واشنطن - أ ف ب، رويترز - تجتمع اليوم «لجنة السوق المفتوحة الفيديرالية»، التابعة ل «مجلس الاحتياط الفيديرالي» (المصرف المركزي) الأميركي، وسط ترقب المستثمرين الذين ينتظرون منها إجراءات تريح الاقتصاد الأكبر عالمياً، بعد سلسلة من النكسات التي لحقت به. وستكون المهمة في غاية الصعوبة والدقة بالنسبة للمصرف المركزي الأميركي، إذ أنه مُطالب برفع معنويات المستثمرين والمقاولين واختيار صيغ مقبولة لدى رافضي التضخم. وتزداد هذه المهمة صعوبة بعد قرار وكالة «ستاندارد آند بورز» خفض تصنيف الولاياتالمتحدة الائتماني. وأصدر قادة الاحتياط الفيديرالي في تصريحاتهم النادرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، إشارات توحي ب «الإبقاء على السياسة المالية الحالية بعد الاجتماع اليوم، مع إبقاء معدلات الفائدة الرئيسة قريبة من الصفر، وعلى الدعم الثابت للاقتصاد بالسيولة». وكان رئيس الاحتياط الفيديرالي في ولاية أتلانتا (جنوب شرقي البلاد) دينيس لوكهارت الذي يصنّف في وسط «لجنة السوق المفتوحة» المكلفة تحديد السياسات المالية للبلاد، قال ملخصاً الوضع في نهاية تموز (يوليو): «انتظروا ترَوا». وامتنع رئيس «المركزي» بن برنانكي عن الإدلاء بأي تصريح منذ منتصف تموز، بعد أن أبدى استعداده للتحرّك سواء حيال تدهور الوضع أو حيال أي توجّه تضخّمي، مؤكداً للبرلمانيين: «علينا التصدي لأي احتمال، لا نعرف الاتجاه الذي سيسلكه الاقتصاد الأميركي». وتبيّن منذ ذلك الحين أنه أضعف مما كان يعتقد. وأصدرت الحكومة في نهاية تموز أرقاماً جديدة أظهرت أن النمو تراجع خلال النصف الأول من السنة الى ما دون واحد في المئة، مقارنة بالعام الماضي، ما أكدته أرقام النشاط الاقتصادي في تموز بشكل إجمالي. ولم يستبعد المستشار الاقتصادي لدى شركة «هاميلتون بلايس ستراتيجيز» طوني فراتو، على ضوء توارد مؤشرات اقتصادية ضعيفة في شكل متواصل، أن تدرس «لجنة السوق المفتوحة» على الأقل دورة جديدة من التيسير الكمي، ما يعني ضخ سيولة مجدداً في النظام المالي. ويذكر أن فحوى هذا النوع من المناقشات لا تدرج عادة في البيان الختامي للاجتماعات، كما يستبعد أن ينقل البيان المناقشات التي ستجرى في شأن تبعات خفض التصنيف الائتماني الأميركي. ويعارض اثنان من أعضاء اللجنة العشرين علناً، فكرة اتخاذ إجراءات جديدة لتحريك الوضع المالي، وهما ريتشارد فيشر (دالاس) وتشارلز بلوسر (فيلادلفيا)، ويعلن عضو ثالث هو نارايانا كوشرلاكوتا (مينيابوليس) أن أولويته تبقى التضخم. ويعزز موقف هؤلاء، الأرقام التي أشارت الى تراجع البطالة في تموز الى 9,1 في المئة، في حين تتراوح تقديرات التضخم بين 2,6 في المئة، إذا أدرجت فيها الطاقة والمواد الغذائية، ما يجعله يفوق أهداف الاحتياط الفيديرالي، و1,3 في المئة إذا استثني هذان البندان منه، ما يجعله منطقياً أكثر. وزير الخزانة وأكد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في تصريح الى شبكة «سي أن بي سي» التلفزيونية، أن الاقتصاد الأميركي يبقى «قوياً ومنيعاً»، مشدداً على أن صدقية الولاياتالمتحدة المالية لم تتأثر بخفض علامتها الائتمانية. وتابع: «ليس هناك أي خطر من أن تتخلف الولاياتالمتحدة يوماً عن تسديد مستحقاتها، نواجه بعض التحديات لكننا سنتمكن من أن نتخطى هذا الأمر». وكان البيت الأبيض أعلن أن غايتنر سيبقى في منصبه وزيراً للخزانة، على رغم دعوة بعض الجمهوريين الى استقالته بعد خفض تصنيف الولاياتالمتحدة. واحتج غايتنر على تركيز الوكالة في تبرير قرارها، على الخلافات السياسية بين الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن في شأن السياسة الضريبية، وقال: «نحن بلد قوي جداً ولدي ثقة هائلة بقدرة الاقتصاد والشعب الأميركي على الانبعاث». وأقر بتباطؤ النمو الاقتصادي ما يطرح تحديات على الولاياتالمتحدة وأوروبا، أوضح أنها أثارت «تساؤلات لدى الناس». وقال: «أعتقد أننا سنرى أوروبا تتخذ موقفاً وتقوم بالخطوات الضرورية للمساعدة على دعم الدول الأوروبية التي تواجه أكبر قدر من الضغوط». كما أن بقاء غايتنر في منصبه يشكل عامل استقرار للاقتصاد الأميركي، في وقت تخيّم أجواء القلق على أسواق المال، وفي طليعتها «وول ستريت». يذكر أن النواب الديموقراطيين والجمهوريين تبادلوا أول من أمس الاتهامات حول المسؤولية عن خفض وكالة «ستاندارد آند بورز» تصنيف الولاياتالمتحدة المالي، متجاهلين الدعوة الى الوحدة التي أطلقها البيت الأبيض في اليوم السابق. واعتبر السيناتور جون كيري المرشح الديموقراطي السابق الى البيت الأبيض في برنامج «ميت ذا برس» الذي تبثه شبكة «أن بي سي»، أن «الخفض نجم عن محاولات عدد من الجمهوريين العرقلة في أثناء النقاش حول رفع سقف الدين». وأوضح أنه أيضاً مِن فِعل «حزب الشاي» المحافظ المتشدد. وتابع: «ما نحتاجه هنا في واشنطن هو وقف صراعاتنا» . لكن الرد أتى فوراً من المنبر نفسه من السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي يعتبر من المعتدلين وكان أيضاً مرشحاً للرئاسة، إذ استهدف الرئيس الأميركي باراك أوباما واتهمه ب «الفشل في وضع سياسة اقتصادية قادرة على احتواء الدين والعجز». وقال: «أوافق على أن نظامنا يعاني من الخلل، لكن ذلك ناجم الى حد كبير عن فشل الرئيس في قيادة البلاد». ودافع ماكين عن وكالة التصنيف أمام اتهامات إدارة أوباما. وتساءل: «هل يظن أحد فعلاً أن الوكالة أخطأت في تقويمها لوضع الموازنة في هذا البلد»؟ واعتبر المستشار الاقتصادي السابق لأوباما لورنس سامرز أن من «غير المجدي» التهجّم على وكالة التصنيف، وأوضح أن خفض التصنيف يفاقم «خطر الانكماش». وتابع عبر قناة «سي أن أن» التلفزيونية: «الأجدى التركيز على ما يمكننا فعله للمضي قدماً».