مع قدوم شهر رمضان المبارك، عادت مجموعة من الهواجس الصحية إلى واجهة الاهتمام العام، ومنها مسألة صوم المرضى المصابين بالسكري. ولهذه المسألة أوجه عدّة، منها تحديد فئات مرضى السكري (خصوصاً النوع الثاني المُسمى «سكري البالغين» Maturity Onset Diabete) التي يمكنها ممارسة فريضة الصيام، وطُرُق صوم هذه الفئة ونوعية الأدوية التي تعتبر مأمونة أكثر من غيرها خلال الصوم، إضافة إلى تنبيه فئات مرضى «سكري البالغين» ممن لا تسمح حالهم بالصوم بسبب الأخطار الصحية المترتبة على ذلك. في هذا السياق، شهد لبنان حملة توعية حول علاقة الصوم بمرضى السكري، دعمتها شركة «أم أس دي» MSD العالمية. ولفتت الحملة إلى بحوث حديثة بيّنت أن ما يزيد على 50 مليون مصاب بالسكري يدأبون على الصوم خلال شهر رمضان، على رغم نصائح مختصي الرعاية الصحية لهم بالإفطار. ويشكّل هؤلاء قرابة 79 في المئة من المسلمين المصابين بالنوع الثاني من السكري، ما يجعل هذه الأرقام مثاراً لقلق القطاع الصحي. ووزعت هذه الحملة نشرة إعلامية عنوانها «حقائق حول الصوم في شهر رمضان»، تضمّنت مجموعة من النصائح والإرشادات للأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري. واستندت هذه النشرة إلى ورقة صدرت أخيراً عن «الجمعية الأميركية للسكري» بعنوان «توصيات للتعامل مع السكري خلال شهر رمضان»، إضافة إلى مجموعة من البحوث العلمية الموثّقة عن هذا الموضوع الشائك. وإذ يختار مصابو السكري الصوم، فإنهم يمتنعون بداهة عن تناول العقاقير التي تؤخذ عبر الفم من الفجر وحتى الغروب. ويعتبر هذا الأمر من عوامل الخطر المعروفة بالنسبة إلى مصابي النوع الثاني من السكري، لأنه يتسبّب في حدوث نقص في مستوى السكر في الدم من شأنه أن يؤدي إلى مضاعفات طبية خطيرة، وضمنها فقدان الوعي وحدوث تشنجات عضلية، ونقص تغذية الدماغ بالسكر وغيرها. وأشارت شركة «أم أس دي» إلى أنها أطلقت أخيراً دواءً يستطيع أن يقلّل من حدوث هذا النقص في مستوى السكر لدى الصائمين، بمعدل يفوق 49 في المئة الأنواع الأخرى من أدوية السكري التي تؤخذ من طريق الفم. وفي هذا الاطار، لاحظ البروفسور إبراهيم السلطي رئيس قسم الغدد الصمّ والسكري في «المركز الطبي» ل «مستشفى الجامعة الأميركية» في بيروت، أن الصوم يحمل أخطار صحية كبيرة بالنسبة إلى المصابين بالسكري، وعلى رغم ذلك يصوم عدد كبير منهم من دون استشارة الطبيب، ما قد يؤدي إلى إصابتهم بمضاعفات حادة. وشدّد السلطي على ضرورة أن يناقش مختصّو الرعاية الصحية مسألة الصوم والنظام الغذائي خلال الشهر الكريم، مع مرضى النوع الثاني من السكري بصورة مستمرة. وأضاف السلطي: «أحض مختصّي الرعاية الصحية على إجراء تقويم طبي لمرضاهم المصابين بالسكري الذين ينوون الصوم قبل رمضان بشهر واحد أو شهرين، بهدف مناقشة أية تعديلات ضرورية في نمط حياتهم أو تغييرات في أنظمة العلاج». وحملت نشرة «حقائق حول الصوم في شهر رمضان» معلومات عن الأخطار المترتبة على الصوم لدى المرضى المصابين بالنوع الثاني من السكري، وأهمية استشارة مختصي الرعاية الصحية قبل الصوم. وخلال الحملة المشار إليها آنفاً، جرى توزيع هذه النشرة مرفقة بأدوات مفيدة كجهاز تتبع نسبة السكر في الدم، الذي يساعد الصائمين في تسجيل مستويات السكر في الدم خلال رمضان، إضافة إلى رزنامة لرمضان تظهر طُرُقاً لتنظيم تناول الطعام وأوقات الدواء يومياً. وأخيراً، شملت هذه الحملة أيضاً تذكيراً بإطلاق حملة وطنية للتوعية ضد السكري خلال شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (اكتوبر) 2011 تتضمن زيارات عيادة نقالة عدداً من المدن اللبنانية الرئيسة، كي تقدم للجمهور فحوصاً للسكري واستشارات مجانية على أيدي مجموعة من المختصّين بهذا المرض.