فيما انشغل المحللون الحزبيون والسياسيون الإسرائيليون في صحف نهاية الأسبوع أمس، بقراءة انعكاسات انتخاب رؤوفين ريفلين «رئيساً للدولة» رغماً عن زعيم حزبه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، على مكانة الأخير داخل حزبه وفي ائتلافه الحكومي المهزوز أصلاً بعد التصريحات المتباينة التي أطلقها أقطاب الأحزاب التي تشكل الائتلاف في شأن العملية السياسية مع الفلسطينيين، انفردت صحيفة «معاريف» بالنشر أمس أن نتانياهو أصدر تعليمات مباشرة إلى ناشطي حزبه «ليكود» ببدء الاستعدادات لاحتمال تبكير موعد الانتخابات العامة أواخر العام، متوقعاً أزمات داخل حكومته على خلفية تعثر العملية السلمية وبحث الموازنة العامة. وعلى رغم أن مكتب رئيس الحكومة نفى قطعاً الخبر، إلا أن الصحيفة نقلت عن ناشطين تلقوا اتصالاً مباشراً من مكتب رئيس الحكومة قولهم إن التعليمات قضت بأنه يجب الاستعداد جيداً لاحتمال تبكير موعد الانتخابات، وأن نتانياهو يطلب ترتيب زيارات ميدانية له في فروع «ليكود» لتعزيز مكانته زعيماً للحزب. وأضاف أحدهم أنه فضلاً عن الانقسام داخل «ليكود» والائتلاف الحكومي في مسألة دعم المرشح لمنصب «رئيس الدولة»، فإن الشعور السائد في الحزب هو أن التعايش بين مركبات الائتلاف المختلفة التي تجمع بين أشد الأحزاب تطرفاً (البيت اليهودي) وبين حزبين وسطيين («يش عتيد» و «الحركة») لن يدوم طويلاً. ويشير مراقبون إلى أن ثمة أزمة ثقة مفاجئة اندلعت أخيراً بين نتانياهو وشريكه الأبرز في الائتلاف الحكومي زعيم حزب «يش عتيد» الوسطي وزير المال يئير لبيد، بعد أن أعلن الأخير خطته السياسية لحل الصراع مع الفلسطينيين التي تضمنت أساساً مطلب ترسيم حدود نهائية للدولة العبرية والانفصال عن الفلسطينيين، منتقداً رئيس حكومته على افتعال أزمة مع الولاياتالمتحدة، فرد عليه نتانياهو متهكماً بأنه تنقصه الخبرة في الشؤون الأمنية والسياسية، وردت أوساط لبيد باللغة ذاتها وقالت: «إننا نرى اليوم إلى أين تأخذنا خبرة نتانياهو». وعزا مراقبون هذا الخلاف إلى النشر الأخير عن مخططات بناء في المستوطنات من دون إعلام لبيد بها، ما اعتبره الأخير خرقاً لتعهد نتانياهو أمامه بتبليغه أي مخططات جديدة قبل النشر عنها. من جهتها، اتهمت أوساط نتانياهو الوزير لبيد بالتنسيق مع زعيمة «الحركة»، وزيرة القضاء، مسؤولة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني التي تعتبر أكثر الوزراء اعتدالاً في حكومة نتانياهو. ليفني تلتقي المالكي إلى ذلك، يرى نتانياهو أن ليفني قد تترك الائتلاف الحكومي في الخريف المقبل بحجة عدم التقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين، وهي التي ترفض الانصياع لقرار حكومتها عدم التعاطي مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، ولم تتردد في لقاء الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في لندن قبل أسبوعين على رغم احتجاجات وزراء اليمين في الحكومة، والتقت قبل يومين وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي على هامش مؤتمر دولي عقد في لندن أول من أمس. ويعتبر قريبون من رئيس الحكومة هذيْن الاجتماعين رسالة تحدٍّ من ليفني، مشيرين إلى التقارب الحاصل بينها وبين حزب «العمل» المعارض في قضية انتخاب «رئيس الدولة»، وسط أنباء عن اقتراح من زعيم «العمل» إسحق هرتسوغ لليفني باندماج حزبها (الحركة) في «العمل»، والسعي إلى إقناع لبيد بالانسحاب من الحكومة وطرح بديل للناخب الإسرائيلي بقيادة معسكر الوسط. في السياق ذاته، يأخذ نتانياهو في حساباته احتمال أن ينافسه على زعامة «ليكود» أكثر الوزراء شعبية داخل صفوف الحزب، وزير الداخلية جدعون ساعَر، الذي سجل هذا الأسبوع نقاطاً إضافية في أعقاب الجهود التي بذلها لانتخاب ريفلين لمنصب «رئيس الدولة». وقد تكون في حسابات نتانياهو أن ساعَر ليس جاهزاً بعد لمنافسته، والأجدر أن يبكّر الانتخابات لقطع الطريق على ساعر قبل أن يعزز هذا نفوذه اكثر ويكون نداً قوياً له. وكتب أحد المعلقين في الشؤون الحزبية أن ساعَر لم يقرر بعد إذا ما حان الوقت لمنافسة نتانياهو، «لكن تحديه نتانياهو ونجاحه في تنصيب ريفلين يحمل رسالة لرئيس الحكومة تقول إنه لم يعد يخشى منافسة مَن كان حتى الأمس القريب الحاكم بأمره في حزبه (نتانياهو).