بدأت تاريخها العملي مبكراً قبل 30 عاماً وأكثر، بتزيين العرائس في مدينتها «الخبر» شرق المملكة، وبإصرار وجهاد تمكنت من الدخول في خضم التجارة والصناعة و«الماركات» حتى انتزعت لنفسها مكانة خاصة، وغدت المصممة فوزية النافع اسماً خليجياً ارتبط ب«الأزياء». إلا أنها على رغم ذلك ظلت لا تفرط في النهل من معين رمضان والاستسلام لفتنته كلما هبت نسائمه. فيما يأتي نص الحوار. ما دور أزياء المسلسلات الرمضانية في التأثير على أزياء الخليج بشكل عام؟ - هذه مهزلة غير مقبولة، فما يطرح في المسلسلات الخليجية من أزياء هدفها الرئيسي تشويه الذوق العام الخليجي، وخصوصاً في شهر رمضان، وأعتقد أن هناك أيدٍ خارجية هدفها هدم القيم الخليجية من خلال هذه الصور المشوهة والمشبوهة. الأمر لا يتعدى كونه خزياً لا يغتفر، إذ تتعمد هذه المسلسلات وخصوصاً في هذا الشهر الذي يسجل أعلى نسبة مشاهدة على مستوى إنتاج العام التلفزيوني، ويحمل خصوصية دينية واجتماعية كبيرة، أن تطرح مثل هذه الأزياء المبتذلة، والمبالغ فيها، والبعيدة كل البعد عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ولا تعكس الواقع الحقيقي لما نتمتع به من خط أزياء خاص بنا. إذا كان هذا ما يمثل الواقع فما هو الحل الأنسب من وجهة نظرك؟ - الحل هو أن تستفيد مسلسلاتنا الخليجية من المسلسلات الأجنبية التي تتمتع بقدر كبير من الواقعية التي نفتقدها، فالأزياء في تلك الإنتاجات تخدم المشاهد بشكل كبير وتضفي واقعية أكبر، ولا تشوه النسق الدرامي، ولابد أن يكون لكل عمل مصمم خاص على دراية كاملة بالمجتمع الخليجي، وأنا أتحدى أي أحد أن يرتدي ملابس أفضل منا، وأنا الآن لا أستطيع أن أشاهد هذه المسلسلات لأنها تصيبني بغضب شديد، واشمئزاز أكبر. ثمة نجم ما يؤثر في ذاكرة كل منا بفنه وأزيائه .. بمن تأثرتِ؟ - كنت أعشق أداء الفنانتين حياة الفهد وسعاد عبدالله، وخصوصاً في مسلسلاتهما القديمة، أما الآن فأداؤهما تأثر بسبب الأشخاص الذين يحيطون بهما ويختارون لهما أزياءهما، هذه الأزياء شوهت مناسبة رمضان وكل الخوف أن يتأثر بها الذوق العام وهذه مصيبة كبيرة. يجب دراسة السيناريو بدقة عالية فمسلسلاتنا ومع الأسف زيف في زيف، والمفروض أن تطورنا أكثر، لا أن تحط بأذواقنا هكذا. هل تتذكرين أول يوم صمت فيه؟ - كنت طفلة لم أتجاوز الثامنة من عمري، وبتشجيع من إخوتي الخمسة كان أول يوم صوم لي، وحينها كنت في مصر أدرس المرحلة الابتدائية، وأتذكر أنه كان في العام 1959، وبسبب عدم وجود مدارس للبنات في الوطن اضطر والدي لأن يرسلني للدراسة في مصر، التي احتضنت أول أيام صيامي وكنت طفلة صغيرة في ذلك الوقت، وبصدق لا يستطيع أي شخص أن يقضي أيام هذا الشهر الفضيل بعيداً عن وطنه وذلك للطقوس الاجتماعية الخاصة به. ماذا تتذكرين من أيام صيامك الأولى، التي بدأت في مصر؟ - حين تصلنا الحلويات من الأهل، كنا نجتمع ونضحك، لكن مع ذلك كنا نصاب بألم نفسي حاد فيبدأ البكاء حين تأتي ذكريات رمضان مع الأهل، والأطباق الشعبية التي لازلنا نتناولها إلى اليوم، وكانت تحمل نَفَس الأم وحنانها وعطفها. كيف كانت البداية في عالم الأزياء والموضة؟ - عدت من مصر وأنا فتاة لم أتجاوز 12 من عمري ، وبدأت بتزيين العرائس في منزلي في حي الخبر الشمالية، إذ سجل الشارع رقم 16 أول أيام عملي ضمن الأزياء والموضة، وأبهرت كطفلة، كنت أقف على كرسي لأصل إلى وجه العروس وشعرها، نساء ذلك الحي والأحياء المجاورة. تعلمت التزيين من مصر إذ كانت الفتيات من حولي مهتمات وبشدة بالموضة والمكياج والتزيين ما جعلني أتابعهن وبشغف لأبدأ عملي الحقيقي في ذلك الوقت. هل تجدين هناك فرقاً بين رمضان الأمس واليوم؟ - حين بلغت 22 من عمري، صادف رمضان مرور موجة حر قاتلة، وقتها كنت أعمل مديرة مدرسة وكانت الرطوبة في مدينة الخبر وصلت لأعلى مستوياتها، ومنزلنا لا يوجد فيه سوى جهاز تكييف واحد فقط، والصيام معاناة كبيرة، أما الآن فالوضع تغير فلا نشعر بأية معاناة على الإطلاق، ورمضان الماضي ذو نكهة خاصة، إذ لا أزال أسمع أغانينا القديمة التي كنا نرددها في تلك الأيام، وكان أجمل ذكرى حين كنا صغاراً ويسمح لنا بالسهر لساعات الصباح المتأخرة، وكان مجتمعنا متفتحاً جداً ليس هناك فرق بين ولد وبنت، بل كنا نلعب سوية ونسهر سوية ونأكل مع بعضنا البعض، من دون خوف أو قلق. هل قدمتِ عروضاً خاصة برمضان؟ -نعم .. أطلقت أولى عروض أزيائي في رمضان في مدينة جدة، وخصص لعرض الجلابيات الخليجية، وحوى 60 قطعة أبهرت الجمهور. لماذا الجلابيات، ولم تكن أزياء أخرى؟ - تُقتنى الجلابيات في دول الخليج خصوصاً مع هذا الشهر الكريم، ولا أدري ما السبب، لكن ارتباط هذا اللباس النسائي الخاص برمضان يثير الكثير من التساؤلات التي تحتاج للإجابة، وبلدنا متميزة بالجلابيات، لذا حرصت على إقامة ذلك العرض الذي لا زلت أذكر تفاصيله. من أين كنت تستقين أفكار عروض أزيائك؟ - رجعت لأمهات الكتب لتقصي تاريخ اللباس القديم، لكنني لم أجد ما كنت أبحث عنه، فليس لدينا المراجع الكافية، إذ لا نحاول على الإطلاق نشر الكتب والدراسات المتعلقة بالأزياء القديمة، والغريب أن الكُتاب الأجانب أسهبوا في الحديث عن أزيائنا أكثر منا، وأنا عندي كتاب يزن 10 كيلو غرام يتحدث عن تطور الأزياء منذ أن عُرفت إلى الآن. لماذا لا نجد إسهامات على أرض الواقع من سيدات الأعمال لخلق نشاطات وأمسيات بخاصة في رمضان؟ - لسنا نحن من نسأل عن ذلك، بل الروتين الممل في الحصول على تراخيص لتنظيم نشاطات واحتفالات تقوم بها سيدات الأعمال في رمضان، ومنها الموائد العامة، والاحتفالات التي تقوم على جمع التبرعات للجمعيات الخيرية والمستشفيات، وليس لسيدات الأعمال فقط، بل حتى رجال الأعمال، ولا أدري ما السبب؟ فمجتمعنا لا يزال لا يثق بالمرأة، وأنا أول امرأة في لجنة الصناعيين في المملكة. هل واجهت صعوبات وأنتِ تزاحمين الرجال ضمن هذه اللجان؟ - كان الجميع يشعر أنني نقطة سوداء، لكنني فرضت احترامي وغيرت مفاهيم كثيرة، وأصبح هناك تقبل لي، وأنا أحمل عضوية منتدى سيدات الأعمال، وكنا حريصون على إقامة أنشطة كثيرة لجمع التبرعات، لكن واجهتنا أسئلة كثيرة وعراقيل أكثر، ونحن دائماً ما نصدم بسؤال، ما هي صفتكم الرسمية، لكنني متفائلة بتغير الوضع.