الدراما السورية من نوع مغاير في شهر الصوم. للمسلسلات أبطال جدد، ووجوه جديدة لن نرى ملامحها، ذكورية في الغالب، بعضها اعتاد منذ زمن طويل التمثيل والإلقاء المسرحي منه أكثر من التلفزيوني، وستتاح له هنا الفرصة مرة أخرى لإظهار مواهبه الدفينة على العلن، وبعضها الآخر أكثر شباباً وأقل خبرة يجرب حظه في الارتجال، ويبذل جهداً جباراً لإسماع صوته وفرض صورته من الخلف، من الأعلى من البعيد من كل ناحية، إلا مواجهة من الأمام. المسلسلات السورية في رمضان هذا العام، ستتجاوز حلقاتها الثلاثين وستكون الأكثر درامية في تاريخ الدراما السورية. لن تقطع الإعلانات البغيضة مشاهدها، ستقطعها أشياء أخرى أكثر بغضاً، رصاصة غير طائشة اصابت المصور، ملاحقة غير منتظرة أوقعت بالممثل، اقتحام مفاجئ للمشهد من عناصر مندسة لم يحسب لها السيناريو حساباً. ستبتعد الدراما السورية الرمضانية عن واقعيتها رغماً عنها هذا العام، ستفرض عليها السوريالية أسلوباً، في التصوير خصوصاً. لن تتميز الصورة بتكوينها الفني الذي عُرفت به، لن تراعى فيها التفاصيل كالعادة. ستؤخذ اللقطات ورِبة، من فوق، من الوراء خصوصاً، ستبدو لاهثة مهتزة، عتمة، أبطالها أشباح تركض، تتهاوى. لن يتحلى حوار «الدراما» السورية هذا العام بخفة الروح المعهودة، سيختفي تماماً ربما، ستثقله على الأغلب موسيقى تصويرية هادرة ستفرض صداها الرنان دون تنوع يذكر مع أثر أكيد. الفنيون السوريون سيبرعون أخيراً في تحضير مشاهد طالما عانوا في المسلسلات السابقة في تنفيذها وفشلوا فشلاً ذريعاً، سيتفوقون وأخيراً في مشاهد «الأكشن»، فحتى تلك التي لا تصدق لن تبدو مفتعلة بعد الآن. ستصاحب بداية المسلسلات «الجينيريك» أغنيات بل عراضات نغماتها معروفة وكلماتها محفوظة من المشاهدين، سيكون الحب الخائب والمؤامرة والشجاعة مواضيع والنهاية المفتوحة اختياراً. أما مسلسلات الوجوه المألوفة للدراما السورية التي ما زالت تملأ الشاشات المعتادة، فسيحتار المتفرج كل حسب موقعه، مسلسل من سيتابع؟ هل سيتابع تلك التي سبق له وانتقد أبطالها؟ هل سيرى فيهم ذئباً أم حملاً؟ هل سيكون بمقدوره أن يكون حيادياً تجاههم ويفصل أدوارهم عن أقوالهم؟ تصريحاتهم؟ هل سيتابع هؤلاء الذين صدم بمواقفهم؟ لعله سيعلن المقاطعة من البدء حتى لهؤلاء الذين أحبهم، فالوقت ليس لهم الآن.