لا تزال قدرات المرجع الشيعي علي السيستاني في صنع القرار لغزاً. قليلون هم الذين يعرفون حقيقة ما يجري في منزله الذي يقع في زقاق قديم يخضع لحراسة مشددة في مدينة النجف الشيعية المقدسة، حيث يعيش في عزلة فعلية بعد سنوات الإقامة الجبرية خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ويعد السيستاني الذي يقلده ملايين الشيعة حول العالم، أعلى زعيم ديني شيعي في البلاد وأحد أبرز رجال الدين فيه، ويدين الملايين من أبناء الطائفة الشيعية في العالم بالولاء له، واعطت دعوته للقتال ضد الجهاديين الذين استولوا خلال الأسبوع الماضي على مناطق شاسعة من البلاد دفعة قوية للإقبال على التطوع لقتال هؤلاء. والمرجعية الدينية معناه رجوع المسلمين الشيعة إلى من بلغ رتبة الإجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية. يرجع الشيعة إلى مراجع التقليد لمعرفة الأحكام الفقهية، وقد يمتد نفوذ المراجع إلى التدخل في مسائل سياسية واجتماعية، كما فعل المرجع السيستاني الذي دعا العراقيين مؤخراً إلى "حمل السلاح". ولد السيستاني في إيران في مدينة ارشاد عام 1930 وبدأ دراسته الدينية في عمرالخامسة وأصبح أعلى مرجع ديني شيعي في العراق في العام 1992. وعلى الرغم من كثرة أتباعه، إلا انه بقي بعيداً من الإنخراط المباشر بالسياسة، وتدخلاته في الوضع السياسي كانت نادرة منذ الغزوالذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003، واكتفى بالدعوة المتكررة خلال فترات العنف الطائفي في البلاد بين عامي 2006 و 2008 إلى التهدئة، داعماً بشدة إجراء الإنتخابات الديموقراطية. إلا أنه في اواخر عام 2003 تدخل السيستاني في السياسة للمرة الأولى داعياً العراقيين إلى المشاركة الكبيرة في الإستفتاء على الدستور، الذي أعقبه تشكيل أول حكومة إنتقالية منبثقة من الشعب. وبعد مرور عام على ذلك، تدخل السيستاني مرة اخرى لإنهاء المعركة بين جيش المهدي الذي قاده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والقوات الأميركية في عام 2004.