قالت سيدة سبعينية ذات مرة: «الحكايات جزء من الواقع، وعلى من لا يصدقها أن يجربها». كانت سعادتها لا تفسر، فهي حبلى، لكن سعادة إضافية كانت تشع من عينيها، لأنها حبلى في الشهر المبارك. قصتها مع «اليتيمات السبع» وما غيرته في حياتها وحياة من عاش في بطنها تسعة أشهر. من بيت مجاور بدأت القصة قبل أربع سنوات، بيت تسكنه سبع شقيقات أعمارهن في سن المراهقة. زارتهن جارتهن الحبلى مرة، كان ذكر الله يفور في كل اتجاه، وعلى كل الألسنة في المنزل الذي يفتقد أماً وأباً. تروي السيدة الحبلى حكاية اليتيمات السبع: «إن بيتاً يسكنه الهدوء بجوار منزلها، تعيش فيه سبع مراهقات يتيمات، لا يكاد يصمت من ذكر الله. زرتهن قبل أربع سنوات في شهر رمضان». ما وجدته الجارة كان لافتاً، «وجدت في داخل كل واحدةٍ منهن أماً فسألتهن السبب. كان نور ما يشع من وجوههن، فتساءلت بيني وبين نفسي عما أراه، ولم أستطع أن أكتم السؤال، فسألتهن عن السر». أجابتها الشقيقة الصغرى أن والدتها التي توفيت قبل ستة أعوام أخبرتها أنها علمت بحملها بي في شهر رمضان. لم يكن ليسقط القرآن من بين راحتيها حباً وعشقاً. وتضيف: «دعت والدتي أن يتنور قلبي بحب تلاوة القرآن عشقاً وشوقاً»، وتابعت: «حين كبرت بدأ ما صنعته أمي يثمر في قلبي ووجدت نفسي ألوذ بقراءة القرآن من كل هم، حباً في قراءة كلمات لا أجدها في سطور أعظم كتاب الدنيا». بعد رحيل أمها، كانت الشقيقة الصغرى الأقل تأثراً برحيلها «على رغم كوني الأصغر والأكثر حاجة لقربها، لكن أخواتي الست كن يستغربن الأمر أيضاً، فكشفت لهن السر»، فهي تقرأ القرآن لأمها وتهبها مما غرست في قلبها «فأجدها بقربي دائماً في كل كبيرةٍ وصغيرة». الأخت الكبرى واسمها معصومة، شابة، ألهتها مشاغل الحياة والعمل، تقول: «كنت مشغولة بعملي وحياتي، لكنني كنت استغرب اللذة التي تمارسها شقيقتي الصغرى، فهي الأكثر حكمة بيننا». كانت الشقيقة الكبرى تسأل الصغرى في أحيان كثيرة عن مورد العلم الذي تتحدث به، «كانت دائماً تفاجئني، فأسألها: من أين لك العلم؟ فكانت تشير إلى كتاب الله قائلة: علمي من الله، فأنا قريبة منه، أدعوه فيستجيب لي». وتحكي شقيقتهن الوسطى منى سبب شوقها إلى رمضان «الشوق يزرعه العمل والخبرة، إنك لن تشعر بمحبة الله إلا حين تكون قريباً منه»، موضحة أن ما دعاها لمشاركة شقيقتيها في هذا العمل، الضيق النفسي، ويتمي اللذان كانا يغبشان بصيرة قلبي، فقررت أن أسمع نصيحة شقيقتي الصغرى، لأني وجدت أن ثمرة ما تمارسه لا يموت أبداً. إنه عمار للنفس وقوة لا يمكن تصورها». توصلت الجارة الحبلى وهي تخرج من منزل اليتيمات السبع إلى نتيجة مفادها أن القرآن تربية تفوق أحدث أساليب التربية حداثة. وكم سعدت بأنها حبلى في شهر رمضان المبارك. وأضافت: «الآن صار عمر طفلي ثلاث سنوات، وأجد حلمي يتحقق، فهو يحفظ ما أمليه عليه من كتاب الله حباً». وزادت: «غداً لن أخاف على عمري، فيقيني أكيد أنني سأجني ثمرتي من طفلي كما جنت أم اليتيمات السبع، وسيتذكرني بما تذكرته به»، متمنية أن يحتذي تجربتها. «بعض مما يروى لا يكاد يصدق» كما تقول اختصاصية علم النفس مروة طاهر، إلا أنها تؤكد تأثير قراءة القرآن الكريم على الجنين في بطن أمه مبينة، مشيرة إلى أن الجنين في بطن أمه كائن حي يرى ويسمع ويتأثر. وأضافت: «أحياناً تغازل الأم جنينها بقطعة من السكر ليداعبها بحركة تثير غريزة الأم لديها، وهذا جزء من العلاقة بين الأم وطفلها»، مبينة أن «الكثير من التجارب السابقة أثبتت أن قراءة الحبلى لما تيسر من القرآن الكريم والبعض من الأدعية المأثورة، يسهم في إدخال الجنين في حال من الهدوء النفسي». ولفتت إلى أن هذا جزء من تربية الأم للطفل في مراحله التي تسبق نظرته للحياة. وذكرت أن العكس صحيح، فتعرض الطفل للضجيج يستفز هدوءه ويعرضه للقلق».