ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان القاضي صقر صقر امس، في حادث التفجير الغامض الاهداف الذي وقع اول من امس في موقف للسيارات في منطقة جل الديب - انطلياس، «على مجهولين وكل من يظهره التحقيق بالاشتراك مع القتيلين حسان نصار وإحسان ضيا على تجهيز عبوة وتفجيرها ما ادى الى مقتلهما وجرح آخرين وإحداث اضرار عادية وتخريب في السيارات». واستند القاضي صقر في ادعائه الى «المادتين 5 و6 من قانون الارهاب والمادتين 335 و549 / 201 من قانون العقوبات». وأحال الادعاء على قاضي التحقيق العسكري المناوب مارون زخور. وجاء في الادعاء ان «مجهولين بالاشتراك مع القتيلين وكل من يظهره التحقيق شكلوا عصابة مسلحة بهدف القيام بأعمال ارهابية والقيام بها من خلال حصول التفجير ومحاولتهما قتل آخرين». ومواد الادعاء التي تصل عقوبتها الى عقوبة الاعدام، تدحض، وفق متابعين قانونيين» ما نقل عن الحادث وملابساته لجهة وجود خلاف مالي بين القتيلين. وأوضحت مصادر قضائية ان «التحقيق توصل الى معلومات تفيد بأن القتيلين ارادا من خلال العبوة تفجيرها وعمدا الى نقلها الى المكان حيث انفجرت بهما». وأشارت الى ان المحققين «لا يزالون يجمعون المعطيات من خلال تحليل حركة الاتصالات الهاتفية للقتيلين، اذ ان مقتلهما ادى الى طمس معرفة حقيقة ملابسات الحادث». وكان وزير الداخلية مروان شربل ابلغ مجلس الوزراء في جلسته اول من امس، انه «تبين ان الانفجار نتيجة لخلاف مادي وشخصي بين اشخاص عدة بعضهم من تجار السيارات ذهب ضحيته اثنان منهم اثناء سحب الصاعق المربوط بالقنبلة اليدوية التي كانت في حوزة احدى الضحايا والبالغ وزنها 150 غراماً». وقال للوزراء ان «التحقيق ما زال جارياً لغاية الساعة ولم يتبين ان هناك أي شخصية سياسية او ادارية قد تكون مستهدفة في الحادث لوجودها في مكان الحادث». وعاد شربل وأوضح صباح امس لإذاعة «صوت لبنان»، ان «الرواية الرسمية التي تبناها مجلس الوزراء عن انفجار أنطلياس هي حصيلة الرؤية الأولية لمجريات التحقيق»، وشدد على ان هذه «المعطيات قابلة للتعديل والتغيير في ضوء التحقيق المستمر»، لكنه جزم في الوقت نفسه ب «أن تسعين في المئة من المعطيات تشير الى أن السبب خلافات مادية شخصية بين تجار للسيارات». وقال: «هناك شاهد على وجود خلاف شخصي بين الشابين اللذين قتلا، وهو مقيم في المانيا صدف وجوده في لبنان وفي رأيي ان الجانبين ربما حاولا زرع القنبلة لشخص ثالث يريدان منه مبلغاً من المال». ورأت مصادر امنية مواكبة للتحقيق ان الوزير شربل «استبق التحقيق في العرض والاستنتاج الذي توصل اليه في خصوص الحادث، ولم ينتظر الادلة الجنائية ولا نتيجة مسح مسرح الجريمة»، وسألت: «الى ماذا استند الوزير شربل في قوله ان خلافاً مالياً حصل؟ علماً ان هذه المعلومات جرى تداولها في بعض وسائل الإعلام قبل تصريحه، والى ماذا استند في القول انها قنبلة؟ علماً انه وجدت في مسرح الجريمة كرات حديدية؟ ولماذا لم يصدر اي بيان رسمي عن الحادث كي يستند اليه شربل في موقفه؟». ردود فعل وكان غموض الحادث استقطب المزيد من ردود الفعل، ولا سيما من جانب المعارضة، وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت لموقع «القوات اللبنانية» الالكتروني: «مجرد حصول الانفجار في منطقة انطلياس دليل على ان هناك سهولة بين الناس لاستخدام السلاح»، لافتاً الى «ان التقارير الرسمية وكلام وزير الداخلية في شرح ملابسات الانفجار غير مقنعة بتاتاً». وسأل: «كيف علموا ان الإشكال فردي في وقت توفي الشخصان المعنيان به؟ ولم وقع هذا الخلاف في منطقة بعيدة جداً عن عناوين سكن هذين الشخصين؟». واعتبر عضو الكتلة نفسها النائب نبيل دو فريج، في حديث الى «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، ان «الرواية الرسمية لتفجير انطلياس غير مقنعة». وقال دو فريج: «انا كنت من الأشخاص الذين انتابهم الخوف أمس من عودة حقبة التفجيرات التي مر بها لبنان أخيراً، ولكن لا يمكن التكهن بشيء قبل الانتهاء من التحقيقات». وأضاف: «فوجئت عندما رأيت ان اول تعليق وأول تفسير عن انفجار انطلياس بثته قناة «المنار»، وأن الانفجار ناجم عن خلاف شخصي على اموال بين شخصين ادى الى مقتل احدهما وكان الثاني لم يتوف بعد، ثم بعد مرور ساعة او ساعتين سمعنا من السلطات الرسمية الكلام عينه الذي قالته «المنار» وهذا امر