلطات بأنه يرسي «سابقة خطرة». قلق إيراني إلى ذلك، استدعت وزاره الخارجيه الإيرانية القائم بأعمال السفارة البريطانية في طهران وأبلغته قلق الحكومة «حيال ما يجري في بريطانيا من ممارسات قمعية تمارسها الشرطة ضد المحتجين البريطانيين»، كما نقلته أمس وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا). وطالب رئيس الدائرة الأولى لغرب أوروبا في الخارجية «الحكومة البريطانية بالاهتمام بالمطالب والتطلعات الحقيقية للمحتجين».