لافت». واستغربت الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» الأسلوب «الذي تتعامل به الحكومة مع الجرائم المتنقلة، من انفجار إنطلياس مروراً بانفجار الرويس في الضاحية الجنوبية، تارة بكلام عن انفجار قارورة غاز وتارة بخلاف مالي بين شخصين». وقالت في بيان: «جاء ادعاء القاضي صقر ليدحض الرواية الرسمية التي طلعت بها الحكومة على اللبنانيين عن خلاف مالي بين شخصين استخدمت فيه قنبلة يدوية، وليظهر تعمد الحكومة تحوير الحقائق بما يؤدي إلى إخفائها». وطالبت الحكومة «بوقف سياسة تغطية الجهات التي تقف وراء المجرمين وعمليات الاعتداء والتفجير التي تستهدف اللبنانيين بأرواحهم، والمبادرة فوراً إلى اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لمحاسبة المسؤولين السياسيين عن تحوير الحقائق وإخفائها، ومصارحة الرأي العام بحقيقة الأمور، واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية والأمنية اللازمة لحفظ حقوق الناس، ومنع السلاح من التحكم في حياة اللبنانيين، ووقف مفاعيله الترهيبية في المجالات السياسية والاقتصادية والمعيشية كافة». وأسفت «لمستوى التعاطي المتواضع للمجلس الأعلى للدفاع مع التطورات الأمنية المتلاحقة، إذ تحدث في بيانه عن حماية تنقلات يونيفيل، في حين أنها جاءت إلى لبنان لمساعدة الجيش اللبناني في بسط سيادة الدولة على كل أراضيها. كما تحدث عن التنسيق بين الأجهزة الأمنية كأنه غير قائم في ما بينها، وكذلك عن قرارات اتخذها بدل أن يطمئن اللبنانيين إلى امنهم واستقرارهم بقرارات معلنة وصارمة». ورأت حركة «التجدد الديموقراطي» في بيان، ان «الانفجار يستوجب استنكاراً مزدوجاً: أولاً، استنكار العمل التخريبي الذي يعيد إلى الأذهان مسلسل التفجيرات الإرهابية التي هزت لبنان في مراحل عدة، ابرزها بين سنتي 2004 و2005. واستنكار تسرع السلطات الرسمية في تبني رواية عن التفجير تفتقر إلى أي من عناصر الإقناع والمنطق، وتزيد من قلق المواطنين ومخاوفهم بدلاً من طمأنتهم». «استسهال اللجوء الى السلاح» وسألت في بيان: «لماذا يستسهل بعضهم في لبنان اللجوء الى السلاح والمتفجرات، سواء لحل خلاف شخصي او مالي مزعوم ام للاعتداء على قوات «يونيفيل» وخطف الرعايا الاجانب، وما بينهما من حوادث واعتداءات مسلحة متفاوتة الاهمية تقع بوتيرة شبه يومية؟». وأكدت انه «إضافة إلى القتيلين اللذين سقطا في انطلياس، أصيبت الدولة وهيبتها وصدقيتها بشظايا عميقة كان يمكن تفادي بعضها لو امتنعت وزارة الداخلية ومن بعدها مجلس الوزراء عن التسرع في إضفاء الصفة الشخصية على الحادثة ريثما يستكمل التحقيق الجدي». ودان «حزب الوطنيين الأحرار» في بيان «محاولة التفجير التي كلفت القائمين بها المعروفين حياتهما، وننتظر من الأجهزة الأمنية والقضائية تحقيقاً شفافاً ونتيجة واضحة، خصوصاً أن الحادثة تزامنت مع تطور لافت على صعيد المحكمة الدولية تمثل بتبليغ الشهداء الأحياء معلومات عن ترابط بين قضية الوزيرين الياس المر ومروان حماده واغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ناهيك بتوالي الأعمال الإرهابية والاعتداءات من خطف وتعد على الملكية الخاصة، إلى استهداف ال «يونيفيل» وغيرها، ما ينبئ بتصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية لضرب الأمن والاستقرار وحرف الأنظار عن الأحداث الإقليمية». وقال «حزب الكتلة الوطنية» في بيان، ان «الرواية الرسمية للانفجار لم تقنع احداً، لأنها لم تعتمد اي معلومات تقنية او دلائل ملموسة، فوزير الاعلام اطل علينا بعد جلسة مجلس الوزراء وبدا وكأنه مذيع في محطة المنار ينقل بصورة شبه حرفية رواية «حزب الله» للحدث. إن اخذ الامور في انفجار انطلياس في هذا الاتجاه وبهذه السرعة يفقد الدولة صدقيتها، فالتحقيقات والادلة هي وحدها التي يجب الاستماع اليها». وكان «تيار المستقبل» استنكر في بيان ليل اول من امس، الانفجار «وما روّجت بعض وسائل الإعلام من انه جاء في سياق خلاف مالي بين القتيلين». واعتبر ان الحادث «يعيد إلى الواجهة مسألة انتشار السلاح في أيدي المواطنين، خصوصاً بعد الانفجار الذي حصل في منطقة الرويس وبقي مجهولاً، فضلاً عن حادثة اختطاف المواطنين الاستونيين». وشدد على ضرورة «كشف كل تفاصيل الجريمة من دون خوف من السلاح غير الشرعي وأربابه، لأنه لا يمكن اللبنانيين أن يصبحوا طرائد صيد».